الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: د.أحمد عبد الرحيم 8 يناير، 2012 إذا أردت السلامة فهذا هو الحل : التوبة النصوح الخميس فبراير 28, 2013 12:32 am | |
| د.أحمد عبد الرحيم 8 يناير، 2012
إذا أردت السلامة فهذا هو الحل : التوبة النصوح
إن طلب العافية واستدامتها والحصول على السلامة ، فلا ينال كلتيهما ولا يسمو اليهما الا بتق الله عز وجل ، ان من المُسَلَّمِ به أن ما من عبد يطلق لنفسه العنان في معصية صغيرة كانت أو كبيرة ، إلا وجد عقوبته عاجلة كان أم آجلة ، و من الإغترار أن تسيء الفهم حين ترى إحساناً فتظن أنك قد سومحت ، و تنسى قوله تعالى : ( من يعمل سوءاً يجز به) بل وربما قالت النفس : إنه سبحانه وتعالى يغفر فتسامحت . و لا خلاف على أنه سبحانه وتعالى يغفر و لكن مغفرته تكون لمن يشاء ، ولكن دعني أخي القاريء أشرح لك حالاً فلتتأمله بفكرك حتى تتعرف على المعنى الحقيقي للمغفرة ، و ذلك أن من هفا هفوة لم يقصدها و لم يعزم عليها قبل الفعل و لا عزم على العود بعد الفعل ثم إنتبه لما فعل فإستغفر الله كان فعله و إن دخله عمداً في مقام خطأ ، مثل أن يعرض له مستحسن فيغلبه الطبع فيطلق النظر و يتشاغل في حال نظره بالتذاذ الطبع عن تلمح معنى النهي ، فيكون كالغائب أو كالسكران ، فإذا انتبه لنفسه ندم على فعله فقام الندم بغسل تلك الأوساخ التي كانت كأنها غلطة لم تقصد ، فهذا معنى قوله تعالى : (إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) ، فأما المداوم على تلك النظرة المردد لها ، المصر عليها ، فكأنه في مقام متعمد للنهي مبارز بالخلاف ، فالعفو يبعد عنه بمقدار إصراره . و من البعد ألا يرى الجزاء على ذلك ، كما قال ابن الجلاء : رآني شيخي و أنا قائم أتأمل حدثاً نصرانياً ، فقال : [ ما هذا ؟ لترين غبها و لو بعد حين ، ] فنسيت القرآن بعد أربعين سنة . و اعلم أنه من أعظم المحن الاغترار بالسلامة بعد الذنب ، فإن العقوبة تتأخر . و من أعظم العقوبة ألا يحس الإنسان بها ، و أن تكون في سلب الدين و طمس القلوب و سوء الإختيار للنفس ، فيكون من آثارها سلامة البدن و بلوغ الأغراض . قال بعض المعتبرين : أطلقت نظري فيما لا يحل لي ، ثم كنت أنتظر العقوبة . فألجئت إلى سفر طويل لا نية لي فيه ، فلقيت المشاق ، ثم أعقب ذلك موت أعز الخلق عندي ، و ذهاب أشياء كانت لها وقع عظيم عندي ، ثم تلافيت أمري بالتوبة فصلح حالي ، ثم عاد الهوى فحملني على إطلاق بصري مرة أخرى ، فطمس قلبي و عدمت رقته ، و أستلب مني ما هو أكثر من فقد الأول ، و وقع لي تعويض عن المفقود بما كان فقده أصلح ، فلما تأملت ما عوضت و ما سلب من صحت من ألم تلك السياط ، فها أنا أنادي من على الساحل : إخواني احذروا لجة هذا البحر ، و لا تغتروا بسكونه ، و عليكم بالساحل ، و لازموا حصن التقوى فالعقوبة مرة ، و إعلموا أن ملازمة التقوى مرارات من فقد الأغراض و المشتهيات ، غير أنها في ضرب المثل كالحمية تعقب صحة ، و التخليط ربما جلب موت الفجأة . و بالله لو نمتم على المزابل مع الكلاب في طلب رضى المبتلي كان قليلاً في نيل رضاه ، و لو بلغتم نهاية الأماني من أغراض الدنيا مع إعراضه عنكم كانت سلامتكم هلاكاً ، و عافيتكم مرضاً ، و صحتكم سقماً ، و الأمر بآخره ، و العاقل من تلمح العواقب ، و صابروا رحمكم الله تعالى هجير البلاء ، فما أسرع زواله ، و الله الموفق ، إذ لا حول إلا به ، و لا قوة إلا بفضله سبحانه وتعالى. | |
|