الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: بحث في الحقوق الزوجية في الإسلام الأحد مارس 03, 2013 4:39 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا – النساء 1
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ – الروم 21
ومعنى: "خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها" "أزواجا" أي نساء تسكنون إليها. "من أنفسكم" أي من نطف الرجال ومن جنسكم. وقيل: المراد حواء، خلقها من ضلع آدم؛ قاله قتادة. "وجعل بينكم مودة ورحمة" المودة والرحمة عطف قلوبهم بعضهم على بعض. وقال السدي: المودة: المحبة، والرحمة: الشفقة؛ وروي معناه عن ابن عباس قال: المودة حب الرجل امرأته، والرحمة رحمته إياها أن يصيبها بسوء.
وهذه آية من آيات فطرة الله في خلقه وهي ماتعتمد عليه المرأة في ترك أبويها وأخوتها وسائر أهلها بالرضا بالإتصال برجل غريب عنها تساهمه السراء والضراء وتكون له زوجة ويكون لها زوجا تسكن اليه ويسكن اليها ويكون بينها المودة والرحمة وهذا ميثاق وعهد فطري من أشد المواثيق وأحكمها
وإنما يفقه هذا المعنى من يتامل الحالة التي تكون بين الرجل والمرأة حيث يجد أن المرأة أضعف من الرجل وأنها تقبل عليه وتسلم نفسها إليه وضمانها في ذلك هو ميثاق من الله وعهده ( وأخذن منكم ميثاقا غليظا )
وقد أفسد على الناس تلك المودة والرحمة وحجبهم عن الموعظة والحكمة وأضعف في نفوس الأزواج والزوجات ذلك السكون والرحمة والمودة أمران :
الاول : غرور الرجال بالقوة وطغيانهم بالغنى وظنهم خطأ أن لهم من الحقوق ما ليس عليهم من واجبات وتأويلهم تفضيل الرجال على النساء تأويلا خاطئا باطلا فإن التفضيل بالقوامة والعدل والرعاية وليس بمجرد كونه رجلا .
والثاني : كفران النساء لعشرة الرجال وحفظ السيئة والتمادي في الذم والتبرم وما مضت به عادات الجاهلية والمعاصرين ممن يقلدن مالم يقره الله ورسوله .
إن أكثر المسلمين لاينظر إلى أحكام الدين وحقوق الزوجين إلا لأجل الأمن من المؤاخذة لاليقيم حدود الإسلام وليست به رغبة أكيدة في إعطاء كل ذي حق حقه أو أداء ما عليه من واجب مقابل ماله من حقوق .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا – النساء 19
قوله تعالى: "لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها" اختلفت الروايات وأقوال المفسرين في سبب نزولها؛ فروى البخاري عن ابن عباس "يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن" قال: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوجوها، وإن شاؤوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها فنزلت هذه الآية في ذلك. والمقصود من الآية إذهاب ما كانوا عليه في جاهليتهم، وألا تجعل النساء كالمال يورثن عن الرجال كما يورث المال. والخطاب للأولياء. وقيل: لأزواج النساء إذا حبسوهن مع سوء العشرة طماعية إرثها، أو يفتدين ببعض مهورهن، وهذا أصح.
"إلا أن يأتين بفاحشة مبينة" اختلف الناس في معنى الفاحشة؛ فقال الحسن: هو الزنا، وقال ابن مسعود وابن عباس والضحاك وقتادة: الفاحشة المبينة في هذه الآية البغض والنشوز، وقال قوم: الفاحشة البذاء باللسان وسوء العشرة قولا وفعلا؛ وهذا في معنى النشوز. قوله تعالى: "مبينة" من أبان الشيء، يقال: أبان الأمر بنفسه، وأبنته وبين وبينته
قوله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" أي على ما أمر الله به من حسن المعاشرة. والخطاب للجميع، إذ لكل أحد عشرة، زوجا كان أو وليا؛ ولكن المراد بهذا الأمر في الأغلب الأزواج، وهو مثل قوله تعالى: "فإمساك بمعروف" [البقرة: 229]. وذلك توفية حقها من المهر والنفقة، وألا يعبس في وجهها بغير ذنب، وأن يكون منطلقا في القول لا فظا ولا غليظا ولا مظهرا ميلا إلى غيرها. والعشرة: المخالطة والممازجة
فأمر الله سبحانه بحسن صحبة النساء إذا عقدوا عليهن لتكون أدمة ما بينهم وصحبتهم على الكمال، فإنه أهدأ للنفس وأهنأ للعيش. وهذا واجب على الزوج ولا يلزمه في القضاء. وقال بعضهم: هو أن يتصنع لها كما تتصنع له وقال ابن عباس رضي الله عنه: إني أحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين المرأة لي قال ابن عطية: وإلى معنى الآية ينظر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فاستمتع بها وفيها عوج) أي لا يكن منك سوء عشرة مع اعوجاجها؛ فعنها تنشأ المخالفة وبها يقع الشقاق، وهو سبب الخلع.
ومن هذا المعنى ما ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر) أو قال (غيره). المعنى: أي لا يبغضها بغضا كليا يحمله على فراقها. أي لا ينبغي له ذلك بل يغفر سيئتها لحسنتها ويتغاضى عما يكره لما يحب. وقال مكحول: سمعت ابن عمر يقول: إن الرجل ليستخير الله تعالى فيخار له، فيسخط على ربه عز وجل فلا يلبث أن ينظر في العاقبة فإذا هو قد خير له.
ويقول الشيخ الشعراوي في قوله تعالى ( وعاشروهن بالمعروف )
كلمة المعروف أوسع دائرة من كلمة المودة فالمودة أنك تحسن لمن عندك وداده وترتاح نفسك له إنك فرح به وبوجوده لكن المعروف قد تبذله ولو لم تحبه
فالود يكون عن حب والمعروف ليس من الضروري أن يكون عن حب
الحق يأمرنا أننا يجب أن ننتبه إلى هذه المسائل في أثناء الحياة الزوجية وهذه قضية يجب أن يتنبه لها المسلمون جميعا إنهم يريدون أن يبنوا البيوت على المودة والحب فلو لم تكن المودة والحب في البيت لخرب البيت نقول لهم لا بل عاشروهن بالمعروف حتى لو لم تحبوهن وقد يكون السبب الوحيد أنك تكره المرأة لإن شكلها لايثير غرائزك ياهذا أنت لم تفهم عن الله ليس المفروض في المرأة أن تثير غرائزك ولكن المفروض فيها أن تكون مصرفا إن هاجت غريزتك بطبيعتها وجدت لها مصرفا ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا رأى أحدكم امرأة حسناء فأعجبته فليأت أهله فإن البضع واحد ومعها مثل الذي معها )
وجاء رجل إلى سيدنا عمر وقال يا أمير المؤمنين أنا كاره لأمرتي وأريد أن أطلقها قال له : أولم تبن البيوت إلا على الحب فأين القيم ؟
لقد ظن الرجل أن امرأته ستظل طول عمرها خاطفة لقلبه ويدخل كل يوم ليقبلها فيلفته سيدنا عمر إلى أن هذه مسألة وجدت أولا وبعد ذلك تنبت في الاسرة أشياء تربط الرجل بالمرأة وتربط المرأة بالرجل .
ولذلك يقول الحق ( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) أنت كرهتها في زاوية وقد تكون الزاوية التي كرهتها فيها هي التي ستجعلها تحسن في عدة زوايا لكي تعوض بإحسانها في الزوايا الاخرى هذه الزاوية الناقصة فلا تبن المسألة على أنك تريد امرأة عارضة أزياء لتثير غرائزك لكن هناك مسائل أخرى كثيرة .
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا – النساء 34
قوله تعالى: "الرجال قوامون على النساء" أي يقومون بالنفقة عليهن والذب عنهن والآية نزلت في سعد بن الربيع نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن خارجة بن أبي زهير فلطمها؛ فقال أبوها: يا رسول الله، أفرشته كريمتي فلطمها ! فقال عليه السلام: (لتقتص من زوجها). فانصرفت مع أبيها لتقتص منه، فقال عليه السلام: (ارجعوا هذا جبريل أتاني) فأنزل الله هذه الآية؛ فقال عليه السلام: (أردنا أمرا وأراد الله غيره). وفي رواية أخرى: (أردت شيئا وما أراد الله خير). ونقض الحكم الأول. وقد قيل: إن في هذا الحكم المردود نزل "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه" [طه: 114].
قيل للرجال زيادة قوة في النفس والطبع ما ليس للنساء؛ لأن طبع الرجال فيه قوة وشدة، وطبع النساء فيه معنى اللين والضعف؛ فجعل لهم حق القيام عليهن بذلك، وبقوله تعالى: "وبما أنفقوا من أموالهم".
ودلت هذه الآية على تأديب الرجال نساءهم، فإذا حفظن حقوق الرجال فلا ينبغي أن يسيء الرجل عشرتها. و"قوام" فعال للمبالغة؛ من القيام على الشيء وحفظه بالاجتهاد. فقيام الرجال على النساء هو على هذا الحد؛ وهو أن يقوم بتدبيرها وتأديبها وإمساكها في بيتها ومنعها من البروز، وأن عليها طاعته وقبول أمره ما لم تكن معصية؛ وتعليل ذلك بالفضيلة والنفقة والعقل والقوة في أمر الجهاد والميراث والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فهم العلماء من قوله تعالى: "وبما أنفقوا من أموالهم" أنه متى عجز عن نفقتها لم يكن قواما عليها، وإذا لم يكن قواما عليها كان لها فسخ العقد؛ لزوال المقصود الذي شرع لأجله النكاح. وفيه دلالة واضحة من هذا الوجه على ثبوت فسخ النكاح عند الإعسار بالنفقة والكسوة؛ وهو مذهب مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يفسخ؛ لقوله تعالى: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة" [البقرة: 280]
قوله تعالى: "فالصالحات قانتات حافظات للغيب" هذا كله خبر، ومقصوده الأمر بطاعة الزوج والقيام بحقه في ماله وفي نفسها في حال غيبة الزوج. وفي مسند أبي داود الطيالسي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك) قال: وتلا هذه الآية "الرجال قوامون على النساء" إلى آخر الآية. وقال صلى الله عليه وسلم لعمر: (ألا أخبرك بخير ما يكنزه المرء المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته "أخرجه أبو داود. و"ما" في قوله: "بما حفظ الله" مصدرية، أي بحفظ الله لهن
قوله تعالى: "واللاتي تخافون نشوزهن" اللاتي جمع التي وقد تقدم. قال ابن عباس: تخافون بمعنى تعلمون وتتيقنون. وقيل هو على بابه. والنشوز العصيان؛ مأخوذ من النشز، وهو ما ارتفع من الأرض. يقال: نشز الرجل ينشز وينشز إذا كان قاعدا فنهض قائما؛ ومنه قوله عز وجل: "وإذا قيل انشزوا فانشزوا" [المجادلة: 11] أي ارتفعوا وانهضوا إلى حرب أو أمر من أمور الله تعالى. فالمعنى: أي تخافون عصيانهن وتعاليهن عما أوجب الله عليهن من طاعة الأزواج. وقال أبو منصور اللغوي: النشوز كراهية كل واحد من الزوجين صاحبه؛ يقال: نشزت تنشز فهي ناشز وهي السيئة للعشرة. وقال ابن فارس: ونشزت المرأة استصعبت على بعلها، ونشز بعلها عليها إذا ضربها وجفاها.
قوله تعالى: "فعظوهن" أي بكتاب الله؛ أي ذكروهن ما أوجب الله عليهن من حسن الصحبة وجميل العشرة للزوج، والاعتراف بالدرجة التي له عليها، ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها). وقال: (لا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب). وقال: (أيما امرأة باتت هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح) في رواية (حتى تراجع وتضع يدها في يده). وما كان مثل هذا.
قوله تعالى: "واهجروهن في المضاجع" والهجر في المضاجع هو أن يوليها ظهره ولا يجامعها؛ فإن الزوج إذا أعرض عن فراشها فإن كانت محبة للزوج فذلك يشق عليها فترجع للصلاح، وإن كانت مبغضة فيظهر النشوز منها؛ فيتبين أن النشوز من قبلها. وهذا الهجر غايته عند العلماء شهر؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين أسر إلى حفصة فأفشته إلى عائشة، وتظاهرتا عليه. ولا يبلغ به الأربعة الأشهر التي ضرب الله أجلا عذرا للمولي.
قوله تعالى: "واضربوهن" أمر الله أن يبدأ النساء بالموعظة أولا ثم بالهجران، فإن لم ينجعا فالضرب؛ فإنه هو الذي يصلحها له ويحملها على توفية حقه. والضرب في هذه الآية هو ضرب الأدب غير المبرح، وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة كاللكزة ونحوها؛ فإن المقصود منه الصلاح لا غير. فلا جرم إذا أدى إلى الهلاك وجب الضمان، وكذلك القول في ضرب المؤدب غلامه لتعليم القرآن والأدب. وفي صحيح مسلم: (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح) الحديث. أي لا يدخلن منازلكم أحدا ممن تكرهونه من الأقارب والنساء الأجانب. قال عليه الصلاة والسلام: (أضربوا النساء إذا عصينكم في معروف ضربا غير مبرح). قال عطاء: قلت لابن عباس ما الضرب غير المبرح ؟ قال بالسواك ونحوه. وروي أن عمر رضي الله عنه ضرب امرأته فعذل في ذلك فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يسأل الرجل فيم ضرب أهله )
قوله تعالى: "فإن أطعنكم" أي تركوا النشوز. "فلا تبغوا عليهن سبيلا" أي لا تجنوا عليهن بقول أو فعل. وهذا نهي عن ظلمهن بعد تقرير الفضل عليهن والتمكين من أدبهن. وقيل: المعنى لا تكلفوهن الحب لكم فإنه ليس إليهن.
قوله تعالى: "إن الله كان عليا كبيرا" إشارة إلى الأزواج بخفض الجناح ولين الجانب؛ أي إن كنتم تقدرون عليهن فتذكروا قدرة الله؛ فيده بالقدرة فوق كل يد. فلا يستعلي أحد على امرأته فالله بالمرصاد فلذلك حسن الاتصاف، هنا بالعلو والكبر.
وإذا ثبت هذا فاعلم. أن الله عز وجل لم يأمر في شيء من كتابه بالضرب صراحا إلا هنا وفي الحدود العظام؛ فساوى معصيتهن بأزواجهن بمعصية الكبائر، وولى الأزواج ذلك دون الأئمة، وجعله لهم دون القضاة بغير شهود ولا بينات ائتمانا من الله تعالى للأزواج على النساء. قال المهلب: إنما جوز ضرب النساء من أجل امتناعهن على أزواجهن في المباضعة. واختلف في وجوب ضربها في الخدمة، والقياس يوجب أنه إذا جاز ضربها في المباضعة جاز ضربها في الخدمة الواجبة للزوج عليها بالمعروف. وقال ابن خويز منداد. والنشوز يسقط النفقة وجميع الحقوق الزوجية، ويجوز معه أن يضربها الزوج ضرب الأدب غير المبرح، والوعظ والهجر حتى ترجع عن نشوزها، فإذا رجعت عادت حقوقها؛ وكذلك كل ما اقتضى الأدب فجائز للزوج تأديبها. ويختلف الحال في أدب الرفيعة والدنيئة؛ فأدب الرفيعة العذل، وأدب الدنيئة السوط. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رحم الله امرأ علق سوطه وأدب أهله).
تفصيل بعض الحقوق والآداب في العشرة بين الأزواج :
الطاعة :
عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ – الترمذي
قَوْلُهُ : ( لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ) أَيْ لِكَثْرَةِ حُقُوقِهِ عَلَيْهَا وَعَجْزِهَا عَنْ الْقِيَامِ بِشُكْرِهَا . وَفِي هَذَا غَايَةُ الْمُبَالَغَةِ لِوُجُوبِ إِطَاعَةِ الْمَرْأَةِ فِي حَقِّ زَوْجِهَا فَإِنَّ السَّجْدَةَ لَا تَحِلُّ لِغَيْرِ اللَّهِ .
قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يامعشر النساء اتقين الله والتمسن مرضاة أزواجكن فإن المرأة لو تعلم ما حق زوجها لم تزل قائمة ما حضر غذاؤه وعشاؤه )
قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لاينظر الله إلى إمرأة لاتشكر لزوجها وهي لاتستغنى عنه )
وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إن فجور المرأة الفاجرة كفجور ألف فاجر وإن بر المؤمنة كعمل سبعين صديقا )
وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أول ما تسأل المرأة يوم القيامة عن صلاتها ثم عن بعلها كيف عملت إليه )
وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة )
وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها أدخلي الجنة من أي ابواب الجنة شئت )
وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أيما امرأة قعدت على بيت أولادها فهي معي في الجنة )
قال رجل لرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إن لى امرأة إذا دخلت عليها قالت لى مرحبا بسيدي وسيد أهل بيتي وإذا رأتني حزينا قالت ما يحزنك الدنيا وقد كفيت أمر الآخرة قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أخبرها أنها عاملة من عمال الله ولها نصف أجر المجاهد )
مسؤلية البيت مسندة بحكم الله تعالى إلى الرجل وهو المسؤل والمحاسب عليها فتجب له الطاعة من الزوجة بشرط أن لا يأمر بما حرم الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فإذا قامت الزوجة له بذلك فلا سبيل له عليها يقول الله تعالى ( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) ويجب ألا يأمر الرجل امرأته إلا بما تطيق وليعلم أنه محاسب عن أهله ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته )
فعلي الزوجة طاعة الزوج مطلقاً في كل ما طلب منها في نفسها مما لا معصية فيه، وقد ورد في تعظيم حق الزوج عليها وطاعته أخبار كثيرة. قال : «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الجَنَّةَ» وكان رجل قد خرج إلى سفر وعهد إلى امرأته أن لا تنزل من العلو إلى السفل وكان أبوها في الأسفل، فمرض فأرسلت المرأة إلى رسول الله تستأذن في النزول إلى أبـيها،فقال : «أَطِيعِي زَوْجَكِ» فمات فاستأمرته فقال: «أطيعي زوجك» فدفن أبوها فأرسل رسول الله إليها يخبرها أن الله قد غفر لأبـيها بطاعتها لزوجها ، وقال : «إِذَا صَلَّتِ المَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا دَخَلَتْ جَنَّةَ رَبِّهَا» ، وأضاف طاعة الزوج إلى مباني الإسلام؟ وذكر رسول الله النساء فقال: «حَامِلاَتٌ وَالِدَاتٌ رَحِيمَاتٌ بِأَوْلاَدِهِنَّ لَوْلاَ مَا يَأْتِينَ إِلَى أَزْوَاجَهنَّ دَخَلَ مُصَلِّيَاتُهُنَّ الجَنَّةَ» ، وقال : «اطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ» ، فَقُلْنَ: لِمَ يَا رَسُولَ الله؟ قال: «يُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَيَكْفُرْنَ العَشِيرَ» يعني الزوج المعاشر. وفي خبر آخر: «اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَإِذَا أَقَلُّ أَهْلِهَا النِّسَاءُ» ، فقلت: أين النساء؟ قال: «شَغَلَهُنَّ الأَحْمَرَانِ الذَّهَبُ وَالزَّعْفَرَانِ» يعني الحلي ومصبغات الثياب. وقالت عائشة رضي الله عنها: أتت فتاة إلى النبـي فقالت: يا رسول الله إني فتاة أخطب فأكره التزويج، فما حق الزوج على المرأة؟قال: «لَوْ كَانَ مِنْ فَرْقِهِ إِلَى قَدَمِهِ صَدِيداً فَلَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ شُكْرَهُ» قالت: أفلا أتزوّج؟ قال: «بَلَى تَزَوَّجِي فَإِنَّهُ خَيْرٌ» . قال ابن عباس «أتت امرأة من خثعم إلى رسول الله فقالت: إني امرأة أيِّم وأريد أن أتزوج، فما حق الزوج؟ قال: «إِنَّ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ إِذَا أَرَادَهَا فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا وَهِيَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرٍ أَلاَّ تَمْنَعَهُ، وَمِنْ حَقِّهِ أَنْ لاَ تُعْطِي شَيْئاً مِنْ بَـيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، فَإِنْ فَعَلَتْ ذلِكَ كَانَ الوِزْرُ عَلَيْهَا وَالأَجْرُ لَهُ، وَمِنْ حَقِّهِ أَنْ لاَ تَصُومَ تَطَوُّعاً إِلاَّ بِإِذْنِهِ، فَإِنْ فَعَلَتْ جَاعَتْ وَعَطِشَتْ وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهَا، وَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ بَـيْتِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى بَـيْتِهِ أَوْ تَتُوبَ» وقال : «لَوْ أَمَرْتُ أَحَداً أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا» .
عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ كَيْفَ أَنْتِ لَهُ قَالَتْ مَا آلُوهُ إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ قَالَ فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ
حسن الخلق :
وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله )
وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم )
وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى )
وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لايفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر )
واحتمال الأذى منهن ترحماً عليهن وقال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بالمَعْرُوفِ} وقال في تعظيم حقهن: {وأخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً} وقال: {والصَّاحِبِ بالجَنْبِ} قيل: هي المرأة. وآخر ما وصى به رسول الله ثلاث كان يتكلم بهم حتى تلجلج لسانه وخفي كلامه: جعل يقول: «الصَّلاَةَ الصَّلاَةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ لاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا لاَ يُطِيقُونَ. الله الله فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ عَوَان فِي أَيْدِيكُمْ ـ يعني أسراء ـ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ الله وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ الله» . وقال عليه السلام: «مَنْ صَبَرَ عَلَى سُوءِ خُلُقِ امْرَأَتِهِ أَعْطَاهُ الله مِنَ الأَجْرِ مِثْلَ مَا أُعْطِيَ أَيُّوبُ عَلَى بَلاَئِهِ، وَمَنْ صَبَرَتْ عَلَى سُوءِ خُلُقِ زَوْجِهَا أَعْطَاهَا الله مِثْلَ ثَوَابِ آسِيَةَ امْرَأَةِ فِرْعَونَ» . واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها والحلم عند طيشها وغضبها، اقتداء برسول الله ، فقد كانت أزواجه تراجعنه، وتهجره الواحدة منهن يوماً إلى الليل . وراجعت امرأة عمر رضي الله عنه عمر في الكلام فقال: أتراجعيني يا لكعاء، فقالت: إنّ أزواج رسول الله يراجعنه وهو خير منك ، فقال عمر: خابت حفصة وخسرت إن راجعته، ثم قال لحفصة: لا تغتري بابنة ابن أبـي قحافة فإنها حِبُّ رسول الله وخوّفها من المراجعة. وروي أنه دفعت إحداهن في صدر رسول الله فزبرتها أمها، فقال عليه السلام: «دَعِيهَا فَإِنَّهُنَّ يَصْنَعْنَ أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ» . وجرى بـينه وبـين عائشة كلام حتى أدخلا بـينهما أبا بكر رضي الله عنه حكماً واستشهده، فقال لها رسول الله : «تَكَلَّمِينَ أَوْ أَتَكَلَّمُ» ؟ فقالت: بل تكلم أنت ولا تقل إلا حقاً، فلطمها أبو بكر حتى دمى فوها وقال: يا عدية نفسها، أو يقول غير الحق فاستجارت برسول الله وقعدت خلف ظهره، فقال له النبـي : «لَمْ نَدْعُكَ لِهذَا وَلاَ أَرَدْنَا مِنْكَ هذَا» وقالت له مرة في كلام غضبت عنده: أنت الذي تزعم أنك نبـي الله، فتبسم رسول الله واحتمل ذلك حلماً وكرماً . وكان يقول لها «إِنِّي أَعْرِفُ غَضَبَكِ مِنْ رِضَاكِ» . قالت: وكيف تعرفه؟ قال: «إِذَا رَضِيتِ قُلْتِ: لاَ وَإِلهِ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا غَضِبْتِ قُلْتِ: لاَ وَإِلهِ إِبْرَاهِيمَ» قالت: «صدقت إنما أهجر اسمك» ويقال: إنّ أول حب وقع في الإسلام حب النبـي لعائشة رضي الله عنها . وكان يقول لها: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِـي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ، غَيْرَ أَنِّي لاَ أُطَلِّقُكِ» ، وكان يقول لنسائه: «لاَ تُؤْذُونِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَالله مَا نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرَهَا» وقال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله أرحم الناس بالنساء والصبـيان .
وكذلك أن يزيد على احتمال الأذى بالمداعبة والمزح والملاعبة، فهي التي تطيب قلوب النساء، وقد كان رسول الله يمزح معهن وينزل إلى درجات عقولهن في الأعمال والأخلاق، حتى روي أنه كان يسابق عائشة في العدو فسبقته يوماً، وسبقها في بعض الأيام، فقال عليه السلام: «هذِهِ بِتِلْكَ» . وفي الخبر: أنه كان من أفكه الناس مع نسائه . وقالت عائشة رضي الله عنها: «سمعت أصوات أناس من الحبشة وغيرهم وهم يلعبون في يوم عاشوراء، فقال لي رسول الله : «أَتُحِبِّـينَ أَنْ تَرَيْ لُعَبَهُمْ؟» قالت: قلت نعم، فأرسل إليهم فجاؤوا، وقام رسول الله بـين البابـين، فوضع كفه على الباب ومد يده ووضعت ذقني على يده وجعلوا يلعبون وأنظر، وجعل رسول الله يقول: «حَسْبُكِ» وأقول اسكت مرتين أو ثلاثاً، ثم قال: «يَا عَائِشَة حَسْبُكِ» فقلت: نعم، فأشار إليهم فانصرفوا» . فقال رسول الله : «أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ» وقال عليه السلام: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِنِسَائِي» وقال عمر رضي الله عنه مع خشونته: ينبغي للرجل أن يكون في أهله مثل الصبـي، فإذا التمسوا ما عنده وجد رجلاً. وقال لقمان رحمه الله: ينبغي للعاقل أن يكون في أهله كالصبـي، وإذا كان في القوم وجد رجلاً. وفي تفسير الخبر المروي: «إن الله يبغض الجعظري الجوّاظ » قيل: هو الشديد على أهله المتكبر في نفسه، وهو أحد ما قيل في معنى قوله تعالى: {عُتُلَ} قيل: العتل: هو الفظّ اللسان الغليظ القلب على أهله. وقال عليه السلام لجابر: «هَلاَّ بِكْراً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ» . ووصفت أعرابـية زوجها وقد مات فقالت: والله لقد كان ضحوكاً إذا ولج، سكيتاً إذا خرج،آكلاً ما وجد. غير مسائل عما فقد.
ويجب أن لا يتبسط في الدعابة وحسن الخلق والموافقة باتباع هواها إلى حد يفسد خلقها ويسقط بالكلية هيبته عندها، بل يراعي الاعتدال فيه فلا يدع الهيبة والانقباض مهما رأى منكراً، ولا يفتح باب المساعدة على المنكرات البتة، بل مهما رأى ما يخالف الشرع والمروءة تنمر وامتعض. قال الحسن: والله ما أصبح رجل يطيع امرأته فيما تهوى إلا كبَّه الله في النار. وقال عمر رضي الله عنه: خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة. وقد قيل: شاوروهن وخالفوهن. وقد قال عليه السلام: «تَعِسَ عَبْدُ الزَّوْجَةِ» ، وإنما قال ذلك لأنه إذا أطاعها في هواها فهو عبدها وقد تعس فإن الله ملكه المرأة فملكها نفسه فقد عكس الأمر وقلب القضية وأطاع الشيطان لما قال: {ولآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله} إذ حق الرجل أن يكون متبوعاً لا تابعاً، وقد سمى الله الرجال قوّامين على النساء وسمى الزوج سيداً، فقال تعالى: {وألفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى البَابِ} فإذا انقلب السيد مسخراً فقد بدل نعمة الله كفراً، ونفس المرأة على مثال نفسك: إن أرسلت عنانها قليلاً جمحت بك طويلاً، وإن أرخيت عذارها فتراً جذبتك ذراعاً، وإن كبحتها وشدّدت يدك عليها في محل الشدّة ملكتها. وعلى الجملة فبالعدل قامت السموات والأرض، فكل ما جاوز حدّه انعكس على ضدِّه، فينبغي أن تسلك سبـيل الاقتصاد في المخالفة والموافقة وتتبع الحق في جميع ذلك قال عليه السلام: «مَثَلُ المَرْأَةِ الصَّالِحَةِ فِي النِّسَاءِ كَمَثَلِ الغُرَابِ الأَعْصَمِ بَـيْنَ مائَةِ غُرَابٍ» ، والأعصم: يعني الأبـيض البطن. وفي وصية لقمان لابنه: يا بني اتق المرأة السوء فإنها تشيبك قبل الشيب، واتق شرار النساء فإنهن لا يدعون إلى خير، وكن من خيارهن على حذر. وقال عليه السلام: «اسْتَعِيذُوا مِنَ الفَوَاقِرِ الثَّلاَثِ» . وعدّ منهن المرأة السوء فإنها المشيبة قبل الشيب. وفي لفظ آخر: «إِنْ دَخَلْتَ عَلَيْهَا سَبَّتْكَ، وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا خَانَتْكَ» . وقد قال عليه السلام في خيرات النساء: «إِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ» . يعني إن صرفكن أبا بكر عن التقدّم في الصلاة ميل منكن عن الحق إلى الهوى. قال الله تعالى حين أفشين سر رسول الله : {إنْ تَتُوبَا إلى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما} أي مالت. وقال ذلك في خير أزواجه» وقال عليه السلام: «لاَ يُفْلِحُ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمْ امْرَأَةٌ» - من احياء علوم الدين .
النفقات :
عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ أَنْ يُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمَ وَأَنْ يَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَى وَلَا يَضْرِبْ الْوَجْهَ وَلَا يُقَبِّحْ وَلَا يَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ
ومن حديث حجة الوداع ( أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ ) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ
قَوْله ( وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَة عَنْ غَيْر أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَيْهِ شَطْرُهُ ) أَيْ نِصْفه , وَالْمُرَاد نِصْف الْأَجْر
وتشمل النفقة الإطعام والكسوة والسكن والخدمة والعلاج وما يتطلبه المنزل ومستلزمات الحياة المختلفة وكل هذا واجب على الرجل تجاه زوجته إلى جانب أبنائه ولاتكلف المرأة منها شيئا فكما تقوم المرأة بمهمتها داخل البيت يجب أن يقوم الرجل بمهمته خارجه وليس صحيحا ما يقوم به البعض من تكليف المرأة بالعمل للمشاركة في النفقات وتربية الاولاد وتعهد المنزل أيضا ففي هذا جور على المرأة والحد في النفقات هو الضروري من غير كلفة ولامشقة وبما يتناسب وحياة المرأة عند أبيها ومعيشة مثلها من النساء ولايجب على الرجل أي نفقة تستعين بها المرأة على شئ فيه معصية مثل كسوة غير شرعية تستعين بها المرأة على التبرج أو أدوات للزينة للسبب نفسه فإن كان التزين للزوج فلا حرج وإلا فلا يجوز .
ولها أن تلزم الزوج بخادم إن كانت ممن تخدم في بيت أبيها وإلا فلا حق لها في ذلك وكذلك السكن بما يتناسب مع حالهما فلا ضرر ولا ضرار وكذلك يحدد كافة متطلبات الزوجة والبيت بلا إسراف ولا تقتير .
أما إذا كان الزوج معسرا غير قادر على الإنفاق لفقره فلا تجب عليه نفقة لقوله تعالى ( لايكلف الله نفسا إلا وسعها ) وقال ( لايكلف الله نفسا إلا ما آتاها ) وفي هذه الحالة فالزوجة مخيرة إما أن ترضى بالبقاء معه والصبر وإما أن تطلب الطلاق .
وفى حالة شح الزوج ورفضه الإنفاق على زوجته وبيته فلها أن تأخذ من ماله ما يكفيها ويسد حاجتها دون زيادة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ) وإن لم تستطع وكان زوجها موسرا يجبر على النفقة عليها وعلى بنيها .
ولا تجبر الزوجة على العمل والإنفاق على نفسها أو أبنائها حتى ولو كانت ذات مال وإنما الإنفاق من واجبات الزوج فلا يجب على الزوجة ولايحق أن يأخذ الزوج من مال زوجته إلا برضاها وبدون إجبار لها فالمرأة في الاسلام تحتفظ بذمتها المالية منفصلة عن زوجها والحديث ( ليس للمرأة أن تنتهك من مالها شيئا إلا بإذن زوجها إذا ملك عصمتها ) فهذا يدل على أن للرجل أن يمنع زوجته من أنهاك مالها وصرفه بما لايعود عليها بفائدة فهو دال على إرشاد الرجل لزوجته بما فيه صالحها وليس له شيئا من مالها .
ومن الواجب على الزوج الاعتدال في النفقة فلا ينبغي أن يقتر عليهن في الإنفاق، ولا ينبغي أن يسرف، بل يقتصد. قال تعالى: {وَكُلُوا واشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا} وقال تعالى: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ} وقد قال رسول الله ( خيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِه) . وقال : «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِـيلِ الله، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِه عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ: أَعْظَمُهَا أَجْراً الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ» وأهم ما يجب عليه مراعاته في الإنفاق أن يكون من الحلال ولا يدخل مداخل السوء والحرام لأجلها، فإن ذلك جناية على نفسه وعليها لا مراعاة لها .
الوطء ( الجماع ) :
وهو من الحقوق المشتركة لكل من الرجل والمرأة فلا يجوز للمرأة أن تمتنع عن زوجها إذا دعاها وقد سبق في ذلك عدة أحاديث ولإن ذلك فيه عفة الزوج وإنصرافه عن الإنحراف والفحشاء والتطلع لغيرها .
وكذا فمن الواجب على الزوج أن يعف زوجته بحيث لاتتطلع إلى غيره يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وإن لزوجك عليك حقا )
ولا حد لأكثر الجماع وأقله وإنما في حالات النزاع حدد بعض الفقهاء عدد مرات الجماع بمرة في كل طهر وبعضهم بمرة كل اربعة أيام .
وطلب الجماع من الرجل والمرأة لاينافي الحياء لأن ذلك من مقاصد الزواج .
ولذا أوجب الإسلام على الزوجة أن لاتأتى بالسنن من صلاة وصوم وغيرها إلا بإذن الزوج إن كان حاضرا لئلا يكون به رغبة في الوطء وكذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل من مواصلة القيام والصوم متجاهلا حاجة زوجته إلى الجماع وإلى أن تعف نفسها .
وكذلك وجب على كل منهم زوجا وزوجة أن يتزين للآخر ويتجمل له ولكنه آكد في حق الزوجة أكثر .
آداب الجماع من أحياء علوم الدين للغزالي:
ويستحب أن يبدأ؛ باسم الله تعالى ويقرأ قل هو الله أحد أولاً ويكبّر ويهلل ويقول: بسم الله العلي العظيم. اللهم اجعلها ذرية طيبة إن كنت قدرت أن تخرج ذلك من صلبـي. وقال عليه الصلاة والسلام: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ: اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنْ كَانَ بَـيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ» وإذا قربت من الإنزال فقل في نفسك ولا تحرك شفتيك: الحمد لله الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً. وكان بعض أصحاب الحديث يكبر حتى يسمع أهل الدار صوته، ثم ينحرف عن القبلة ولا يستقبل القبلة بالوقاع إكراماً للقبلة، وليغط نفسه وأهله بثوب: كان رسول الله يغطي رأسه ويغض صوته ويقول للمرأة: «عَلَيْكِ بَالسَّكِينَةِ» . وفي الخبر: «إِذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلاَ يَتَجَرَّدَانِ تَجَرُّدَ العَيْرِيْنَ» أي الحمارين، وليقدم التلطف بالكلام والتقبـيل. قال : «لاَ يَقَعَنَّ أَحَدُكُمْ عَلَى امْرَأَتِهِ كَمَا تَقَعُ البَهِيمَةُ، وَلْيَكُنْ بَـيْنَهُمَا رَسُولٌ» . قيل: وما الرسول يا رسول الله؟ قال «القُبْلَةُ وَالكَلاَمُ» . وقال : «ثَلاَثٌ مِنَ العَجْزِ فِي الرَّجُلِ: أَنْ يَلْقَى مَنْ يُحِبُّ مَعْرِفَتَهُ فَيُفَارِقَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ، وَالثَّانِي: أَنْ يُكْرِمَهُ أَحَدٌ فَيَرُدَّ عَلَيْهِ كَرَامَتَهُ، وَالثَّالِثُ: أَنْ يُقَارِبَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فَيُصِيبَهَا قَبْلَ أَنْ يُحَدِّثَهَا وَيُؤَانِسَهَا، وَيُضَاجِعَهَا فَيَقْضِي حَاجَتَهُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَقْضِي حَاجَتَهَا مِنْهُ» ويكره له الجماع في ثلاث ليال من الشهر: الأول،والآخر، والنصف. يقال: إن الشيطان يحضر الجماع في هذه الليالي، ويقال: إن الشياطين يجامعون فيها، وروي كراهة ذلك عن علي ومعاوية وأبـي هريرة رضي الله عنهم،ومن العلماء من استحب الجماع يوم الجمعة وليلته تحقيقاً لأحد التأويلين من قوله : «رَحِمَ الله مَنْ غَسَلَ وَاغْتَسَلَ» الحديث. ثم إذا قضى وطره فليتمهل على أهله حتى تقضي هي أيضاً نهمتها، فإن إنزالها ربما يتأخر فيهيج شهوتها، ثم القعود عنها إيذاء لها، والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافر مهما كان الزوج سابقاً إلى الإنزال، والتوافق في وقت الإنزال ألذ عندها ليشتغل الرجل بنفسه عنها، فإنها ربما تستحي. وينبغي أن يأتيها في كل أربع ليال مرة فهو أعدل، إذ عدد النساء أربعة فجاز التأخير إلى هذا الحد، نعم ينبغي أن يزيد أو ينقص بحسب حاجتها في التحصين، فإن تحصينها واجب عليه، وإن كان لا يثبت المطالبة بالوطء فذلك لعسر المطالبة والوفاء بها، ولا يأتيها في المحيض، ولا بعد انقضائه وقبل الغسل، فهو محرم بنص الكتاب، وقيل: إن ذلك يورث الجذام في الولد، وله أن يستمتع بجميع بدن الحائض ولا يأتيها في غير المأتي، إذ حرم غشيان الحائض لأجل الأذى، والأذى غير المأتي دائم فهو أشد تحريماً من إتيان الحائض. وقوله تعالى: {فأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أي أي وقت شئتم، وله أن يستمني بـيديها، وأن يستمتع بما تحت الإزار بما يشتهي سوى الوقاع. وينبغي أن تتزر المرأة بإزار من حقوها إلى فوق الركبة في حال الحيض، فهذا من الأدب، وله أن يؤاكل الحائض، ويخالطها في المضاجعة وغيرها، وليس عليه اجتنابها، وإن أراد أن يجامع ثانياً بعد أخرى فليغسل فرجه أولاً، وإن احتلم فلا يجامع حتى يغسل فرجه أو يبول، ويكره الجماع في أول الليل حتى لا ينام على غير طهارة، فإن أراد النوم أو الأكل فليتوضأ أولاً وضوء الصلاة فذلك سنة. قال ابن عمر: قلت للنبـي : أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: «نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ» . ولكن قد وردت فيه رخصة. قالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبـي ينام جنباً لم يمس ماء» ومهما عاد إلى فراشه فليمسح وجه فراشه أو لينفضه، فإنه لا يدري ما حدث عليه بعده، ولا ينبغي أن يحلق أو يقلم أو يستحد أو يخرج الدم أو يبـين من نفسه جزءاً وهو جنب، إذ ترد إليه سائر أجزائه في الآخرة فيعود جنباً، ويقال: إن كل شعرة تطالبه بجنابتها ومن الآداب أن لا يعزل، بل لا يسرح إلا إلى محل الحرث وهو الرحم، فما من نسمة قدر الله كونها إلا وهي كائنة . هكذا قال رسول الله ، فإن عزل فقد اختلف العلماء في إباحته وكراهته على أربع مذاهب، فمن مبـيح مطلقاً بكل حال، ومن محرم بكل حال، ومن قائل يحل برضاها ولا يحل دون رضاها، وكأن هذا القائل يحرم الإيذاء دون العزل، ومن قائل يباح في المملوكة دون الحرة. والصحيح عندنا أن ذلك مباح .
تربية الاولاد :
وهو حق لايمكن لأحد من الطرفين ( الزوج أو الزوجة ) أن يسقط حق الآخر فيه فللرجل حق التأديب والرعاية وللأم حق رعاية أطفالها ورعاية شئونهم .
الإنتقال مع الزوج :
من حق الزوج على زوجته أن تنتقل معه إلى بيته الذي أعده لها مادام لائقا وتوفرت فيه أسباب المعيشة وإن إنتقل الزوج من بلد إلى آخر فإن الزوجة ملزمة بالإنتقال معه بشرط أن يكون الزوج مأمونا عليها وأن يكون المكان الذي تنتقل إليه مأمونا فيه على الزوجة وعلى دينها ونفسها
واشترط البعض أن يمكن للزوجة الإتصال بأهلها واتصالهم بها للإطمئنان عليها .
والسكن واجب الزوج لزوجته وحق لها السكن المستقل فإن إتفق الزوجان على الاقامة مع أهله أو أهلها جاز ذلك وإلا فيجب على الزوج أن يهيئ لزوجته مسكنا مناسبا لها .
الخدمة :
عن عَلِيٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُ فَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِسَبْيٍ فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تُوَافِقْهُ فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ فَأَتَانَا وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ فَقَالَ عَلَى مَكَانِكُمَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي فَقَالَ أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ.
وفي هذا الحديث دليل على خدمة أحدى أفضل النساء وهي السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج علي بن ابي طالب رضي الله عنه كانت تقوم بخدمة بيتها وأنها حين طلبت خادما يخدمها دلها رسول الله صلى الله عليه وسلم الى هذا التسبيح .
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوكٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ إِخْ إِخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ قَالَتْ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي .
وَالنَّاضِح وَهُوَ الْجَمَل قَوْله ( وَأَسْتَقِي الْمَاء ) أَيْ وَأَسْقِي الْفَرَس أَوْ النَّاضِح الْمَاء قَوْله ( وَأَخْرِز ) بِخَاءِ مُعْجَمَة ثُمَّ رَاءٍ ثُمَّ زَاي ( غَرْبه ) هُوَ الدَّلْو . قَوْله ( وَأَعْجِن ) أَيْ الدَّقِيق قَوْله ( وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِن أَخْبِز فَكَانَ يَخْبِز جَارَات لِي ) فِي رِوَايَة مُسْلِم " فَكَانَ يَخْبِز لِي قَوْله ( وَكُنَّ نِسْوَة صَدْقٍ ) أَضَافَتْهُنَّ إِلَى الصِّدْق مُبَالَغَة فِي تَلَبُّسهنَّ بِهِ فِي حُسْن الْعِشْرَة وَالْوَفَاء بِالْعَهْدِ . قَوْله ( وَكُنْت أَنْقُل النَّوَى مِنْ أَرْض الزُّبَيْر الَّتِي أَقْطَعهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) الْأَرْض الْمَذْكُورَة مِمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله مِنْ أَمْوَال بَنِي النَّضِير , وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوَائِل قُدُومه الْمَدِينَة قَوْله ( وَهِيَ مِنِّي ) أَيْ مِنْ مَكَان سُكْنَاهَا . قَوْله ( فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ إِخْ إِخْ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَسُكُون الْخَاء , كَلِمَة تُقَال لِلْبَعِيرِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُنِيخهُ . قَوْله ( لِيَحْمِلنِي خَلْفه ) كَأَنَّهَا فَهِمَتْ ذَلِكَ مِنْ قَرِينَة الْحَال , وَإِلَّا فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يُرْكِبهَا وَمَا مَعَهَا وَيَرْكَب هُوَ شَيْئًا آخَر غَيْر ذَلِكَ . قَوْله ( فَاسْتَحْيَيْت أَنْ أَسِير مَعَ الرِّجَال ) هَذَا بَنَتْهُ عَلَى مَا فَهِمَتْهُ مِنْ الِارْتِدَاف , وَإِلَّا | |
|