الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ:تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 121 الأحد مارس 17, 2013 11:09 pm | |
| الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ
القول في تأويل قوله تعالى : { الذين آتيناهم الكتاب } اختلف أهل التأويل في الذين عناهم الله جل ثناؤه بقوله : { الذين آتيناهم الكتاب } فقال بعضهم : هم المؤمنون برسول الله صلى الله عليه وسلم , وبما جاء به من أصحابه . ذكر من قال ذلك : 1560 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد بن زريع , عن سعيد , عن قتادة قوله : { الذين آتيناهم الكتاب } هؤلاء أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم , آمنوا بكتاب الله وصدقوا به . وقال آخرون : بل عنى الله بذلك علماء بني إسرائيل الذين آمنوا بالله وصدقوا رسله , فأقروا بحكم التوراة , فعملوا بما أمر الله فيها من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم , والإيمان به , والتصديق بما جاء به من عند الله . ذكر من قال ذلك : 1561 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون } قال : من كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم من يهود فأولئك هم الخاسرون . وهذا القول أولى بالصواب من القول الذي قاله قتادة ; لأن الآيات قبلها مضت بأخبار أهل الكتابين , وتبديل من بدل منهم كتاب الله , وتأولهم إياه على غير تأويله , وادعائهم على الله الأباطيل . ولم يجر لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الآية التي قبلها ذكر , فيكون قوله : { الذين آتيناهم الكتاب } موجها إلى الخبر عنهم , ولا لهم بعدها ذكر في الآية التي تتلوها , فيكون موجها ذلك إلى أنه خبر مبتدأ عن قصص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انقضاء قصص غيرهم , ولا جاء بأن ذلك خبر عنهم أثر يجب التسليم له . فإذا كان ذلك كذلك , فالذي هو أولى بمعنى الآية أن يكون موجها إلى أنه خبر عمن قص الله جل ثناؤه في الآية قبلها والآية بعدها , وهم أهل الكتابين : التوراة والإنجيل . وإذا كان ذلك كذلك , فتأويل الآية : الذين آتيناهم الكتاب الذي قد عرفته يا محمد , وهو التوراة , فقرءوه واتبعوا ما فيه , فصدقوك وآمنوا بك , وبما جئت به من عندي , أولئك يتلونه حق تلاوته . وإنما أدخلت الألف واللام في " الكتاب " لأنه معرفة , وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عرفوا أي الكتب عنى به . يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ القول في تأويل قوله تعالى : { يتلونه حق تلاوته } . اختلف أهل التأويل في تأويل قوله عز وجل : { يتلونه حق تلاوته } فقال بعضهم : معنى ذلك يتبعونه حق اتباعه . ذكر من قال ذلك : 1562 - حدثني محمد بن المثنى , قال : حدثني ابن أبي عدي , وعبد الأعلى , وحدثنا عمرو بن علي , قال : ثنا ابن أبي عدي جميعا , عن داود , عن عكرمة , عن ابن عباس : { يتلونه حق تلاوته } يتبعونه حق اتباعه . * حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا داود , عن عكرمة بمثله . * وحدثنا عمرو بن علي , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال : ثنا داود بن أبي هند , عن عكرمة بمثله . 1563 - حدثني الحسن بن عمرو العنقزي , قال : حدثني أبي , عن أسباط , عن السدي , عن أبي مالك , عن ابن عباس في قول الله عز وجل : { يتلونه حق تلاوته } قال : يحلون حلاله ويحرمون حرامه ولا يحرفون . * حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قال : قال أبو مالك : أن ابن عباس قال في : { يتلونه حق تلاوته } فذكر مثله ; إلا أنه قال : ولا يحرفونه عن مواضعه . 1564 - حدثنا عمرو بن علي , قال : ثنا المؤمل , قال : ثنا سفيان قال : ثنا يزيد , عن مرة , عن عبد الله في قول الله عز وجل : { يتلونه حق تلاوته } قال : يتبعونه حق اتباعه . 1565 - حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , عن أبي العالية , قال : قال عبد الله بن مسعود : والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه , ويقرأه كما أنزله الله , ولا يحرف الكلم عن مواضعه , ولا يتأول منه شيئا على غير تأويله . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة ومنصور بن المعتمر , عن ابن مسعود في قوله : { يتلونه حق تلاوته } أن يحل حلاله ويحرم حرامه , ولا يحرفه عن مواضعه . * حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا الزبيري , قال : ثنا عباد بن العوام عمن ذكره , عن عكرمة , عن ابن عباس : { يتلونه حق تلاوته } يتبعونه حق اتباعه . 1566 - حدثنا أحمد بن إسحاق . قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا عباد بن العوام , عن الحجاج , عن عطاء , بمثله . 1567 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان , عن منصور , عن أبي رزين في قوله : { يتلونه حق تلاوته } قال : يتبعونه حق اتباعه . * حدثنا عمرو بن علي , قال : ثنا مؤمل , قال : ثنا سفيان , وحدثني المثنى , قال : حدثني أبو نعيم , قال : ثنا سفيان , وحدثني نصر بن عبد الرحمن الأزدي , قال : ثنا يحيى بن إبراهيم , عن سفيان قالوا جميعا : عن منصور , عن أبي رزين , مثله . 1568 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن مجاهد : { يتلونه حق تلاوته } قال : عملا به . 1569 - حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا عبد الملك , عن قيس بن سعد : { يتلونه حق تلاوته } قال : يتبعونه حق اتباعه ; ألم تر إلى قوله : { والقمر إذا تلاها } 91 2 يعني الشمس إذا تبعها القمر . 1570 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن عبد الملك بن أبي سليمان , عن عطاء وقيس بن سعد , عن مجاهد في قوله : { يتلونه حق تلاوته } قال : يعملون به حق عمله . 1571 - حدثني المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : أخبرنا هشيم , عن عبد الملك , عن قيس بن سعد , عن مجاهد , قال : يتبعونه حق اتباعه . * حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد مثله . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { يتلونه حق تلاوته } يعملون به حق عمله . * حدثنا عمرو بن علي , قال : ثنا مؤمل بن إسماعيل , قال : ثنا حماد بن زيد , عن أيوب , عن مجاهد في قوله : { يتلونه حق تلاوته } قال : يتبعونه حق اتباعه . * حدثني عمرو , قال : ثنا أبو قتيبة , قال : ثنا الحسن بن أبي جعفر , عن أبي أيوب , عن أبي الخليل , عن مجاهد : { يتلونه حق تلاوته } قال : يتبعونه حق اتباعه . * حدثنا عمرو , قال : ثنا يحيى القطان , عن عبد الملك , عن عطاء قوله : { يتلونه حق تلاوته } قال : يتبعونه حق اتباعه , يعملون به حق عمله . 1572 - حدثنا سفيان بن وكيع , قال : حدثني أبي , عن المبارك , عن الحسن : { يتلونه حق تلاوته } قال : يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه , ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه . 1573 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : { يتلونه حق تلاوته } قال : أحلوا حلاله , وحرموا حرامه , وعملوا بما فيه ; ذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول : إن حق تلاوته أن يحل حلاله , ويحرم حرامه , وأن يقرأه كما أنزله الله عز وجل , ولا يحرفه عن مواضعه . * حدثنا عمرو , قال : ثنا أبو داود , قال : ثنا الحكم بن عطية , سمعت قتادة يقول : { يتلونه حق تلاوته } قال : يتبعونه حق اتباعه , قال : اتباعه يحلون حلاله , ويحرمون حرامه , ويقرءونه كما أنزل . 1574 - حدثنا المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : أخبرنا هشيم عن داود , عن عكرمة في قوله : { يتلونه حق تلاوته } قال : يتبعونه حق اتباعه , أما سمعت قول الله عز وجل : { والقمر إذا تلاها } ؟ 91 2 قال : إذا تبعها . وقال آخرون { يتلونه حق تلاوته } يقرءونه حق قراءته . والصواب من القول في تأويل ذلك أنه بمعنى : يتبعونه حق اتباعه , من قول القائل : ما زلت أتلو أثره , إذا اتبع أثره ; لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن ذلك تأويله . وإذا كان ذلك تأويله , فمعنى الكلام : الذين آتيناهم الكتاب يا محمد من أهل التوراة الذين آمنوا بك وبما جئتهم به من الحق من عندي , يتبعون كتابي الذي أنزلته على رسولي موسى صلوات الله عليه , فيؤمنون به , ويقرون بما فيه من نعتك وصفتك , وأنك رسولي فرض عليهم طاعتي في الإيمان بك والتصديق بما جئتهم به من عندي , ويعملون بما أحللت لهم , ويجتنبون ما حرمت عليهم فيه , ولا يحرفونه عن مواضعه ولا يبدلونه ولا يغيرونه كما أنزلته عليهم بتأويل ولا غيره . أما قوله : { حق تلاوته } فمبالغة في صفة اتباعهم الكتاب ولزومهم العمل به , كما يقال : إن فلانا لعالم حق عالم , وكما يقال : إن فلانا لفاضل كل فاضل . وقد اختلف أهل العربية في إضافة " حق " إلى المعرفة , فقال بعض نحويي الكوفة : غير جائزة إضافته إلى معرفة لأنه بمعنى " أي " , وبمعنى قولك : " أفضل رجل فلان " , و " أفعل " لا يضاف إلى واحد معرفة لأنه مبعض , ولا يكون الواحد المبعض معرفة . فأحالوا أن يقال : " مررت بالرجل حق الرجل , ومررت بالرجل جد الرجل " , كما أحالوا " مررت بالرجل أي الرجل " , وأجازوا ذلك في " كل الرجل " و " عين الرجل " و " نفس الرجل " , وقالوا : إنما أجزنا ذلك لأن هذه الحروف كانت في الأصل توكيدا , فلما صرن مدوحا تركن مدوحا على أصولهن في المعرفة . وزعموا أن قوله : { يتلونه حق تلاوته } إنما جازت إضافته إلى التلاوة , وهي مضافة إلى معرفة ; لأن العرب تعتد بالهاء إذا عادت إلى نكرة بالنكرة , فيقولون : " مررت برجل واحد أمه , ونسيج وحده , وسيد قومه " . قالوا : فكذلك قوله : { حق تلاوته } إنما جازت إضافة " حق " إلى التلاوة وهي مضافة إلى " الهاء " , لاعتداد العرب ب " الهاء " التي في نظائرها في عداد النكرات . قالوا : ولو كان ذلك حق التلاوة لوجب أن يكون جائزا : " مررت بالرجل حق الرجل " , فعلى هذا القول تأويل الكلام : الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوة . وقال بعض نحويي البصرة : جائزة إضافة حق إلى النكرات مع النكرات , ومع المعارف إلى المعارف ; وإنما ذلك نظير قول القائل : مررت بالرجل غلام الرجل , وبرجل غلام رجل . فتأويل الآية على قول هؤلاء : الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته . وأولى ذلك بالصواب عندنا القول الأول ; لأن معنى قوله : { حق تلاوته } أي تلاوة , بمعنى مدح التلاوة التي تلوها وتفضيلها . " وأي " غير جائزة إضافتها إلى واحد معرفة عند جميعهم , وكذلك " حق " غير جائزة إضافتها إلى واحد معرفة , وإنما أضيف في حق تلاوته إلى ما فيه الهاء لما وصفت من العلة التي تقدم بيانها . أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ القول في تأويل قوله تعالى : { أولئك يؤمنون به } . قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : { أولئك } هؤلاء الذين أخبر عنهم أنهم يتلون ما آتاهم من الكتاب حق تلاوته . وأما قوله : { يؤمنون } فإنه يعني يصدقون به . والهاء التي في قوله " به " عائدة على الهاء التي في " تلاوته " , وهما جميعا من ذكر الكتاب الذي قاله الله : { الذين آتيناهم الكتاب } فأخبر الله جل ثناؤه أن المؤمن بالتوراة هو المتبع ما فيها من حلالها وحرامها , والعامل بما فيها من فرائض الله التي فرضها فيها على أهلها , وأن أهلها الذين هم أهلها من كان ذلك صفته دون من كان محرفا لها مبدلا تأويلها مغيرا سننها تاركا ما فرض الله فيها عليه . وإنما وصف جل ثناؤه من وصف بما وصف به من متبعي التوراة , وأثنى عليهم بما أثنى به عليهم ; لأن في اتباعها اتباع محمد نبي الله صلى الله عليه وسلم وتصديقه , لأن التوراة تأمر أهلها بذلك وتخبرهم عن الله تعالى ذكره بنبوته وفرض طاعته على جميع خلق الله من بني آدم , وإن في التكذيب بمحمد التكذيب لها . فأخبر جل ثناؤه أن متبعي التوراة هم المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم , وهم العاملون بما فيها . كما : 1575 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { أولئك يؤمنون به } قال : من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من بني إسرائيل , وبالتوراة , وأن الكافر بمحمد صلى الله عليه وسلم هو الكافر بها الخاسر , كما قال جل ثناؤه : { ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون } . وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ القول في تأويل قوله تعالى : { ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون } . يعني جل ثناؤه بقوله : { ومن يكفر به } ومن يكفر بالكتاب الذي أخبر أنه يتلوه من آتاه من المؤمنين حق تلاوته . ويعني بقوله جل ثناؤه : { يكفر } يجحد ما فيه من فرائض الله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم , وتصديقه , ويبدله , فيحرف تأويله ; أولئك هم الذين خسروا علمهم وعملهم فبخسوا أنفسهم حظوظها من رحمة الله واستبدلوا بها سخط الله وغضبه . وقال ابن زيد في قوله بما : 1576 - حدثني به يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : { ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون } قال : من كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم من يهود , { فأولئك هم الخاسرون } .
| |
|