بقلم/د.أحمد عبد الرحيم اشدد عليك قيد الهوى

بقلم/د.أحمد عبد الرحيم
اشدد عليك قيد الهوى
__________________
إن كثيرا من الناس تراهم أشد حرصا وتحرزا من رشاش النجاسة ولكنهم في ذات الوقت تجدهم لا يتحاشون من الغيبة ، تراهم في حياتهم يكثرون من الصدقة و على النقيض من ذلك لا يبالون بمعاملات الربا ، تراهم يتهجدون بالليل ولكنهم عند تعهدهم لصلاتهم تجدهم يؤخرون الفريضة عن الوقت ، تراهم في أشياء قد يطول عدها يعملون على حفظ الفروع و وفي ذات الوقت تضييع الأصول ، فتأملت ما السبب وراء ذلك ، فوجدته ينبع من شيئين : أحدهما العادة ، و أما الثاني فهو غلبة الهوى في تحصيل المراد ، فإنه قد يغلب على الإنسان فلا يترك سمعاً و لا بصراً ، و تصديقا لهذا نرى ان إخوة يوسف قالوا حين سمعوا صوت المنادي ينادي : (إنكم لسارقون لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض و ما كنا سارقين) ، فجاء في التفسير هذه الآيه أنهم لما دخلوا مصر كمموا أفواه إبلهم لئلا تتناول ما ليس لهم فكأنهم قالوا : قد رأيتم ما صنعناه بإبلنا فكيف نسرق ؟ و نسوا هم تفاوت ما بين الورع و اختطاف أكلة لا يملوكونها ، و بين إلقاء يوسف عليه السلام في الجب و بيعه بثمن بخس.
و طائفه أخرى من الناس نجدهم يطيع في صغار الأمور دون كبارها ، و فيما تكون كلفته عليه خفيفة أو معتادة أو مقدور عليها ، و فيما لا ينقص شيئاً من عادته في مطعم أو ملبس . وهناك أقواماً يأخذون الربا و نراهم يوسوسون في الطهارة و يستعملون الكثير من الماء ، و أقواماً يستعملون التأولات الفاسدة في تحصيل أغراضهم مع علمهم أنها لا تجوز ، و نرى أقواماً يتركون الذنوب لبعدهم عنها ، فألفوا الترك ، فإذا ما قدروا عليها لم يتركوها ، وترى من ذلك في الناس فنون و عجائب يطول ذكرها .
و قد علمنا أن خلقاً من علماء اليهود كانوا يحملون قصار جهدهم في التعبد ، فلما جاء الإسلام و أيقنوا بصحته لم يطيقوا مقاومة أهوائهم ، وفي ذات السياق كان قيصر حينما عرف صدق رسالة رسول الله صلى الله عليه و سلم بالدليل ، ثم لم يقدر على مقاومة هواه و ترك ملكه.
فالله الله في تضييع الأصول ، فما من مثل أصدق في الهوى إلا كسبع في عنقه سلسلة فإن استوثق منه صاحبه وشد قيده فقد ضبطه وكفه وضمن سلامته ، و ربما لاحت له شهواته الغالبة عليه فلم تقاومها السلسلة فأفلت وفك قيده ، والناس في ذلك يختلفون فمنهم من يكف هواه بسلسلة ، و منهم من يكفه بخيط ، فينبغي للعاقل أن يحذر شياطين الهوى ، و أن يكون بصيراً بما يقوى عليه من أعدائه ، أسأل الله أن يجنبنا الهوى وزلاته ويعصمنا من الفتن ، هو ولي ذلك والقادر عليه وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

بقلم/د.أحمد عبد الرحيم
بقلم/د.أحمد عبد الرحيم اشدد عليك قيد الهوى 1-001

بقلم/د.أحمد عبد الرحيم اشدد عليك قيد الهوى 1-001

» بقلم:د.أحمد عبد الرحيم العقل ومكانته في الإسلام
» د.أحمد عبد الرحيم 24 ديسمبر، 2011 مراقبة الله وكبح جماح الهوى
» القول الفصل مابين تدبير الخالق وتدبير المخلوق *******بقلم *د*أحمد عبد الرحيم*******
» خصائص منهج أهل السنة والجماعة في تقرير مسائل الاعتقاد بقلم:د.أحمد عبد الرحيم
» شريعة الله ، أم شريعة البشر؟ ********************** بقلم:أ. د.أحمد عبد الرحيم **********************