الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: تابع محرمات الرضاعة السبت مارس 09, 2013 7:35 pm | |
| مسألة لبن الفحل:
إذا أرضعت المرأة طفلاً ما، فإنه يصبح ابنها رضاعاً، وهي أمه، وأولادها إخوته، ولكن هل يصبح زوجها – إن كان لها زوج – أباه؟ أي هل لزوجها علاقة بلبنها، فيحرم عليه ما يحرم عليها بسببه؟ ثم ما حدّ لبن الزوج؟ وهل يعتبر الزاني والواطئ بشبهة كالزوج في ذلك؟
اتفق جمهور الفقهاء[25] على التحريم بلبن الفحل، ولكنهم اختلفوا في حدهّ على أقوال:
فذهب الحنفية إلى أن اللبن يكون للزوج كما يكون للزوجة، فتثبت حرمة الطفلة المرتضعة منه من الزوج، كما تثبت من الزوجة، بشروط:
أ- أن يكون الرجل قد دخل بالمرضعة في عقد صحيح أو فاسد أو وطئها بشبهة، أما الزاني، ففيه روايتان في المذهب، يميل المرجحون أمثال الكمال بن الهمّام إلى تصحيح عدم التحريم به على الزوج، فلو زنا بامرأة فحملت منه ثم ولدت ودرّ لها لبن فأرضعت به صبية، جاز للزاني نكاح الصبية المرضعة في تصحيح الكمال وغيره، لأنه لا حرمة لماء الزنا، ولم يجز في رواية ثانية عند الحنفية، وهي ابنته رضاعاً، لأن اللبن جاء بسببه.
ب- أن تكون قد ولدت منه فعلاً، أما قبل الولادة فلا، فلو تزوج امرأة فحملت منه، ثم درّ لها لبن، فأرضعت به صبية، كانت بنت المرضعة فقط، ولزوجها التزوج بالمرضعة، لأنها أجنبية عنه، إذ إن اللبن ليس له فيه حق قبل الولادة، ولو ولدت ثم أرضعت صبية، كانت ابنة لها وابنة لزوجها أيضاً، لأن اللبن أصبح منه.
ج- أن لا ينقطع لبنها منه مدة ثم يرتدّ إليها، وأن لا تلد من غيره، فإن انقطع ثم رجع إليها بعد مدة لم يكن من الزوج، فإن ولدت وأرضعت طفلها ثم جف لبنها ثم عاد بعد مدة فأرضعت منه طفلة، لم تحرم هذه الطفلة على زوجها.
ثم لو طلق الزوج زوجته أو تاركها الواطئ بشبهة أو بعقد فاسد بعد الدخول بها وهي لبون، فتزوجها آخر وحملت منه، فإن اللبن للأول ما لم تلد من الثاني، فإن ولدت كان اللبن من الثاني وانقطع عن الأول، فلو أرضعت صبياً قبل ولادتها، كان ابنا للأول وربيباً للثاني. ولو أرضعته بعد ولادتها كان ابناً للثاني، وربيباً للأول.
هذه الشروط الثلاثة يجب توافرها لكي يصبح اللبن للزوج، فإذا تخلف منها واحد لم يكن للزوج في اللبن حق، ولم يكن منه، وبالتالي لم يحرم عليه من رضعت منه مطلقاً.
وأما المالكية: فقد اشترطوا ليكون اللبن محرِّماً بالنسبة للرجل شروطاً، هي:
أ- أن يكون قد دخل بها فعلاً وأنزل، فلا يكفي مجرد العقد عليها، وكذلك الوطء من غير إنزال، بحيث لو أرضعت صبياً قبل العقد أو بعده وقبل الوطء أو بعده وقبل الإنزال، لم يكن ابناً للواطئ، فإذا أرضعته بعد الإنزال كان ابناً له، ولا يشترط الحمل من الوطء، بل العبرة للإنزال فقط.
ب- أن لا ينقطع لبنها: فلو درّ لها لبن بعد الإنزال وبقي سنين ثم طلقها واللبن موجود فأرضعت به صبياً، كان ابناً للواطىء لديمومة لبنه، فإن انقطع لبنها مدة ثم رجع إليها فأرضعت به صبياً، كان ابناً لها ولواطئيها الأول والثاني، لا شتراكهما في اللبن، وهكذا لو تزوجت ثالثاً ورابعاً، ما دام اللبن مستمراً.
والوطء الحرام كالحلال عند المالكية في ذلك، فلو زنى بامرأة فأنزل فدرّ لها لبن، أو كان بها لبن سابق فأرضعت به صبية، كانت ابنة لها وللزاني بها أيضاً، وهذا هو الراجح في المذهب، وهناك قول آخر، وهو: إن كل وطء لا يلحق به الولد لا يحرم بلبنه من قبل فحله، وهو القول الأول لمالك، ثم رجع عنه إلى القول الآخر بالتحريم.
وإذا كان لبن الزنا تثبت به الحرمة بالنسبة للزاني، فأحرى أن تثبت الحرمة بلبن الوطء بشبهة، وبالنكاح الفاسد، وملك اليمين، بالنسبة للواطئ والمالك.
وأما الشافعية: فقد اشترطوا ليكون اللبن للفحل شروطاً:
ت - أن يدخل الزوج بزوجته في نكاح صحيح أو فاسد، أو أن يطأها بشبهة أو بملك يمين، فإن وطئها بزنا ودرّ لها لبن لم يصر له، بحيث لو أرضعت بنتاً منه جاز له التزوج بها مع الكراهة فقط، لأن ماء الزنا هدر عندهم،فيحل له تزوج بنته من الزنا، فأولى أن يحل له تزوجها من الرضاع بلبن الزنا، وكذلك الولد المنفي باللعان، فإنه ينتفي معه اللبن عن الزوج، لأن الرضاع عند الشافعي يثبت فيما ثبت فيه النسب، لأنه تبع له، وذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) رواه البخاري.
ث _ أن تحمل منه فعلاً، فإن لم تحمل منه فاللبن لها وحدها، وهذا هو الأصح من قولين للشافعي، والقول الثاني أن مجرد الوطء كافٍ في إثبات اللبن للواطئ.
ج- أن لا تتزوج بآخر أو يطأها بشبهة وتلد منه، أو تلد منه زنا، ذلك أن لبن الفحل يستمر ولو مات الزوج أو الواطئ، ولو استمر الأمر عشر سنين، سواء انقطع اللبن وعاد أو استمر ولم ينقطع، بحيث لو انقطع بعد طلاقها أو وفاة زوجها ثم عاد بعد مدة طويلة أو قصيرة، أو لم ينقطع أبداً ثم أرضعت منه طفلاً، كان ابناً لها ولزوجها أو واطئها الأول، ما لم تتزوج أو توطأ بشبهة وتلد منه، فإن تزوجت وحملت ولم تلد، فاللبن للأول، فإذا ولدت فاللبن للثاني، سواء دخل بها وقت ظهور لبن حملها منه، أو لا، وفي قول للشافعي: يكون لهما إذا دخل بها الثاني وقت ظهور حملها منه، وإلا فللأول فقط، هذا إذا لم ينقطع لبنها مدة ثم يعود، فإن انقطع مدة ثم عاد أو كثر، فللشافعي ثلاثة أقوال:
الأول : للأول فقط ، والثاني للثاني فقط ، والثالث لكليهما معاً.
فإن كانت حملت من زنا وهي متزوجة، فإن لبنها لزوجها ما لم تضع ، فإن وضعت كان اللبن للزنا ولا أب للرضيع.
هذا ولو نزل لبن لبكر، وتزوجت وحبلت من الزوج ، فللبن لها لا للزوج ما لم تلد ، ولا أب للرضيع. فإن ولدت منه ، فاللبن بعد الولادة له كما هو لها. ومثل البكر هنا الثيّب اللبون.
واشترط الحنبلية لثبوت الحرمة من الفحل بالرضاع شروطاً هي:
أ – أن يكون اللبن من حمل منتسب إليه ، بأن يكون الوطء في نكاح صحيح أو فاسد أو وطء بشبهة أو بملك يمين. فأما لبن الزاني أو النافي لولد بالعان ، فلا ينشر الحرمة بين الرضيع والواطئ، لأن التحريم بالرضاع فرع لحرمة الأبوّة، فلما لم تثبت حرمة الأبوة لم يثبت ما هو فرع لها.
وفي قول آخر للحنبلية أن لبن الزاني محرم كما يحرم لبن النكاح الصحيح.
وحيثما ثبت نسب الولد ثبتت حرمة الرضيع من لبنه ، فلو وطء رجلان امرأة فأتت بولد فأرضعت بلبنه طفلاً ، صار ابناً لمن ثبت نسب ولدها منه ، سواء ثبت نسبه منه بالقافة أم بغيرها ، وإن ألحقته القافة بهما، صار المرتضع ابناً لهما، فالمرتضع في كل موضع تبع للمناسب.
ب- أن تلد من الزوج ، فإن حملت منه ولم تلد وأرضعت طفلاً كان ابناً لها فقط دون زوجها ، فإن ولدت وأرضعت طفلاً ، كان ابناً لها ولزوجها معاً.
ج- أن لا تتزوج بآخر بعد طلاقها منه أو تطأ بشبهة أو بنكاح فاسد ، فإن طلقها ثم تزوجت بغيره أو وطئت بشبهة ، ففي المسألة خمس أحوال :-
1- أن يبقى لبن الأول على حاله دون زيادة أو نقصان ولم تلد من الثاني ، فهو الأول ، سواء حملت من الثاني أو لم تحمل منه دون خلاف ، إذ إن اللبن الأول ولم يتجدد ما يجعله للثاني.
2- أن لا تحمل من الثاني ، فهو الأول ، سواء زاد اللبن أو اللبن أو لم يزد أو انقطع ثم عاد أو لم ينقطع.
3- أن تلد من الثاني فاللبن له خاصة ، سواء انقطع ثم عاد أم لم ينقطع.
4- أن يكون لبن الأول باقياً وزاد بالتحمل من الثاني ، فاللبن منهما جميعاً لتنازعهما فيه دون ترجيح.
5- انقطع من الأول ثم ثاب بالحمل من الثاني ، فللحنبلية في هذا قولان:
الأول : إن الولد للزوجين لأنها لم تلد من الثاني ، فلم يتمحض اللبن له.
الثاني : أن الولد للثاني فقط ، لانقطاع لبن الأول.
مستثنيات الرضاع:
تقدم نص الفقرة الأولى من المادة /35/ من قانون الأحوال الشخصية السوري التي تنص على ما يلي: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب إلا ما قرر فقهاء الحنفية استثنائه ) فترى ما هي المستثنيات من هذا المبدأ؟
في واقع الحال لا يوجد أي استثناء من هذا المبدأ لا في المذهب الحنفي ولا في غيره، وأي فقيه يستطيع أن يستثني من هذا المبدأ شيئاً مع إطلاق الحديث الشريف (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)، لكن علماء الحنفية لاحظوا صوراً من الرضاع قد يخيل لبعض الناس أنها مما يحرم بالرضاع، وهي ليست كذلك لعدم الرضاع، ولعدم وجود علة التحريم فيها أصلاً، فنصوا عليها وأوضحوا أنها مما لا يحرم بالرضاع لا استثناء من القاعدة، ولكن لعدم دخولها فيها أصلاً، وإذا جاز تسميتها مستثنيات فهي من باب الاستثناء المنقطع.
وتلك الصور على سبيل المثال لا الحصر:
1- أم الأخ وأم الأخت رضاعاً لا تحرم لعدم الصلة بينها وبينه على خلاف أم الأخ وأم الأخت نسباً فإنها محرمة ، إلا أن سبب تحريم هذه أنها أم أو زوجة أب، وليس سبب تحريمها أنها أم الأخ وأم الأخت، وهي في الرضاع ليست أما ولا زوجة أب فلا تحرم.
2- أخت لابن الرضاع، لا تحرم ، على خلاف أخت الابن نسبا ، فإنها محرمة، ولكن حرمة هذه لأنها ابنه أو ربيبة وليس لأختها أخت لابن، وأخت الابن رضاعاً ليست كذلك فلا تحرم.
3- أم ابن الابن رضاعاً غير محرمة، على خلاف أم ابن الابن نسباً فإنها محرمة، ولكن حرمة هذه لأنها زوجة الفرع، وليست أم ابن الابن رضاعاً كذلك فلا تحرم. | |
|