الداعية جنة الفردوس
السلام عليكم ورحمة الله وبركته
أهلاً ومرحاً أيها الزائر العزيز في منتدى الداعية جنة الفردوس الإيسلامي
نرجو منك أن تشرفنا بنضمامك معنا في المنتدى
اذا كنت منضم معنا فرجاءً سجل الدخول
تحيات الداعية جنة الفردوس
الداعية جنة الفردوس
السلام عليكم ورحمة الله وبركته
أهلاً ومرحاً أيها الزائر العزيز في منتدى الداعية جنة الفردوس الإيسلامي
نرجو منك أن تشرفنا بنضمامك معنا في المنتدى
اذا كنت منضم معنا فرجاءً سجل الدخول
تحيات الداعية جنة الفردوس
الداعية جنة الفردوس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى اسلامي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 فصل وأما قول من قال إن أرواح المؤمنين تجتمع ببئر زمزم فلا دليل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الداعية جنة الفردوس
Admin
Admin
الداعية جنة الفردوس


عدد المساهمات : 4517
جوهرة : 13406
تاريخ التسجيل : 03/01/2013

فصل وأما قول من قال إن أرواح المؤمنين تجتمع ببئر زمزم فلا دليل  Empty
مُساهمةموضوع: فصل وأما قول من قال إن أرواح المؤمنين تجتمع ببئر زمزم فلا دليل    فصل وأما قول من قال إن أرواح المؤمنين تجتمع ببئر زمزم فلا دليل  I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 06, 2013 2:29 pm

فصل وأما قول من قال إن أرواح المؤمنين تجتمع ببئر زمزم فلا دليل
على هذا القول من كتاب ولا سنة يجب التسليم لها ولا قول صاحب يوثق به وليس بصحيح فإن تلك البئر لا تسع أرواح المؤمنين جميعهم وهو مخالف لما ثبت به السنة الصريحة من أن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة وبالجملة فهذا من أبطل الأقوال وأفسدها وهو أفسد من قول من قال أنها بالجابية فإن ذلك مكان متسع فضاء بخلاف البئر الضيقة
فصل وأما قول من قال إن أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب
حيث شاءت فهذا مروى عن سلمان الفارسي والبرزخ هو الحاجز بين شيئين وكأن سلمان أراد بها في أرض بين الدنيا والآخرة مرسلة هناك تذهب حيث شاءت وهذا قول قوى فإنها قد فارقت الدنيا ولم تلج الآخرة بل هي في برزخ بينهما فأرواح المؤمنين في برزخ واسع فيه الروح والريحان والنعيم وأرواح الكفار في برزخ ضيق فيه الغم والعذاب قال تعالى ^ ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ^ فالبرزخ هنا ما بين الدنيا والآخرة وأصله الحاجز بين الشيئين
فصل وأما قول من قال إن أرواح المؤمنين عن يمين آدم وأرواح الكفار
عن يساره فلعمر والله لقد قال قولا يؤيده الحديث الصحيح وهو حديث الإسراء فان النبي رآهم كذلك ولكن لا يدل على تعادلهم في اليمين والشمال بل يكون هؤلاء عن يمينه في العلو والسعة وهؤلاء عن يساره في السفل والسجن وقد قال أبو محمد بن حزم ان ذلك البرزخ الذي رآه فيه رسول الله ليلة أسرى به عند سماء الدنيا قال وذلك عند منقطع العناصر قال وهذا يدل على أنها عنده تحت السماء حيث تنقطع العناصر وهي الماء والتراب والنار والهواء وهو دائما يشنع على من قال قولا لا دليل عليه فأي دليل له على هذا القول من كتاب وسنة وسيأتي إشباع الكلام على قوله إذا انتهينا إليه إن شاء الله تعالى فإن قيل فإذا كانت أرواح أهل السعاده عن يمين آدم وآدم في السماء الدنيا وقد ثبت أن

أرواح الشهداء في ظل العرش والعرش فوق السماء السابعة فكيف تكون عن يمينه وكيف يراها النبي هناك في السماء الدنيا فالجواب من وجوه أحدها أنه لا يمتنع كونها عن يمينه في جهة العلو كما كانت أرواح الأشقياء عن يساره في جهة السفل الثاني أنه غير ممتنع أن تعرض على النبي في سماء الدنيا وإن كان مستقرها فوق ذلك الثالث أنه لم يخبر أنه رأى أرواح السعداء جميعا هناك بل قال فإذا عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة ومعلوم قطعا أن روح إبراهيم وموسى فوق ذلك في السماء السادسة والسابعة وكذلك الرفيق الأعلى أرواحهم فوق ذلك وأرواح السعداء بعضها أعلى من بعض بحسب منازلهم كما أن أرواح الأشياء بعضها أسفل من بعض بحسب منازلهم والله أعلم
فصل وأما قول أبى محمد بن حزم أن مستقرها حيث كانت قبل خلق
أجسادها فهذا بناء منه على مذهبه الذي اختاره وهو أن الأرواح مخلوقة قبل الأجساد وهذا فيه قولان للناس وجمهورهم على أن الأرواح خلقت بعد الأجساد والذين قالوا أنها خلقت قبل الأجساد ليس معهم على ذلك دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع إلا ما فهموه من نصوص لا تدل على ذلك أو أحاديث لا تصح كما احتج به أبو محمد بن حزم من قوله تعالى ^ وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ^ الآية وبقوله تعالى ^ ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا ^ قال فصح أن الله خلق الأرواح جملة وهي الأنفس وكذلك أخبر عليه السلام أن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف قال وأخذ عز وجل عهدها وشهادتها وهي مخلوقة مصورة عاقلة قبل أن يأمر الملائكة بالسجود لآدم وقبل أن يدخلها في الأجساد والأجساد يومئذ تراب وقال لأن الله تعالى خلق ذلك بلفظة ثم التى توجب التعقيب والمهلة ثم أقرها سبحانه وتعالى حيث شاء وهو البرزخ الذي ترجع إليه عند الموت وسنذكر ما في هذا الاستدلال عند جواب سؤال السائل عن الأرواح هي مخلوقة مع الأبدان أم قبلها إذ الغرض هنا الكلام على مستقر الأرواح بعد الموت وقوله أنها تستقر في البرزخ الذي كانت فيه قبل خلق الأجساد مبنى على هذا الاعتقاد الذي اعتقده

وقوله أن أرواح السعداء عن يمين آدم وأرواح الكفار الأشقياء عن يساره حق كما أخبر به النبي وقوله إن ذلك عند منقطع العناصر لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا يشبه أقوال أهل الإسلام والأحاديث الصحيحة تدل على أن الأرواح فوق العناصر في الجنة عند الله وأدلة القرآن تدل على ذلك وقد وافق أبو محمد على أن أرواح الشهداء في الجنة ومعلوم أن الصديقين أفضل منهم فكيف تكون روح أبى بكر الصديق وعبد الله بن مسعود وأبى الدرداء وحذيفة بن اليمان وأشباههم رضى الله عنهم عند منقطع العناصر وذلك تحت هذا الفلك الأدنى وتحت السماء الدنيا وتكون أرواح شهداء زماننا وغيرهم فوق العناصر وفوق السموات وأما قوله قد ذكر محمد بن نصر المروزى عن إسحاق بن راهويه أنه ذكر هذا الذي قلنا بعينه قال وعلى هذا جميع أهل العلم وهو قول جميع أهل الإسلام قلت محمد بن نصر المروزى ذكر في كتاب الرد على ابن قتيبة في تفسير قوله تعالى ^ وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ^ الآثار التي ذكرها السلف من استخراج ذرية آدم من صلبه ثم أخذ الميثاق عليهم وردهم في صلبه وأنه أخرجهم مثل الذر وأنه سبحانه قسمهم إذ ذاك إلى شقي وسعيد وكتب آجالهم وأرزاقهم وأعمالهم وما يصيبهم من خير وشر ثم قال قال إسحاق أجمع أهل العلم أنها الأرواح قبل الأجساد استنطقهم ^ وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل ^ هذا نص كلامه وهو كما ترى لا يدل على أن مستقر الأرواح ما ذكر أبو محمد حيث تنقطع العناصر بوجه من الوجوه بل ولا يدل على أن الأرواح كائنة قبل خلق الأجساد بل إنما يدل على أنه سبحانه أخرجها حينئذ فخاطبها ثم ردها إلى صلب آدم وهذا القول وإن كان قد قاله جماعة من السلف والخلف فالقول الصحيح غيره كما ستقف عليه إن شاء الله إذ ليس الغرض في جواب هذه المسألة الكلام في الأرواح هل هي مخلوقة قبل الأجساد أم لا حتى لو سلم لأبى محمد هذا كله لم يكن فيه دليل على أن مستقرها حيث تنقطع العناصر ولا أن ذلك الموضع كان مستقرها أولا
فصل وأما قول من قال مستقرها العدم المحض فهذا قول من قال إنها
عرض من أعراض البدن وهو الحياة وهذا قول ابن الباقلانى ومن تبعه وكذلك قال أبو الهذيل العلاف النفس عرض من الأعراض ولم يعينه بأنه الحياة كما عينه ابن الباقلانى ثم قال هي عرض كسائر أعراض الجسم

وهؤلاء عندهم أن الجسم إذا مات عدمت روحه كما تقدم وسائر أعراضه المشروطة بالحياة ومن يقول منهم أن العرض لا يبقى زمانين كما يقوله أكثر الأشعرية فمن قولهم إن روح الإنسان الآن هي غير روحه قبل وهو لا ينفك يحدث له روح ثم تغير ثم روح ثم تغير هكذا أبدا فيبدل له ألف روح فأكثر في مقدار ساعة من الزمان فما دونها فإذا مات فلا روح تصعد إلى السماء وتعود إلى القبر وتقبضها الملائكة ويستفتحون لها أبواب السموات ولا تنعم ولا تعذب وإنما ينعم ويعذب الجسد إذا شاء الله تنعيمه أو تعذيبه رد إليه الحياة في وقت يريد نعيمه أو عذابه وإلا فلا أرواح هناك قائمة بنفسها البتة وقال بعض أرباب هذا القول ترد الحياة إلى عجب الذنب فهو الذي يعذب وينعم وحسب وهذا قول يرده الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وأدلة العقول والفطن والفطرة وهو قول من لم يعرف روحه فضلا عن روح غيره وقد خاطب الله سبحانه النفس بالرجوع والدخول والخروج ودلت النصوص الصحيحة للصريحة على أنها تصعد وتنزل وتقبض وتمسك وترسل وتستفتح لها أبواب السماء وتسجد وتتكلم وأنها تخرج تسيل كما تسيل القطرة وتكفن وتحنط في أكفان الجنة والنار وأن ملك الموت يأخذها بيده ثم تتناولها الملائكة من يده ويشم لها كأطيب نفحة مسك أو أنتن جيفة وتشيع من سماء إلى سماء ثم تعاد إلى الأرض مع الملائكة وأنها إذا خرجت تبعها البصر بحيث يراها وهي خارجة ودل القرآن على أنها تنتقل من مكان إلى مكان حتى تبلغ الحلقوم في حركتها وجميع ما ذكرنا من جمع الأدلة الدالة على تلاقى الأرواح وتعارفها وأنها أجناد مجندة إلى غير ذلك تبطل هذا القول وقد شاهد النبي الأرواح ليلة الإسراء عن يمين آدم وشماله وأخبر النبي إن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة وأن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر وأخبر تعالى عن أرواح آل فرعون أنها تعرض على النار غدوا وعشيا ولما أورد ذلك على ابن الباقلانى لج في الجواب وقال يخرج على هذا أحد وجهين إما بأن يوضع عرض من الحياة في أول جزء من أجزاء الجسم وإما أن يخلق لتلك الحياة والنعيم والعذاب جسد آخر وهذا قول في غاية الفساد من وجوه كثيرة أي قول أفسد من قول من يجعل روح الإنسان عرضا من الأعراض تتبدل كل ساعة الوفا من المرات فإذا فارقه هذا العرض لم يكن بعد المفارقة روح تنعم ولا تعذب ولا تصعد ولا تنزل ولا تمسك ولا ترسل فهذا قول

مخالف للعقل ونصوص الكتاب والسنة والفطرة وهو قول من لم يعرف نفسه وسيأتي ذكر الوجوه الدالة على بطلان هذا القول في موضعه من هذا الجواب إن شاء الله وهو قول لم يقل به أحد من سلف الأمة ولا من الصحابة والتابعين ولا أئمة الإسلام
فصل وأما قول من قال إن مستقرها بعد الموت أبدان أخر غير هذه
الأبدان فهذا القول فيه حق وباطل فأما الحق فما أخبر الصادق المصدوق عن أرواح الشهداء أنها في حواصل طير خضر تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش هي لها كالأوكار للطائر وقد صرح بذلك في قوله جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر وأما قوله نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة يحتمل أن يكون هذا الطائر مركبا للروح كالبدن لها ويكون ذلك لبعض المؤمنين والشهداء ويحتمل أن يكون الروح في صورة طائر وهذا اختيار أبى محمد بن حزم وأبى عمر بن عبد البر وقد تقدم كلام أبى عمر والكلام عليه وأما ابن حزم فانه قال معنى قوله نسمة المؤمن طائر يعلق هو على ظاهرة لا على ظن أهل الجهل وإنما أخبر أن نسمة المؤمن طائر يعلق بمعنى أنها تطير في الجنة لا أنها تمسخ فى صورة الطير قال فإن قيل إن النسمة مؤنثة قلنا قد صح عن عربي فصيح أنه قال أتتك كتابي فاستخففت بها فقيل له أتؤنث الكتاب قال أوليس صحيفة وكذلك النسمة تذكر كذلك قال وأما الزيادة التي فيها أنها في حواصل طير خضر فإنها صفة تلك القناديل التي تأوي إليها والحديثان معا حديث واحد وهذا الذي قاله في غاية الفساد لفظا ومعنى فإن حديث نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة غير حديث أرواح الشهداء في حواصل طير خضر والذي ذكره محتمل في الحديث الأول وأما الحديث الثاني فلا يحتمله بوجه فإنه أخبر أن أرواحهم في حواصل طير وفي لفظ في أجواف طير خضر وفي لفظ بيض وان تلك الطير تسرح في الجنة فتأكل من ثمارها وتشرب من أنهارها ثم تأوي إلى قناديل تحت العرش هي لها كالأوكار للطائر وقوله ان حواصل تلك الطير هي صفة القناديل التي تأوي إليها خطأ قطعا بل تلك القناديل مأوى لتلك الطير فهاهنا ثلاثة أمور صرح بها الحديث أرواح وطير هي في أجوافها وقناديل هي مأوى لتلك الطير والقناديل مستقرة تحت العرش لا تسرح والطير تسرح وتذهب وتجيء والأرواح في أجوافها

فإن قيل يحتمل أن تجعل نفسها في صورة طير لا أنها تركب في بدن طير كما قال تعالى ^ في أي صورة ما شاء ركبك ^ ويدل عليه قوله في اللفظ الآخر أرواحهم كطير خضر كذلك رواه ابن أبى شيبة حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله قال أبو عمر والذي يشبه عندي والله أعلم أن يكون القول قول من قال كطير أو صورة طير لمطابقته لحديثنا المذكور يعنى حديث كعب بن مالك في نسمة المؤمن فالجواب أن هذا الحديث قد روى بهذين اللفظين والذي رواه مسلم في الصحيح من حديث الأعمش عن مسروق فلم يختلف حديثهما أنها في أجواف طير خضر وأما حديث ابن عباس فقال عثمان بن أبى شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد ابن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله لما أصيب إخوانكم يعنى يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوى إلى قناديل من ذهب مدلاة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا ينكلوا عن الحرب ولا يزهدوا في الجهاد فقال الله تعالى أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله تعالى ^ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ^ وأما حديث كعب بن مالك فهو في السنن الأربعة ومسند أحمد ولفظه للترمذي أن رسول الله قال إن أرواح الشهداء في طير خضر تعلق من ثمر الجنة أو شجر الجنة قال الترمذى هذا حديث حسن صحيح ولا محذور في هذا ولا يبطل قاعدة من قواعد الشرع ولا يخالف نصا من كتاب ولا سنة عن رسول الله بل هذا من تمام إكرام الله للشهداء أن أعاضهم من أبدانهم التي مزقوها لله أبدانا خيرا منها تكون مركبا لأرواحهم ليحصل بها كمال تنعمهم فإذا كان يوم القيامة رد أرواحهم إلى تلك الأبدان التي كانت فيها في الدنيا

فان قيل فهذا هو القول بالتناسخ وحلول الأرواح في أبدان غير أبدانها التي كانت فيها قيل هذا المعنى الذي دلت عليه السنة الصريحة حق يجب اعتقاده ولا يبطله تسميه المسمى له تناسخا كما أن إثبات ما دل عليه العقل والنقل من صفات الله عز وجل وحقائق أسمائه الحسنى حق لا يبطله تسمية المعطلين لها تركيبا وتجسيما وكذلك ما دل عليه العقل والنقل من إثبات أفعاله وكلامه بمشيئته ونزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا ومجيئه يوم القيامة للفصل بين عباده حق لا يبطله تسمية المعطلين له حلول حوادث كما أن ما دل عليه العقل والنقل من علو الله على خلقه ومباينته لهم واستوائه على عرشه وعروج الملائكة والروح إليه ونزولها من عنده وصعود الكلم الطيب إليه وعروج رسوله إليه ودنوه منه حتى صار قاب قوسين أو أدنى وغير ذلك من الأدلة حق لا يبطله تسمية الجهمية له حيزا وجهة وتجسيما قال الإمام أحمد لا نزيل عن الله صفة من صفاته لأجل شناعة المشنعين فان هذا شأن أهل البدع يلقبون أهل السنة وأقوالها بالألقاب التي ينفرون منه الجهال ويسمونها حشوا وتركيبا وتجسيما ويسمون عرش الرب تبارك وتعالى حيزا وجهة ليتوصلوا بذلك إلى نفي علوه على خلقه واستوائه على عرشه كما تسمى الرافضة موالاة أصحاب رسول الله كلهم ومحبتهم والدعاء لهم نصا وكما تسمى القدرية المجوسية إثبات القدر جبرا فليس الشأن في الألقاب وإنما الشأن في الحقائق والمقصود أن تسمية ما دلت عليه الصريحة من جعل أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تناسخا لا يبطل هذا المعنى وإنما التناسخ الباطل ما تقوله أعداء الرسل من الملاحدة وغيرهم الذين ينكرون المعاد أن الأرواح تصير بعد مفارقة الأبدان إلى أجناس الحيوان والحشرات والطيور التي تناسبها وتشاكلها فإذا فارقت هذه الأبدان انتقلت إلى أبدان تلك الحيوانات فتنعم فيها أو تعذب ثم تفارقها وتحل في أبدان أخر تناسب أعمالها وأخلاقها وهكذا أبدا فهذا معادها عندهم ونعيمها وعذابها لا معاد لها عندهم غير ذلك فهذا هو التناسخ الباطل المخالف لما اتفقت عليه الرسل والأنبياء من أولهم إلى آخرهم وهو كفر بالله واليوم الآخر وهذه الطائفة يقولون أن مستقر الأرواح بعد المفارقة أبدان الحيوانات التي تناسبها وهو ابطل قول وأخبثه ويليه قول من قال إن الأرواح تعدم جملة بالموت ولا تبقى هناك روح تنعم ولا تعذب بل النعيم والعذاب يقع على أجزاء الجسد أو جزء منه أما عجب أو غيره فيخلق الله فيه الألم واللذة أما بواسطة رد الحياة

إليه كما قاله بعض أرباب هذا القول أو بدون رد الحياة كما قاله آخرون منهم فهؤلاء عندهم لا عذاب في البرزخ إلا على الأجساد ومقابلهم من يقول أن الروح لا تعاد إلى الجسد بوجه ولا تتصل به والعذاب والنعيم على الروح فقط والسنة الصريحة المتواترة ترد قول هؤلاء وهؤلاء وتبين أن العذاب على الروح والجسد مجتمعين ومنفردين فإن قيل فقد ذكرتم أقوال الناس في مستقر الأرواح ومأخذهم فما هو الراجح من هذه الأقوال حتى نعتقده قيل الأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم تفاوت فمنها أرواح في أعلى عليين في الملا الأعلى وهي أرواح الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وهم متفاوتون في منازلهم كما رآهم النبي ليلة الإسراء ومنها أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت وهي أرواح بعض الشهداء لا جميعهم بل من الشهداء من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه أو غيره كما في المسند عن محمد بن عبد الله بن جحش أن رجلا جاء إلى النبي فقال يا رسول الله مالي إن قتلت في سبيل الله قال الجنة فلما ولى قال إلا الذين ! سارني به جبريل آنفا ومنهم من يكون محبوسا على باب الجنة كما في الحديث الآخر رأيت صاحبكم محبوسا على باب الجنة ومنهم من يكون محبوسا في قبره كحديث صاحب الشملة التي غلها ثم استشهد فقال الناس هنيئا له الجنة فقال النبي والذي نفسي بيده إن الشملة التي غلها لتشتعل عليه نارا في قبره ومنهم من يكون مقره باب الجنة كما في حديث ابن عباس الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشية رواه أحمد وهذا بخلاف جعفر بن أبى طالب حيث أبدله الله من يديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء ومنهم من يكون محبوسا في الأرض لم لعل روحه إلى الملأ الأعلى فإنها كانت روحا سفلية أرضية فإن الأنفس الأرضية لا تجامع الأنفس السماوية كما لا تجامعها في الدنيا والنفس التي لم تكتسب في الدنيا معرفة ربها ومحبته وذكره والأنس به والتقرب إليه بل هي أرضية سفلية لا تكون بعد المفارقة لبدنها إلا هناك كما أن النفس العلوية التي كانت في الدنيا عاكفة

على محبة الله وذكره والقرب إليه والأنس به تكون بعد المفارقة مع الأرواح العلوية المناسبة لها فالمرء مع من احب في البرزخ ويوم القيامة والله تعالى يزوج النفوس بعضها ببعض في البرزخ ويوم المعاد كما تقدم في الحديث ويجعل روحه يعنى المؤمن مع النسم الطيب أي الأرواح الطيبة المشاكلة فالروح بعد المفارقة تلحق بأشكالها وأخواتها وأصحاب عملها فتكون معهم هناك ومنها أرواح تكون في تنور الزناة والزاني وأرواح في نهر الدم تسبح فيه وتلقم الحجارة فليس للأرواح سعيدها وشقيها مستقر واحد بل روح في أعلى عليين وروح أرضية سفلية لا تصعد عن الأرض وأنت إذا تأملت السنن والآثار في هذا الباب وكان لك بها فضل اعتناء عرفت حجة ذلك ولا تظن أن بين الآثار الصحيحة في هذا الباب تعارضا فإنها كلها حق يصدق بعضها بعضا لكن الشأن في فهمها ومعرفة النفس وأحكامها وان لها شانا غير شأن البدن وأنها مع كونها في الجنة فهي في السماء وتتصل بفناء القبر وبالبدن فيه وهي أسرع شيء حركة وانتقالا وصعودا وهبوطا وأنها تنقسم إلى مرسلة ومحبوسة وعلوية وسفلية ولها بعد المفارقة صحة ومرض ولذة ونعيم والم أعظم مما كان لها حال اتصالها بالبدن بكثير فهنالك الحبس والألم والعذاب والمرض والحسرة وهنالك اللذة والراحة والنعيم والإطلاق وما أشبه حالها في هذا البدن بحال ولد في بطن أمه وحالها بعد المفارقة بحاله بعد خروجه من البطن إلى هذه الدار فلهذه الأنفس أربع دور كل دار أعظم من التي قبلها الدار الأولى في بطن الأم وذلك الحصر والضيق والغم والظلمات الثلاث والدار الثانية هي الدار التي نشأت فيها والفتها واكتسبت فيها الخبر والشر وأسباب السعادة والشقاوة والدار الثالثة دار البرزخ وهي أوسع من هذه الدار وأعظم بل نسبتها إليه كنسبة هذه الدار إلى الأولى والدار الرابعة دار القرار وهي الجنة أو النار فلا دار بعدها والله ينقلها في هذه الدور طبقا بعد طبق حتى يبلغها الدار التي لا يصلح لها غيرها ولا يليق بها سواها وهي التي خلقت لها وهيئت للعمل الموصل لها إليها ولها في كل دار من هذه الدور حكم وشأن غير شأن الدار الأخرى فتبارك الله فاطرها ومنشئها ومميتها ومحييها ومسعدها ومشقيها الذي فاوت بينها في درجات سعادتها وشقاوتها كما فاوت بينها في مراتب علومها وأعمالها وقواها وأخلاقها فمن

عرفها كما ينبغي شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك كله وله الحمد كله وبيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله وله القوة كلها والقدرة كلها والعز كله والحكمة كلها والكمال المطلق من جميع الوجوه وعرف بمعرفة نفسه صدق أنبيائه ورسله وأن الذي جاءوا به هو الحق الذي تشهد به العقول وتقر به الفطر وما خالفه هو الباطل وبالله التوفيق
المسألة السادسة عشرة
وهي هل تنتفع أرواح الموتى بشيء من سعى الأحياء أم لا فالجواب أنها تنتفع من سعى الأحياء بأمرين مجمع عليهما بين أهل السنة من الفقهاء وأهل الحديث والتفسير أحدهما ما تسبب إليه الميت في حياته والثاني دعاء المسلمين له واستغفارهم له والصدقة والحج على نزاع ما الذي يصل من ثوابه هل ثواب الإنفاق أو ثواب العمل فعند الجمهور يصل ثواب العمل نفسه وعند بعض الحنفية إنما يصل ثواب الإنفاق واختلفوا في العبادة البدنية كالصوم والصلاة وقراءة القرآن والذكر فمذهب الإمام أحمد وجمهور السلف وصولها وهو قول بعض أصحاب أبى حنيفة نص على هذا الإمام أحمد في رواية محمد بن يحيى الكحال قال قيل لأبى عبد الله الرجل يعمل الشيء من الخير من صلاة أو صدقة أو غير ذلك فيجعل نصفه لأبيه أو لأمه قال أرجو أو قال الميت يصل إليه كل شيء من صدقة أو غيرها وقال أيضا اقرأ آية الكرسي ثلاث مرات وقل هو الله أحد وقل اللهم إن فضله لأهل المقابر والمشهور من مذهب الشافعي ومالك أن ذلك لا يصل وذهب بعض أهل البدع من أهل الكلام أنه لا يصل إلى الميت شيء البتة لادعاء ولا غيره فالدليل على انتفاعه بما تسبب إليه في حياته ما رواه مسلم في صحيه من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله قال إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له فاستثناء هذه الثلاث من عمله يدل على أنها منه فانه هو الذي تسبب إليها وفي سنن ابن ماجه من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله

إنما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره أو ولدا صالحا تركه أو مصحفا ورثه أو مسجدا بناه أو بيتا لابن السبيل بناه أو نهرا إكراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته وفي صحيح مسلم أيضا من حديث جرير بن عبد الله قال قال رسول الله من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء وهذا المعنى روى عن النبي من عدة وجوه صحاح وحسان وفي المسند عن حذيفة قال سأل رجل على عهد رسول الله فامسك القوم ثم أن رجلا أعطاه فأعطى القوم فقال النبي من سن خيرا فاستن به كان له أجره ومن أجور من تبعه غير منتقص من أجورهم شيئا ومن سن شرا فاستن به كان عليه وزره ومن أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شيئا وقد دل على هذا قوله لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل فإذا كان هذا في العذاب والعقاب ففي الفضل والثواب أولى وأحرى
فصل والدليل على انتفاعه بغير ما تسبب فيه القرآن والسنة والإجماع
وقواعد الشرع أما القرآن فقوله تعالى ^ والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ^ فأثنى الله سبحانه عليهم باستغفارهم للمؤمنين قبلهم فدل على انتفاعهم باستغفار الأحياء وقد يمكن أن يقال إنما انتفعوا باستغفارهم لأنهم سنوا لهم الإيمان بسبقهم إليه فلما اتبعوهم فيه كانوا كالمستنين في حصوله لهم لكن قد دل على انتفاع الميت بالدعاء إجماع الأمة على الدعاء له في صلاة الجنازة وفي السنن من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء وفي صحيح مسلم مد حديث عوف بن مالك قال على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله وأوسع

مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار وفي السنن عن وائلة بن الأسقع قال على رجل من المسلمين فسمعته يقول اللهم إن فلانا ابن فلان في ذمتك وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار وأنت أهل الوفاء والحق فاغفر له وارحمه إنك الغفور الرحيم وهذا كثير في الأحاديث بل هو المقصود بالصلاة على الميت وكذلك الدعاء له بعد الدفن وفي السنن من حديث عثمان بن عفان رضى الله عنه قال كان النبي إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فانه الآن يسأل وكذلك الدعاء لهم عند زيارة قبورهم كما في صحيح مسلم من حديث بريدة بن الخصيب قال كان رسول الله يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية وفي صحيح مسلم أن عائشة رضى الله عنها سألت النبي كيف نقول إذا استغفرت لأهل القبور قال قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وانا إن شاء الله بكم للاحقون وفي صحيحه عنها أيضا أن رسول الله خرج في ليلتها من آخر الليل إلى البقيع فقال السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وانا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد ودعاء النبي للأموات فعلا وتعليما ودعاء الصحابة والتابعين والمسلمين عصرا بعد عصر أكثر من أن يذكر وأشهر من أن ينكر وقد جاء ان الله يرفع درجة العبد في الجنة فيقول أنى لى هذا فيقال بدعاء ولدك لك
فصل وأما وصول ثواب الصدقة ففي الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها أن
رجلا أتى النبي فقال يا رسول الله أن أمي افتلت ! نفسها ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها قال نعم

وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أن سعد بن عبادة توفيت أمه وهو غائب عنها فأتى النبي فقال يا رسول الله إن أمي توفيت وأنا غائب عنها فهل ينفعها إن تصدقت عنه قال نعم قال فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عنها وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رجلا قال للنبي ان أبى مات وترك مالا ولم يوص فهل يكفى عنه أن أتصدق عنه قال نعم وفي السنن ومسند أحمد عن سعد بن عبادة أنه قال يا رسول الله ان أم سعد ماتت فأى الصدقة أفضل قال الماء فحفر بئر وقال هذه لأم سعد وعن عبد الله بن عمرو أن العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة وإن هشام بن العاص نحر خمسة وخمسين وأن عمرا سأل النبي عن ذلك فقال أما أبوك فلو أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك رواه الإمام أحمد
فصل وأما وصول ثواب الصوم ففي الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها أن
رسول الله قال من مات وعليه صيام صام عنه وليه وفي الصحيحين أيضا عن ابن عباس رضى الله عنهما قلا جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها قال نعم فدين الله أحق أن يقضى وفي رواية جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها قال أفرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدى ذلك عنها قالت نعم قال فصومي عن أمك وهذا اللفظ للبخاري وحده تعليقا وعن بريدة رضى الله عنه قال بينا ! أنا جالس عند رسول الله إذ أتته امرأة فقالت إني تصدقت على أمي بجارية وأنها ماتت فقال وجب أجرك وردها عليك الميراث فقالت يا رسول الله انه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها قال صومي عنها قالت إنها لم تحج قط أفأحج عنها قال حجى عنها رواه مسلم وفي لفظ صوم شهرين وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله نجاها أن تصوم شهرا فنجاها الله فلم تصم حتى ماتت فجاءت بنتها أو أختها إلى رسول الله

فأمرها أن تصوم عنها رواه أهل السنن والإمام أحمد وكذلك روى عنه وصول ثواب بدل الصوم وهو الاطعام ففي السنن عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه لكل يوم مسكين رواه الترمذى وابن ماجه قال الترمذى ولا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه والصحيح عن ابن عمر من قوله موقوفا وفي سنن أبى داود عن ابن عباس رضى الله عنهما قال إذا مرض الرجل في رمضان ولم يصم أطعم عنه ولم يكن عنه قضاء وإن نذر قضى عنه وليه
فصل وأما وصول ثواب الحج ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضى الله
عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي فقالت إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها قال حجى عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته اقضوا الله فالله أحق بالقضاء وقد تقدم حديث بريدة وفيه أن أمي لم تحج قط أفأحج عنها قال حجى عنها وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال إن امرأة سنان بن سلمة الجهني سألت رسول الله أن أمها ماتت ولم تحج أفيجزىء أن تحج عنها قال نعم لو كان على أمها دين فقضته عنها ألم يكن يجزىء عنها رواه النسائي وروى أيضا عن ابن عباس رضى الله عنهما أن امرأة سألت النبي عن ابنها مات ولم يحج قال حجى عن ابنك وروى أيضا عنه قال قال رجل يا نبي الله ان أبى مات ولم يحج أفأحج عنه قال أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه قال نعم قال فدين الله أحق وأجمع المسلمون على أن قضاء الدين يسقطه من ذمته ولو كان من أجنبي أو من غير تركته وقد دل عليه حديث أبى قتادة حيث ضمن الدينارين عن الميت فلما قضاهما قال له النبي الآن بردت عليه جلدته وأجمعوا على أن الحي إذا كان له في ذمة الميت حق من الحقوق فأحله منه أنه ينفعه ويبرأ منه كما يسقط من ذمة الحي فإذا سقط من ذمة الحي بالنص والإجماع مع إمكان أدائه له بنفسه ولو لم يرض به بل

رده فسقوطه من ذمة الميت بالابراء حيث لا يتمكن من أدائه أولى وأحرى وإذا انتفع بالإبراء والإسقاط فكذلك ينتفع بالهبة والإهداء ولا فرق بينهما فإن ثواب العمل حق المهدى الواهب فإذا جعله للميت انتقل إليه كما أن ما على الميت من الحقوق من الدين وغيره هو محض حق الحي فإذا أبرأه وصل الإبراء إليه وسقط من ذمته فكلاهما حق للحى فأي نص أو قياس أو قاعدة من قواعد الشرع يوجب وصول أحدهما ويمنع وصول الآخر هذه النصوص متظاهرة على وصول ثواب الأعمال إلى الميت إذا فعلها الحي عنه وهذا محض للقياس فإن الثواب حق للعامل فإذا وهبه لأخيه المسلم لم يمنع من ذلك كما لم يمنع من هبة ماله في حياته وإبرائه له من بعد موته وقد نبه النبي بوصول ثواب الصوم الذي هو مجرد ترك ونية تقوم بالقلب لا يطلع عليه إلا الله وليس بعمل الجوارح على وصول ثواب القراءة التي هي عمل باللسان تسمعه الأذن وتراه العين بطريق الأولى ويوضحه أن الصوم نية محضة وكف النفس عن المفطرات وقد أوصل الله ثوابه إلى الميت فكيف بالقراءة التي هي عمل ونية بل لا تفتقر إلى النية فوصول ثواب الصوم إلى الميت فيه تنبيه على وصول سائر الأعمال والعبادات قسمان مالية وبدنية وقد نبه الشارع بوصول ثواب الصدقة قال على وصول ثواب سائر العبادات المالية ونبه بوصول ثواب الصوم على وصول ثواب سائر العبادات البدنية وأخبر بوصول ثواب الحج المركب من المالية والبدنية فالأنواع الثلاثة ثابتة بالنص والاعتبار وبالله التوفيق قال المانعون من الوصول قال الله تعالى ^ وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ^ وقال ^ ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون ^ وقال ^ لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ^ وقد ثبت عن النبي أنه قال إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية عليه أو ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به من بعد فأخبر أنه إنما ينتفع بما كان تسبب إليه في الحياة وما لم يكن قد تسبب إليه فهو منقطع عنه وأيضا فحديث أبى هريرة رضى الله عنه المتقدم وهو قوله إن مما يلحق الميت من عمله وحسناته بعد موته علما نشره الحديث يدل على أنه إنما ينتفع بما كان قد تسبب فيه وأيضا فحديث أبى هريرة رضى الله عنه المتقدم وهو قوله إن مما يلحق الميت من عمله وحسناته بعد موته علما نشره الحديث يدل على أنه إنما ينتفع بما كان قد تسبب فيه وكذلك حديث أنس يرفعه سبع يجرى على العبد أجرهن وهو في قبره بعد موته من علم

علما أو أكرى نهرا أو حفر بئرا أو غرس نخلا أو بنى مسجدا أو ورث مصحفا أو ترك ولدا صالحا يستغفر له بعد موته وهذا يدل على أن ما عدا ذلك لا يحصل له منه ثواب وإلا لم يكن للحصر معنى قالوا والإهداء حوالة والحوالة إنما تكون بحق لازم والأعمال لا توجب الثواب وإنما هو مجرد تفضل الله وإحسانه فكيف يحيل العبد على مجرد الفضل الذي لا يجب على الله بل إن شاء آتاه وإن لم يشأ لم يؤته وهو نظير حوالة الفقير على من يرجو أن يتصدق عليه ومثل هذا لا يصح إهداؤه وهبته كصلة ترجى من ملك لا لتحقق حصولها قالوا وأيضا فالإيثار بأسباب الثواب مكروه وهو الإيثار بالقرب فكيف الإيثار بنفس الثواب الذي هو غاية إذا كره الإيثار بالوسيلة فالغاية أولى وأحرى وكذلك كره الإمام أحمد التأخر عن الصف الأول وإيثار الغير به لما فيه من الرغبة عن سبب الثواب قال أحمد في رواية حنبل وقد سئل عن الرجل يتأخر عن الصف الأول ويقدم أباه في موضعه قال ما يعجبني هو يقدر أن يبر أباه بغير هذا قالوا أيضا لو ساغ الإهداء إلى الميت لساغ نقل الثواب والإهداء إلى الحي وأيضا لو ساغ ذلك لساغ لهذا نصف الثواب وربعه وقيراط منه وأيضا لو ساغ ذلك لساغ إهداؤه بعد أن يعمله لنفسه وقد قلتم أنه لا بد أن ينوى حال الفعل إهداءه إلى الميت وإلا لم يصل إليه فإذا ساغ له نقل الثواب فأي فرق بين أن ينوى قبل الفعل أو بعده وأيضا لو ساغ الإهداء لساغ إهداء ثواب الواجبات على الحي كما يسوغ إهداء ثواب التطوعات التي يتطوع بها قالوا وإن التكاليف امتحان وابتلاء لا تقبل البدل فإن المقصود منها عين المكلف العامل المأمور المنهي فلا يبدل المكلف الممتحن بغيره ولا ينوب غيره عنه في ذلك أن المقصود طاعته هو نفسه وعبوديته ولو كان ينتفع بإهداء غيره له من غير عمل منه لكان أكرم الأكرمين أولى بذلك وقد حكم سبحانه أنه لا ينتفع إلا بسعيه وهذه سنته تعالى في خلقه وقضاؤه كما هي سنته في أمره وشرعه فإن المريض لا ينوب عنه غيره في شرب الدواء والجائع والظمآن والعاري لا ينوب عنه غيره في الأكل والشرب واللباس قالوا ولو نفعه عمل غيره لنفعه توبته عنه

قالوا ولهذا لا يقبل الله إسلام أحد ولا صلاته عن صلاته فإذا كان رأس العبادات لا يصح إهداء ثوابه فكيف فروعها قالوا وأما الدعاء فهو سؤال ورغبة إلى الله أن يتفضل على الميت ويسامحه ويعفو عنه وهذا إهداء ثواب عمل الحي إليه قال المقتصرون على وصول العبادات التي تدخلها النيابة كالصدقة والحج والعبادات نوعان نوع لا تدخله النيابة بحال كالإسلام والصلاة وقراءة القرآن والصيام فهذا النوع يختص ثوابه بفاعله لا يتعداه ولا ينقل عنه كما أنه في الحياة لا يفعله أحد عن أحد ولا ينوب فيه عن فاعله غيره ونوع تدخله النيابة كرد الودائع وأداء الديون وإخراج الصدقة والحج فهذا يصل ثوابه إلى الميت لأنه يقبل النيابة ويفعله العبد عن غيره في حياته فبعد موته بالطريق الأولى والأحرى قالوا وأما حديث من مات وعليه صيام صام عنه وليه فجوابه من وجوه أحدها ما قاله مالك في موطئه قال لا يصوم أحد عن أحد قال وهو أمر مجمع عليه عندنا لا خلاف فيه الثاني أن ابن عباس رضى الله عنهما هو الذي روى حديث الصوم عن الميت وقد روى عنه النسائي أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا يزيد بن زريع حدثنا حجاج الأحول حدثنا أيوب بن موسى عن عطاء بن أبى رباح عن ابن عباس رضى الله عنهما قال لا يصلى أحد عن أحد الثالث أنه حديث اختلف في إسناده هكذا قال صاحب المفهم في شرح مسلم الرابع أنه معارض بنص القرآن كما تقدم من قوله تعالى ^ وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ^ الخامس أنه معارض بما رواه النسائي عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي أنه قال لا يصلى أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مدا من حنطة السادس أنه معارض بحديث محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبي من مات وعليه صوم رمضان يطعم عنه

السابع أنه معارض بالقياس الجلي على الصلاة والإسلام والتوبة فان أحدا لا يفعلها عن أحد قال الشافعي فيما تكلم به على خبر ابن عباس لم يسم ابن عباس ما كان نذر أم سعد فاحتمل أن يكون نذر حج أو عمرة أو صدقة فأمره بقضائه عنها فأما من نذر صلاة أو صياما ثم مات فإنه يكفر عنه في الصوم ولا يصام عنه ولا يصلى عنه ولا يكفر عنه في الصلاة ثم قال فإن قيل أفأروى عن رسول الله أمر أحد أن يصوم عن أحد قيل نعم روى ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي فإن قيل فلم لا تأخذ به قيل حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي نذرا ولم يسمعه ! مع حفظ الزهري وطول مجالسه عبيد الله لابن عباس فلما جاء غيره عن رجل عن ابن عباس بغير ما في حديث عبيد الله أشبه أن لا يكون محفوظا فإن قيل فتعرف الرجل الذي جاء بهذا الحديث يغلط عن ابن عباس قيل نعم روى أصحاب ابن عباس عن ابن عباس أنه قال لابن الزبير أن الزبير حل من متعة الحج فروى هذا عن ابن عباس أنها متعة النساء وهذا غلط فاحش فهذا الجواب عن فعل الصوم وأما فعل الحج فإنما يصل منه ثواب الإنفاق وأما أفعال المناسك فهي كأفعال الصلاة إنما تقع عن فاعلها قال أصحاب الوصول ليس في شيء مما ذكرتم ما يعارض أدلة الكتاب والسنة واتفاق سلف الأمة ومقتضى قواعد الشرع ونحن نجيب عن كل ما ذكرتموه بالعدل والإنصاف أما قوله تعالى ^ وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ^ فقد اختلفت طرق الناس في المراد بالآية فقالت طائفة المراد بالإنسان ها هنا الكافر وأما المؤمن فله ما سعى وما سعى له بالأدلة التي ذكرناها قالوا وغاية ما في هذا التخصيص وهو جائز إذا دل عليه الدليل وهذا الجواب ضعيف جدا ومثل هذا العام لا يراد به الكافر وحده بل هو للمسلم والكافر وهو كالعام الذي قبله وهو قوله تعالى أن لا تزر وازرة وزر أخرى والسياق كله من أوله إلى آخره كالصريح في إرادة العموم لقوله تعالى ^ وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى ^ وهذا يعم الشر والخير قطعا ويتناول البر والفاجر والمؤمن والكافر كقوله تعالى ^ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ^ وكقوله له في الحديث الإلهي يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه وهو كقوله تعالى ^ يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ^ ولا تغتر بقود كثير من المفسرين في لفظ الإنسان في

القرآن الإنسان ها هنا أبو جهل والإنسان ها هنا عقبة ابن أبى معيط والإنسان هاهنا الوليد ابن المغيرة فالقرآن أجل من ذلك بل الإنسان هو الإنسان من حيث هو من غير اختصاص بواحد بعينه كقوله تعالى ^ إن الإنسان لفي خسر ^ و ^ إن الإنسان لربه لكنود ^ و ^ إن الإنسان خلق هلوعا ^ و ^ إن الإنسان ليطغى ان رآه استغنى ^ و ^ إن الإنسان لظلوم كفار ^ و ^ وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ^ فهذا شأن الإنسان من حيث ذاته ونفسه وخروجه عن هذه الصفات بفضل ربه وتوفيقه له ومنته عليه لا من ذاته فليس له من ذاته إلا هذه الصفات وما به من نعمة فمن الله وحده فهو الذى حبب إلى عبده الإيمان وزينه في قلبه وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان وهو الذي كتب في قلبه الإيمان وهو الذي يثبت أنبياءه ورسله وأولياءه على دينه وهو الذي يصرف عنهم السوء والفحشاء وكان يرتجز بين يدي النبي والله لولا الله ما اهتدينا % ولا تصدقنا ولا صلينا وقد قال تعالى ^ وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ^ وقال تعالى ^ وما يذكرون إلا أن يشاء الله ^ وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين فهو رب جميع العالم ربوبية شاملة لجميع ما في العالم من ذوات وأفعال وأحوال وقالت طائفة الآية أخبار بشرع من قبلنا وقد دل شرعنا على أنه له ما سعى وما سعى له وهذا أيضا أضعف من الأول أو من جنسه فان الله سبحانه أخبر بذلك أخبار مقرر له محتج به لا أخبار مبطل له ولهذا قال ^ أم لم ينبأ بما في صحف موسى ^ فلو كان هذا باطلا في هذه الشريعة لم يخبر به أخبار مقرر له محتج به وقالت طائفة اللام بمعنى على أي وليس على الإنسان إلا ما سعى وهذا أبطل من القولين الأولين فإنه قول موضوع الكلام إلى ضد معناه المفهوم منه ولا يسوغ مثل هذا ولا تحتمله اللغة وأما نحو ولهم اللعنة فهي على بابها أي نصيبهم وحظهم وأما أن العرب تعرف في لغاتها لي درهم بمعنى على درهم فكلا وقالت طائفة في الكلام حذف تقديره ^ وان ليس للإنسان إلا ما سعى ^ أو سعى له وهذا أيضا من النمط الأول فإنه حذف مالا يدل السياق عليه بوجه وقول على الله وكتابه بلا علم وقالت طائفة أخرى الآية منسوخة بقوله تعالى ^ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ^ وهذا منقول عن ابن عباس رضى الله عنهما وهذا ضعيف أيضا

ولا يرفع حكم الآية بمجرد قول ابن عباس رضى الله عنهما ولا غيره أنها منسوخة والجميع بين الآيتين غير متعذر ولا ممتنع فإن الأبناء تبعوا الآباء في الآخرة كما كانوا تبعا ! لهم في الدنيا وهذه التبعية هي من كرامة الآباء وثوابهم الذي نالوه بسعيهم وأما كون الأبناء لحقوا بهم في الدرجة بلا سعى منهم فهذا ليس هو لهم وإنما هو للآباء أقر الله أعينهم بإلحاق ذريتهم بهم في الجنة وتفضل على الأبناء بشيء لم يكن لهم كما تفضل بذلك على الوالدان والحور العين والخلق ألذين ينشئهم للجنة بغير أعمال والقوم الذين يدخلهم الجنة بلا خير قدموه ولا عمل عملوه فقوله تعالى أن لا تزر وازرة وزر أخرى وقوله ^ وان ليس للإنسان إلا ما سعى ^ آيتان محكمتان يقتضيهما عدل الرب تعالى وحكمته وكما له المقدس والعقل والفطرة شاهدان بهما فالأول تقتضي أنه لا يعاقب بجرم غيره والثانية تقتضي أنه لا يفلح إلا بعمله وسعيه فالأولى تؤمن العبد من أخذه بجريرة غيره كما يفعله ملوك الدنيا والثانية تقطع طمعه من نجاته بعمل آبائه وسلفه ومشايخه كما عليه أصحاب الطمع الكاذب فتأمل حسن اجتماع هاتين الآيتين ونظيره قوله تعالى ^ من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ^ ^ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ^ فحكم سبحانه لأعدائه بأربعة أحكام هي غاية العدل والحكمة أحدها إن هدى العباد بالإيمان والعمل الصالح لنفسه لا لغيره الثاني أن ضلاله بفوات ذلك وتخلفه عنه على نفسه لا على غيره الثالث أن أحدا لا يؤاخذ بجريرة غيره الرابع أنه لا يعذب أحدا إلا بعد إقامة الحجة عليه يرسله فتأمل ما في ضمن هذه الأحكام الأربعة من حكمته تعالى وعدله وفضله والرد على أهل الغرور والأطماع الكاذبة وعلى أهل الجهل بالله وأسمائه وصفاته وقالت طائفة أخرى المراد بالإنسان ها هنا الحي دون الميت وهذا أيضا من النمط الأول في الفساد وهذا كله من سوء التصرف في اللفظ العام وصاحب هذا التصرف لا ينفذ تصرفه في دلالات الألفاظ وحملها على خلاف موضوعها وما يتبادر إلى الذهن منها وهو تصرف فاسد قطعا يبطله السياق والاعتبار وقواعد الشرع وأدلته وعرفه وسبب هذا التصرف السيىء أن صاحبه يعتقد قولا ثم يرد كلما دل على خلافه بأي طريق اتفقت له فالأدلة المخالفة لما

اعتقده عنده من باب الصائل لا يبالي بأي شيء دفعه وأدلة الحق لا تتعارض ولا تتناقض بل يصدق بعضها بعضا وقالت طائفة أخرى وهو جواب أبى الوفاء بن عقيل قال الجواب الجيد عندي إن يقال الإنسان بسعيه وحسن عشرته اكتسب الأصدقاء وأولد الأولاد ونكح الأزواج وأسدى الخير وتودد إلى الناس فترحموا عليه وأهدوا له العبادات وكان ذلك أثر سعيه كما قال إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه ويدل عليه قوله في الحديث الآخر إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به من بعده وصدقة جارية عليه أو ولد صالح يدعو له ومن هنا قول الشافعي إذا بذل له ولده طاعة الحج كان ذلك سببا لوجوب الحج عليه حتى كأنه في ماله زاد وراحلة بخلاف بذل الأجنبي وهذا جواب متوسط يحتاج إلى تمام فإن العبد بإيمانه وطاعته لله ورسوله قد سعى في انتفاعه بعمل إخوانه المؤمنين مع عمله كما ينتفع بعملهم في الحياة مع عمله فإن المؤمنين ينتفع بعضهم بعمل بعض في الأعمال التي يشتركون فيها كالصلاة في جماعة فإن كل واحد منهم تضاعف صلاته إلى سبعة وعشرين ضعفا لمشاركة غيره له في الصلاة فعمل غيره كان سببا لزيادة أجره كما أن عمله سبب لزيادة أجر الآخر بل قد قيل إن الصلاة يضاعف ثوابها يعدد المصلين وكذلك اشتراكهم في الجهاد والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى وقد قال النبي المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه ومعلوم أن هذا بأمو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eldaaia-gantelfrdous.yoo7.com
 
فصل وأما قول من قال إن أرواح المؤمنين تجتمع ببئر زمزم فلا دليل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» برنامج دليل الغزوات المصور
»  في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة ابن قيم الجوزية
» وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين
» أشتاق لِـ جلسة على درج الحرم ، وأستنشاق ذرات زمزم المختلطة بِ أوكسجين المكان - شوق ليس له حد ♥ أن أسحب أقدامي الحافية وأنا أسمر عيني في ( الكعبة ) ! ولا أعرف ما أدعو به من الرهبة - شوق وحنين ♡ بإن أستمع لـِ قراءة احدهم [ المعيقلي • السديس • الشريم • ] وكأ
» استكثروا من الاصدقاء المؤمنين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الداعية جنة الفردوس :: التاريخ والسيرة :: قصص الصحابة و السلف الصالح-
انتقل الى: