قال تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا"..
الإسلام جاء ليستر العورات
ويُخفي الزلَّات ويُصلح العيوب
-------------------------
دعانا الشارع الحكيم إلى التجاوز عن العورات والستر على أصحاب المعاصي والسيئات.. وجعل ذلك مِن الأخلاقيات الطيبة التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم.. فالتفتيش عن عيوب الناس.. وتتبع عوراتهم.. وسوء الظن بهم ليس من أخلاقيات المؤمن..
قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا"..
قال المُفسِّرون: التجسسُ: البحثُ عن عيبِ المسلمين وعورتهم.. أمَّا خَيْر الخلق وأَعْرفُ الخلق بما يُرضي الله جلَّ جلاله فقد كان عظيمَ الحياء.. عفيفَ اللِّسان.. بعيدًا عن كشف العورات.. حريصًا على كَتْم المعائب والزلاَّت.. كان إذا رأى شيئًا يُنكره ويكرهُه.. عرَّض بأصحابه وألمح.. كم من مرَّة قال للناس: "ما بال أقوام يقولون كذا وكذا".. "ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا"..
كان ماعز الأسلمي أحدُ الأصحاب الأخيار ممن وقر الإيمانُ في قلبه.. فآمن بربه.. وصدَّق برسالة نبيِّه.. وعاش في مدينة رسول الله يَحمل بين جنبَيه نورَ الإيمان.. وضياء التَّقوى.. بَيْدَ أنَّه لم ينفك عن بشريَّته.. ولم ينسلخ من ضعفه الآدمي.. "وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا".. فزيَّن له الشيطانُ فعلَ الحرام.. وأزَّته نفسُه الأمَّارة نحوَ الفاحشة أزًّا.. وفي ساعة الغفلة وسكرة الشَّهوة وقع في الإثم.. وكان من أمره ما كان.. عصى ماعزٌ ربَّه.. وأيقن أنَّ ذاك من عَمَلِ الشيطان؛ إنه عدو مضل مُبين.. فاحترق قلبه.. وتلوَّعت نفسُه ندمًا وأسفًا.. وعاش أيامًا عدة في بُؤس وغمٍّ.. وحسرةٍ وهمٍّ.. عندها قرر ماعز أنْ يبوحَ بأمره ذاك إلى أحد بني عشيرته.. وهو هزَّال بن يزيد الأسلمي.. الذي أشار عليه أن يعترفَ ويقرَّ أمام النبي صلَّى الله عليه وسلم بخطيئته.. مشى المذنب التائب تجرُّه رِجلاه نحوَ الرَّحمة المُهداة.. فوقف في حياءٍ واستحياء.. ونطق بجُرمه ومَعصيته.. فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم فكرر ماعز اعترافَه.. وأقرَّ أربعًا.. وألح على النبي صلى الله عليه وسلم أنْ يُقيمَ حدَّ الله.. فلم يكُن بدٌّ من إقامة الحد.. حدِّ الرجم.. فرجمه الصحابة حتَّى فاضت روحُه إلى بارئها.. ثم صلَّى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له.. واستغفر.. وأثنى على توبته وصدقه مع ربِّه.. فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ هزَّالاً الأسلميَّ هو الذي أشار عليه بالاعتراف.. دعاه ثم قال: "يا هزَّالُ.. لو سترته بثَوْبك.. كان خيرًا لك مما صنعت به"..
لمّا ركب ابن سيرين الدّين وحُبس به قال: ( إني أعرف الذنب الذي أصابني يهذا.. عيّرتُ رجلاَ منذُ أربعين سنة.. فقلت له: يا مفلس )..
لا تلتمس من مساوي الناس ما ستروا .. فيكشف الله ستراً من مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا .. ولا تعب أحــداً منهم بما فيكا
مرَّ أبا الدرداء على رجل قد أصاب ذنباً وكانوا يسبونه فقال: (أرأيتم لو وجدتموه في قليبٍ ألم تكونوا تستخرجونه؟).. قالوا: بلى .. قال: (فلا تسبُّوا أخاكم واحمدوا الله الذي عافاكم).. قالوا: أفلا نُبغضه؟.. قال: (إنما أبغض عمله فإذا ترك فهو أخي)..
إِذا شئتَ أن تحـيا سليماً مـن الأذى .. وديُنــك موفوراً وعْرِضُكَ صينُ
فــلا ينطقنْ منـــكَ اللسانُ بَسـوْأةٍ .. فكلـك سَوْءاتٌ وللنــاسِ أعينُ
وعينُكَ إِن أبــدتْ إِليـــك معايــباً .. فصُنْها وقُلْ يا عينُ للنـــاسِ أعينُ
وعاشرْ بمعروفٍ وسامحْ من اعتدى.. ودافعْ ولكن بالتي هي أَحْسَنُ
الداعية جنة الفردوس[b]