د.أحمد عبد الرحيم 29 أبريل، 2012 حوار هاديء مع النفس

د.أحمد عبد الرحيم
29 أبريل، 2012

حوار هاديء مع النفس

إن مما يثير العجب والإندهاش أنك ترى العارف بالله عز وجل يخالفه و لو ترتب على ذلك تلف نفسه ، فهل العيش ذاك العارف إلا معه سبحانه وتعالى؟ هل الدنيا و الآخرة إلا له عز وجل؟ ألا فأف لشخص اتخذ من الترخص في فعل ما يكره لنيل ما يحب ، تالله لقد فاته من الخير أضعاف أضعاف ما حصله من ترخصه.
ولقد ذكر بعض السلف أنه رأى شاباً يذكر الله تعالى فقال له : ألك حاجة ؟ فقال الشاب: إذا وقعت لي حاجة سألته إياها بقلبي فقضاها .
فيا أرباب المعرفة بالله ، عليكم الوقوف على باب مراقبة حدود الله وقوف الحراس للفضيلة ، وليكن أصل الترك ليس بقصد الجزاء و إنما ينبغي أن يكون بقصد تحصيل رضى المولى عز وجل. فإن كنت محباً رأيت قطع الإرب في رضاه وصلاً.
اقبل نصيحتي أيها العاصي فيا مخدوعاً بأهواه ، إن ضعفت همتك عن حمل البلاء فاستغث بالله ، و إن آلمك كرب اختياره فإنك بين يديه ، و لا تيأس من روحه و إن قوي خناق البلاء ، بالله إن موت الخادم في الخدمة حسن عند العقلاء.
إخواني لنفسي أنا أقول ، فمن له شرب معي فليتردد ، أيتها النفس لقد أعطاك ما لم تأملي ، و بلغك ما لم تطلبي ، و ستر عليك من قبيحك ما لو فاح ضجت المشام ، فما هذا الضجيج من فوات كمال الأغراض ؟ ، أمملوكة أنت يانفس أم حرة ؟ أما علمت أنك في دار التكليف ، و هذا الخطاب ينبغي أن يكون للجهال ، فأين دعواك المعرفة ؟ أتراه لو هبت نفحة فأخذت البصر ، كيف كانت تطيب لك الدنيا ؟وأسفا يا نفس فلقد قربت سفينة العمر من ساحل القبر ، و ما لك في المركب بضاعة تربح ، تلاعبت في بحر العمر ريح الضعف ، ففرقت قوى الحياة ، و كأن بك وقد فصلت مركب العمر ، وبلغت نهاية الأجل و عين هواك ما فتأت تتلفت إلى وقت الصبا ، بالله عليك لا تشمتي بك الأعداء ، هذا أقل الأقسام ، و أوفى منها ، أن أقول : بالله عليك يا نفس لا يفوتنك قدم سابق مع قدرتك على قطع المضمار ، الخلوة ، الخلوة يا نفس استحضري قرين العقل ، و جولي في حيرة من الفكر ، و استدركي صبابة الأجل ، قبل أن تميل بك الصبابة عن الصواب.
العجب ، العجب أفكلما صعد العمر نزلت ، و كلما جد الموت هزلت أتراك يانفس - وعياذا بالله - ممن ختم له بفتنة ، و قضيت عليه آخر عمره المحنة ، كان أول عمرك يا نفس خيراً من الأخير ، أو كنت في زمن الشباب أصلح منك في زمن أيام المشيب (و تلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها إلا العالمون) نسأل الله عز وجل الذي لا يحصل مطلوبنا إلا به ، التوفيق والسداد فيما بقي من العمر وأن يحسن خواتمنا أجمعين وأن يتقبل ما سلف من أعمالنا وأن يغفر لنا ما فرطنا فيه ، إنه سميع مجيب ، وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

د.أحمد عبد الرحيم 29 أبريل، 2012 حوار هاديء مع النفس 385711_293204050762478_1802155792_n

د.أحمد عبد الرحيم 29 أبريل، 2012 حوار هاديء مع النفس 527621_438842866201089_247037168_n

» ‏‏د.أحمد عبد الرحيم‏‏ ‏الصورة الشخصية‏ الخاصة به. 17 مارس، 2012
» د.أحمد عبد الرحيم 3 مارس، 2012 المؤمن وصدق اليقين بالله
» سلسة أعذار المتقاعسين عن الدعوة د.أحمد عبد الرحيم 28 يناير، 2012
» د.أحمد عبد الرحيم 20 يناير، 2012 مسموح به في اليوميات أحبتي في الله . . .
» [size=24]د.أحمد عبد الرحيم 2 يناير، 2012 الخلوات وأثرها في حياة المسلم