الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: سلسلة الأحداث المعاصرة في ضوء السنن الربانية-2- الجمعة يونيو 14, 2013 9:32 pm | |
|
سلسلة -------- الأحداث المعاصرة في ضوء السنن الربانية
================
(2)
أيها المسلمون: لقد ضرب الله - عز وجل - لنا في كتابه الكريم أمثالاً عظيمة لنتدبرها ونعقلها. قال الله _تعالى_: "وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ" (العنكبوت: 43). ولنستمع إلى هذا المثل الذي ضربه الله - عز وجل -لمن كفر بأنعم الله - عز وجل -وعاقبة من وقع في معاصيه ولنتدبره حق التدبر، قال الله - عز وجل -: "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ" (النحل: 112). فهذا المثل وإن كان في أهل مكة الذين أشركوا بالله وكفروا نعمة الله _تعالى_؛ إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهذا إنذار وتحذير للأمم التي تعيش في رغد من العيش وأمن وسكينة؛ أنها إن كفرت بنعمة الله _تعالى_ وقابلتها بالمعصية والإعراض فإن الله - عز وجل - يسلبها نعمة الأمن والمعيشة، ويذيقها مكان ذلك الجوع والخوف، وخطر الابتلاء بالجوع والخوف ليس في ذاتهما فحسب، ولكن الخطر الحقيقي يكمن فيما يجرانه على الناس من تنازلات رهيبة في الدين والأعراض. فكم من تارك لدينه ومرخص لعرضه دافعه إلى ذلك الجوع والخوف _عياذاً بالله_.
وهذه سنة إلهية إذا انعقدت أسبابها وقعت بالناس ولات حين مناص. وإن في التاريخ لعبراً، ويكفي أن نتذكر ما حل بالمسلمين في بغداد سنة 656 هـ، حينما اجتاح المغول التتر عاصمة السلام في ذلك الوقت وما جرى في هذا الهجوم من حوادث مريعة يقشعر لها جلد القارئ بعد هذه القرون، فكيف بمن عاناها واصطلى بحرها!! وقارنوا أحوالنا اليوم بحال المسلمين في ذلك الزمان، أعني زمن دخول التتر إلى بغداد، فهل نحن اليوم أحسن حالاً منهم، حتى ننجو من خطر الأعداء الذين أحاطوا بنا من كل جانب؟؟ والجواب البدهي: لا والله ، لسنا بأحسن حالاً منهم، فواقعنا المعاصر لا يقارن في سوئه بذلك العصر، ومع ذلك سلط الله عليهم الكفرة المتوحشون الذين سفكوا الدماء وهتكوا الأعراض، وأفسدوا الحرث والنسل "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" (العنكبوت: من الآية40).
فيا أيها المسلمون بعامة: نحن على خطر وشيك ولا ينقذنا منه إلا أن نفر من معصية الله إلى طاعته، ومن أسباب سخطه إلى أسباب رضاه فلا نجاة لنا منه إلا إليه _سبحانه_.
أيها الأب والراعي المهمل لبيته ورعيته: اتق الله - عز وجل - ولا نؤتى من قبلك، تب إلى الله وأقلع عن مجاهرة لله - عز وجل - بمعاصيك، واعلم أن وجود أجهزة اللهو والفساد من التلفاز والقنوات الفضائية والمجلات الخليعة هي من المعاصي العظيمة التي تسخط رب العالمين، فبادر إلى التوبة منها وإخراجها من بيتك غير مأسوف عليها رجاء ثواب الله _تعالى_ وخوف عقابه، مر أهلك بالصلاة واصطبر عليها، وكن قدوتهم في ذلك، وحث أبناءك على أدائها في جماعة وتفقدهم عليها.
اتق الله في نسائك ومحارمك وأحسن إليهن بكل وجوه الإحسان، ومن أعظم ذلك الإحسان إليهن في تربيتهن وتأديبهن والحيلولة بينهن وبين ما حرم الله - عز وجل - عليهن من السفور والتبرج والاختلاط المحرم بالأجانب من خدم وسائقين وأقارب من غير المحارم، وكذا إبعادهن عما يفسد دينهن وأخلاقهن من أفلام سيئة وأغاني ماجنة وصواحب فاسقات.
أيها الآباء المربون: ربوا أبناءكم وطلابكم على الجد والاجتهاد وأعدوهم للجهاد في سبيل الله _تعالى_، واربطوهم بالأهداف العالية النبيلة ولا تعلقوهم بالتوافه من الأمور والأهداف الدنيوية الهابطة والحياة المترفة. أليس من المؤسف ألا يوجد في جو المنزل والمدرسة – إلا من رحم الله _تعالى_ من يقول للناشئة: إن أمتكم تنتظركم، وإن لكم دوراً في نشر الخير والعلم والدعوة إلى التوحيد وهداية الناس _بإذن الله تعالى_، والجهاد في سبيله - عز وجل -، والذود عن حمى الأمة وعقيدتها، إن هذا مما ينبغي أن يقال لأبنائنا فلا تقصروا في هذا الواجب فالخطب جسيم، والخطر عظيم، فالأمة تحتاجكم في كل وقت واليوم هي في أشد الحاجة إليكم فلا تخيبوا آمالها.
فأنت أيها الأب الكريم، وأنت أيها المدرس الناصح اللبيب، وأنتم يا من ولاكم الله مسؤولية التربية ومناهجها اتقوا الله في أبناء المسلمين وأدوا الواجب الذي عليكم؛ اغرسوا في قلوب أبناء الأمة كل معاني التوحيد من التوكل على الله - عز وجل - والتعلق به _سبحانه_ وموالاة المؤمنين وبغض الكافرين، واستثمروا هذه النازلة في تقوية عقيدة الولاء والبراء وبيان خطر أعداء الله وأهدافهم الحقيقية؛ يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب _رحمه الله تعالى_: " إن الواجب على الرجل أن يعلم عياله وأهل بيته الحب في الله والبغض في الله، والموالاة في الله والمعاداة فيه، مثل تعليم الوضوء والصلاة؛ لأنه لا صحة لإسلام المرء إلا بصحة الصلاة؛ ولا صحة لإسلامه أيضاً إلا بصحة الموالاة والمعاداة في الله " ا.هـ
معاشر الآباء والمربين: اغرسوا في قلوب الناشئة الشجاعة والإقدام، والجرأة على الأعداء، واغرسوا في قلوبهم حب الجهاد والاستشهاد في سبيل الله، فالأمة التي تربت على الجهاد يخاف منها الأعداء وتصبح أمة قوية قاهرة ظاهرة، وكونوا قدوة صالحة لهم في كل ما توجهونهم إليه من الفضائل. علقوا أبناء الأمة بتاريخهم المشرق: تاريخ الصحابة الأبطال المجاهدين الذين رفعوا رأس الأمة، علموهم سيرة نبينا الكريم محمد _صلى الله عليه وسلم_ أعظم قائد عرفه التاريخ وأعظم شخصية عرفتها الأمم المسلمة والكافرة، والذي غير الله به مجرى التاريخ وأنقذ به من شاء من عباده من الظلمات إلى النور.
يا علماء الأمة ودعاتها: إن أمتنا الإسلامية تمر هذه الأيام بساعات حاسمة ونوازل شديدة ومحن عظيمة لها ما بعدها، إن الأمة تنطلق من كلمتكم ومواقفكم التي تبينون فيها الحق للناس، فأنتم معقد الأمل فيها بعد الله - عز وجل -، وأنتم الذين ينير الله بكم الطريق للناس إذا ادلهمت الخطوب، وأنتم الذين أخذ الله عليكم الميثاق لتبينن الحق للناس ولا تكتمونه، فمن للأمة في هذه الفتن والنوازل والأزمات ومن لها إذا اختلطت عليها الأمور وكثر التلبيس والتدليس من قبل أعدائها من الكفار والمنافقين. إنه لا ملجأ لها بعد الله إلا إليكم، فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين، ولا تتركوا الأمة في حيرتها ولا تسلموها لأعدائها يسيرونها وفق أهوائهم، وإن الله سائلكم عن علمكم فيما عملتم به "لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (الأنفال: من الآية27)
يا علماءنا الأجلاء: إن الأمة تحتاج إلى سماع قولكم فيمن يظاهر الكفار ويناصرهم بنفسه أو سلاحه أو ماله أو رأيه أو يسهل عليهم أي أمر يعينهم على قتال المسلمين. إن الأمة محتاجة إلى سماع ما كنتم تقولونه لطلابكم في شرح كتب التوحيد والإيمان وما يناقضه، فإذا سكتم في مثل هذه النوازل عن بيان أصل الدين وما يهدمه فمن يبينه للناس؟ (حقاً إن أمانة العلم عظيمة وخطيرة).
كما أن الأمة تنتظر بيانكم في كشف أهداف الصليبيين الحاقدين على الإسلام وأهله، وأنهم كما قال الله - عز وجل - عنهم: "وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا" (البقرة: من الآية217). فالكفار لا تكفيهم التنازلات مهما كثرت إلا أن يرتد المسلمون عن دينهم. فلا تتركوا أمة الإسلام للإعلام المضلل الفاسد الذي يبعد الناس عن حقيقة الكفار في حربهم ويحاول حصرها في أهداف اقتصادية أو يردد ما يقوله الغرب الكافر بأنهم يهدفون إلى حرب الإرهاب وتخليص المنطقة من أسلحة الدمار الشامل!!.
يا دعاة الأمة من علماء ومتعلمين: إن عليكم مسؤولية عظيمة في تثبيت الأمة _بإذن الله تعالى_ في مثل هذه الظروف، وإحيائها من سباتها واستثمار هذه الأحداث الكبيرة في إيقاظها وتقوية إيمانها وتوحيدها وولائها وبرائها والقضاء على اليأس والإحباط الذي قد يتسرب إلى بعض النفوس في مثل هذه الظروف، والتأكيد على أن النجاة من الفتن وتحقيق الأمن يكمن في قوة التوحيد وتخليصه من شوائب الشرك قال الله _تعالى_: "الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ" (الأنعام: 82). كما يكمن في قوة التوكل على الله _تعالى_ وإحسان الظن به _سبحانه_ "وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ" (الطلاق: من الآية3)، و "إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ" (هود: من الآية49).
| |
|