الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: بقلم:د.أحمد عبد الرحيم العقل ومكانته في الإسلام الأحد أبريل 28, 2013 9:15 pm | |
|
بقلم:د.أحمد عبد الرحيم العقل ومكانته في الإسلام _______________________
إن من أعظم ما أتى به الإسلام هو تكريم العقل ، فلقد أعلى من منزلته وكرمه حين جعله مناط التكليف عند الإنسان، و به تم تفضيله من قبل الله تعالى على سائر المخلوقات ، ثم رفع هذا التكريم اكثر حينما دعاه إلى التأمل والنظر في نفسه، ثم إلى ما حوله من الكون والمخلوقات ، وما ذلك إلا للاتعاظ والاعتبار ، حتى يتعلم كيف يسخر أنعم الله جميعها وكيفية الاستفادة منها فيما يخدم حاجياته ، وكرمه أيضا حين الزمه مدارك تجنب الإنزلاق فيما قد يسيء له ويعمل على ذهاب قوته وجهده بمعنى انه كرمه بالحفاظ على قوته وقدراته ، وفيما يلى بعض الملامح في تكريم الشارع للعقل : . وتفصيل هذه الجمل في الآتي:- 1. لقد احتبى الله ذوي العقول بالمعرفة الواضحة للمقاصد المرجوة من العبادة وما يستبين من حكم التشريع الرباني ، فقد قال الله تعالى بعد ذكر بعضا من أحكام الحج -: { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى واتقون ياأولى الألباب} البقرة (197). وفي نفس السياق ايضا يؤكد على هذا المعنى عقب ذكر أحكام القصاص فقال تعالى : {ولكم في القصاص حيوة ياأولى الألباب} البقرة (179). 2. الإمتنان على ذوي العقول السليمة بانتفاعهم بما يتلى عليهم من المواعظ والتذكرة والقصص قال تعالى: {ومايذكر إلاأولوا الألباب} البقرة (269). وقال أيضا : {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} يوسف (111). وقال في موطن أخر: {ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون} العنكبوت (35). 3. إصتفائهم دون غيرهم بأسمى العبادات وهي التأمل في ملكوت الله تعالى والتدبر في آلائه ، وإلتزام ذكره ، ومتابعته ومراقبته في السر والعلن ، والتوجه له وحده في عبادته، قال تعالى : {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيت لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض} إلى أن قال عز وجل : {إنك لاتخلف الميعاد} آل عمران (190-194). وعلى النقيض من ذلك إذا ما نظرنا إلى أصحاب المذاهب الضالة في العقل ومداركه ، فنجد أن منهم من اعتمد العقل سبيله الوحيد إلى بلوغ الحق واليقين، وهو في ذات الوقت يعرض عن الوحي الإلهي بالكلية هو ما عليه الحال في طائفة الفلاسفة، أو إسقاط حكم الوحي عند التعارض -المفترى- كما هو حال المتكلمين، ومنهم من جعل الحق والصواب فيما تشرق به نفسه، و تفيض به روحه، وإن خالف هذا النتاج أحكام العقل الصريحة، أو نصوص الوحي الصحيحة، كما هو حال الصوفية. أما أهل العقول السليمة من أصحاب العلم والإيمان فينظرون في ملكوت خالقهم نظراً يستحضرون من خلاله قوة التذكر والاتعاظ، وصدق الإخلاص في التوجه إلى الخالق الباريء -سبحانه- مع تقرير المتابعة الخالصة للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، وكل ذلك يكون من غير أن يخطر ببال أحدهم ثمة تعارض بين خلق الله وبين كلامه، قال -عز وجل-: {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} الأعراف (54). 4. كما أن الله مدح أصحاب العقول فإنه تعالى في ذات الوقت ذم المقلدين لآبائهم، تقليدا ألغوا معه عقولهم وتنكروا لأحكامها تسليما منهم بما كان يصنع الآباء والأجداد، قال الله تعالى: {وإذا قيل لهم اتبعوا ماأنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه ءاباءنآ أو لو كان ءاباؤهم لايعقلون شيئاً ولايهتدون ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لايعقلون} البقرة (170-171). 5. من عظم تكريم الإسلام للعقل هو تشريع ما يحرم إيذاء هذا العقل وتجريم الاعتداء على عليه مما قد يسبب تعطيله عن إدراك منافعه ومستلزماته ، فعلى سبيل المثال حرم الإسلام على المسلم شرب أي مسكر ومفتر وكل مامن دوره تغيب العقل أو يفسده، قال تعالى : {ياأيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} المائدة (90). وفي نفس السياق عضدت السنة المشرفه ذات المبدأ فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روته أم سلمة رضي الله عنها قالت: ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ )، رواه أبوداود.
6. إن من عظم هذا الدين السمح أنه كما أمر بالحفاظ على العقل من إذهابه بما هو حسي كالمسكر او المفتر فقد شدد الإسلام في النهي عن تناول ماتنكره العقول وتنفر منه مثل الأفكار والمعتقدات ، كالتطير والتشاؤم ، وإعتقاد التأثير في العدوى والأنواء وغيرها، كما حرم إتيان الكهان والسحرة والمشعوذين وغيرهم من أدعياء علم الغيب، كما أنه حرم تعليق التمائم وغيرها من الحروز أو التعلق بها ، فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: (لاعدوى ولاطيرة)، رواه البخاري. وفي رواية عن جابر رضي الله عنه: (لاعدوى ولاغول ولاصفر)، رواه مسلم ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم ": (مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ)، رواه أبوداود. كما روي عن النبي "صلى الله عليه وسلم" أنه قال: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)، رواه مسلم. وفي نفس السياق روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ. قَالَتْ: قُلْتُ لِمَ تَقُولُ هَذَا، وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَتْ عَيْنِي تَقْذِفُ وَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ يَرْقِينِي، فَإِذَا رَقَانِي سَكَنَتْ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّمَا ذَاكَ عَمَلُ الشَّيْطَانِ، كَانَ يَنْخُسُهَا بِيَدِهِ، فَإِذَا رَقَاهَا كَفَّ عَنْهَا، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكِ أَنْ تَقُولِي كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَذْهِبْ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا)، رواه أبوداود. 7. ومن قمة التقدير للعقل أن قيمه الإسلام على نفس درجة الروح وساوى بينهم فكما ان الإسلام قرر الديه في ذهاب الروح بالخطأ ، فقد قرر الإسلام الدية كاملة في حالة التعدي على العقل تعديا يضييع منفعته سواء كان التعدي بضرب أو نحوه، فقد نقل عبدالله بن الإمام أحمد: "سمعت أبي يقول: في العقل دية، يعني إذا ضرب فذهب عقله" قال ابن قدامة: "لانعلم في هذا خلافاً ". فهذه هي قيمة العقل في الإسلام مكانة عظيمة لا تدانيها مكانة ، وهذا يرد على من ادعي دعاوى باطلة بجمود الإسلام ، فالله أسأل أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وان يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
بقلم:د.أحمد عبد الرحيم
| |
|