الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: المسألة التاسعة وهي قول السائل ما الأسباب التي يعذب بها أصحاب القبور الأربعاء فبراير 06, 2013 2:22 pm | |
| المسألة التاسعة وهي قول السائل ما الأسباب التي يعذب بها أصحاب القبور جوابها من وجهين مجمل ومفصل أما المجمل فانهم يعذبون على جهلهم بالله وإضاعتهم لأمره وارتكابهم لمعاصيه فلا يعذب الله روحا عرفته وأحبته وامتثلت أمره واجتنبت نهيه ولا بدنا كانت فيه أبدا فان عذاب القبر وعذاب الآخرة أثر غضب الله وسخطه على عبده فمن أغضب الله وأسخطه في هذه الدار ثم لم يتب ومات على ذلك كان له من عذاب البرزخ بقدر غضب الله وسخطه عليه فمستقل ومستكثر ومصدق ومكذب وأما الجواب المفصل فقد أخبر النبي عن الرجلين الذين رآهما يعذبان في قبورهما يمشى أحدهما بالنميمة بين الناس ويترك الآخر الاستبراء من البول فهذا ترك الطهارة الواجبة وذلك ارتكب السبب الموقع للعداوة بين الناس بلسانه وإن كان صادقا وفي هذا تنبيه على أن الموقع بينهم العداوة بالكذب والزور والبهتان أعظم عذابا كما أن في ترك الاستبراء من البول تنبيها على أن من ترك الصلاة التي الاستبراء من البول بعض واجباتها وشروطها فهو أشد عذابا وفي حديث شعبة أما أحدهما فكان يأكل لحوم الناس فهذا مغتاب وذلك نمام وقد تقدم حديث ابن مسعود رضى الله عنه في الذى ضرب سوطا امتلأ القبر عليه به نارا لكونه صلى صلاة واحدة بغير طهور ومر على مظلوم فلم ينصره وقد تقدم حديث سمرة في صحيح البخارى في تعذيب من يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق وتعذيب من يقرأ القرآن ثم ينام عنه بالليل ولا يعمل به بالنهار وتعذيب الزناة والزوانى وتعذيب آكل الربا كما شاهدهم النبي في البرزخ وتقدم حديث أبى هريرة رضى الله عنه الذى فيه رضخ رءوس أقوام بالصخر لتثاقل رءوسهم عن الصلاة والذى يسرحون بين الضريع والزقوم لتركهم زكاة أموالهم والذين يأكلون اللحم المنتن الخبيث لزناهم والذين تقرض شفاههم بمقاريض من حديد لقيامهم في الفتن بالكلام والخطب وتقدم حديث أبى سعيد وعقوبة أرباب تلك الجرائم فمنهم من بطونهم أمثال البيوت وهم على سابلة آل فرعون وهم أكلة الربا ومنهم من تفتح أفواههم فيلقمون الجمر حتى يخرج من أسافلهم وهم أكلة أموال اليتامى ومنهم المعلقات بثديهن وهن الزوانى ومنهم من تقطع جنوبهم ويطعمون لحومهم وهم المغتابون ومنهم من لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم وهم الذين يغمتون أعراض الناس
وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه و آله و سلم عن صاحب الشملة التي غلها من المغنم انها تشتعل نارا في قبره هذا وله فيها حق فكيف بمن ظلم غيره ما لا حق له فيه فعذاب القبر عن معاصي القلب و العين و الاذن و الفم و اللسان و البطن و الفرج و اليد و الرجل و البدن كله فالنمام و الكذاب و المغتاب و شاهد الزور و قاذف المحصن و الموضع في الفتنة و الداعي إلى البدعة و القائل على الله و رسوله مالا علم له به والمجازف في كلامه وآكل الربا آكل أموال اليتامى وآكل السحت من الرشوة و البرطيل و نحوهما وآكل مال أخيه المسلم بغير حق أو مال المعاهد و شارب المسكر وآكل لقمة الشجرة الملعونة والزاني واللوطي والسارق والخائن والغادر والمخادع والماكر وآخذ الربا ومعطيه وكاتبه وشاهداه والمحلل والمحلل له و المحتال على إسقاط فرائض الله وارتكاب محارمه ومؤذي المسلمين ومتتبع عوراتهم والحاكم بغير ما أنزل الله والمفتي بغير ما شرعه الله والمعين على الاثم و العدوان وقاتل النفس التي حرم الله والملحد في حرم الله والمعطل لحقائق أسماء الله وصفاته الملحد فيها والمقدم رأيه وذوقه وسياسته على سنة رسول والنائحة والمستمع إليها ونواحوا جهنم وهم المغنون الغناء الذى حرمه الله ورسوله والمستمع إليهم والذين يبنون المساجد على القبور ويوقدون عليها القناديل والسرج والمطففون في استيفاء ما لهم إذا أخذوه وهضم ما عليهم إذا بذلوه والجبارون والمتكبرون والمراؤون والهمازون واللمازون والطاعنون على السلف والذين يأتون الكهنة والمنجمين والعرافين فيسألونهم ويصدقونهم وأعوان الظلمة الذين قد باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم والذى إذا خوفته بالله وذكرته به لم يرعو ولم ينزجر فاذا خوفته بمخلوق مثله خاف وارعوى وكف عما هو فيه والذى يهدى بكلام الله ورسوله فلا يهتدى ولا يرفع به رأسا فاذا بلغه عمن يحسن به الظن ممن يصيب ويخطىء عض عليه بالنواجذ ولم يخالفه والذى يقرأ عليه القرآن فلا يؤثر فيه وربما استثقل به فاذا سمع قرآن الشيطان ورقية الزنا ومادة النفاق طاب سره وتواجد وهاج من قلبه دواعى الطرب وود أن المغنى لا يسكت والذى يحلف بالله ويكذب فاذا حلف بالبندق أو برئ من شيخه أو قريبه أو سراويل الفتوة أو حياة من يحبه ويعظمه من المخلوقين لم يكذب ولو هدد وعوقب والذى يفتخر بالمعصية ويتكثر بها بين اخوانه وأضرابه وهو المجاهر والذى لا تأمنه على مالك وحرمتك والفاحش اللسان البذىء الذى تركه الخلق اتقاء شره وفحشه والذى يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها وينقرها ولا يذكر الله فيها إلا قليلا ولا يؤدى زكاة ماله طيبة بها نفسه ولا يحج مع قدرته على الحج ولا يؤدى ما عليه من الحقوق مع قدرته عليها ولا يتورع من لحظة ولا لفظة ولا أكلة ولا
خطوة ولا يبإلى بما حصل من المال من حلال أو حرام ولا يصل رحمه ولا يرحم المسكين ولا الأرملة ولا اليتيم ولا الحيوان البهيم بل يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين ويرائى للعالمين ويمنع الماعون ويشتغل بعيوب الناس عن عيبه وبذنوبهم عن ذنبه فكل هؤلاء وأمثالهم يعذبون في قبورهم بهذه الجرائم بحسب كثرتها وقلتها وصغيرها وكبيرها ولما كان أكثر الناس كذلك كان أكثر أصحاب القبور معذبين والفائز منهم قليل فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات وعذاب ظواهرها بالتراب والحجارة المنقوشة مبنيات وفي باطنها الدواهى والبليات تغلى بالحسرات كما تغلى القدور بما فيها ويحق لها وقد حيل بينها وبين شهواتها وأمانيها تالله لقد وعظت فما تركت لواعظ مقالا ونادت يا عمار الدنيا لقد عمرتم دارا موشكة بكم زوالا وخربتم دارا أنتم مسرعونى إليها انتقالا عمرتم بيوتا لغيركم منافعها وسكناها وخربتم بيوتا ليس لكم مساكن سواها هذه دار الاستباق ومستودع الاعمال وبذر الزرع وهذه محل للعبر رياض من رياض الجنة أو حفر من حفر النار المسألة العاشرة الأسباب المنجية من عذاب القبر جوابها أيضا من وجهين مجمل ومفصل أما المجمل فهو تجنب تلك الأسباب التي تقتضى عذاب القبر ومن انفعها ان يجلس الرجل عندما يريد النوم لله ساعة يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه ثم يجدد له توبة نصوحا بينه وبين الله فينام على تلك التوبة ويعزم على أن لا يعاود الذنب إذا استيقظ ويفعل هذا كل ليلة فإن مات من ليلته مات على توبة وإن استيقظ استيقظ مستقبلا للعمل مسرورا بتأخير أجله حتى يستقبل ربه ويستدرك ما فاته وليس للعبد انفع من هذه النومة ولا سيما إذا عقب ذلك بذكر الله واستعمال السنن التي وردت عن رسول الله عند النوم حتى يغله النوم فمن أراد الله به خيرا وفقه لذلك ولا قوة إلا بالله وأما الجواب المفصل فنذكر أحاديث عن رسول الله فيما ينجى من عذاب القبر فمنها ما رواه مسلم في صحيحه عن سلمان رضى الله عنه قال سمعت رسول الله يقول رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وان مات اجرى عليه عمله الذى كان يعمله واجرى عليه رزقه وأمن الفتان
وفي جامع الترمذى من حديث فضالة بن عبيد عن رسول الله قال كل ميت يختم على عمله إلا الذى مات مرابطا في سبيل الله فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة ويأمن من فتنة القبر قال الترمذى هذا حديث حسن صحيح وفي سنن النسائى عن رشدين بن سعد عن رجل من اصحاب النبي صلى الله أن رجلا قال يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد قال كفي ببارقة السيوف على رأسه فتنة وعن المقدام بن معد يكرب قال قال رسول الله للشهيد عند الله ست خصال يغفر له في أول دفعة من دمه وبرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين من اقاربه رواه ابن ماجه والترمذى وهذا لفظه وقال هذا حديث حسن صحيح وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال ضرب رجل من أصحاب رسول الله خباءه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر فإذا قبر قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها فاتى النبي فقال يا رسول الله ضربت خبائى على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها فقال النبي هى المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر قال الترمذى هذا حديث حسن غريب وروينا في مسند بن حميد عن إبراهيم بن الحكم عن ابيه عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال لرجل ألا أتحفك بحديث تفرح به قال الرجل بلى قال اقرأ ^ تبارك الذى بيده الملك وهو على كل شيء قدير ^ احفظها وعلما أهلك وولدك وصبيان بيتك وجيرانك فإنها المنجية والمجادلة تجادل أو تخاصم يوم القيامة عند ربها لقارئها وتطلب له إلى ربها أن ينجيه من عذاب النار إذا كانت في جوفه وينجى الله بها صاحبها من عذاب القبر قال رسول الله لودت أنها في قلب كل إنسان من أمتى قال أبو عمر بن عبد البر وصح عن رسول الله أنه قال إن سورة ثلاثين آية شفعت في صاحبها حتى غفر له ^ تبارك الذى بيده الملك ^ وفي سنين ابن ماجه من حديث أبى هريرة رضى الله عنه برفعه من مات مبطونا مات شهيدا ووقي فتنة القبر وغدى وريح عليه برزق من الجنة وفي سنن النسائى عن جامع بن شداد قال سمعت عبد الله بن يشكر يقول كنت جالسا مع سليمان بن صره وخالد بن عرفطة فذكروا أن رجلا مات ببطنه فإذا هما يشتهيان أن
يكونا شهدا جنازته فقال أحدهما للآخر ألم يقل رسول الله من قتله بطنه لم يعذب في قبره وقال أبو داود الطيالسى في مسنده حدثنا شعبة حدثنى أحمد بن جامع بن شداد قال أبى فذكره وزاد فقال الآخر بلى وفي الترمذى من حديث ربيعة بن سيف عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر قال الترمذى هذا حديث حسن غريب وليس إسناده بمتصل ربيعة بن سيف إنما يروى عن أبى عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو ولا يعرف لربيعة بن سيف سماع من عبد الله ابن عمرو انتهى وقد روى الترمذى الحكيم من حديث ربيعة بن سيف هذا عن عياض بن عقبة الفهرى عن عبد الله بن عمرو وقد رواه أبو نعيم الحافظ عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا ولفظه من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة أجير من عذاب القبر وجاء يوم القيامة وعليه طابع الشهداء تفرد به عمر بن موسى الوجيهى وهو مدنى ضعيف وقوله كفي ببارقة السيوف على رأسه فتنة معناه والله أعلم قد امتحن نفاقه من إيمانه ببارقة السيف على رأسه فلم يفر فلو كان منافقا لما صبر ببارقة السيف على رأسه فدل على أن إيمانه هو الذى حمله على بذل نفسه لله وتسليمها له وهاج من قلبه حمية الغضب لله ورسوله واظهار دينه وإعزاز كلمته فهذا قد أظهر صدق ما في ضميره حيث برز للقتل فاستغنى بذلك عن الامتحان في قبره قال أبو عبد الله القرطبى إذا كان الشهيد لا يفتن فالصديق أجل خطرا وأعظم أجرا أن لا يفتن لأنه مقدم ذكره في التنزيل على الشهداء وقد صح في المرابط الذى هو دون الشهيد أنه لا يفتن فكيف بمن هو أعلى رتبة منه ومن الشهيد والأحاديث الصحيحة ترد هذا القول وتبين أن الصديق يسأل في قبره كما يسأل غيره وهذا عمر بن الخطاب رضى الله عنه رأس الصديقين وقد قال النبيى لما أخبره عن سؤال الملك في قبره فقال وأنا على مثل حالتي هذه فقال نعم وذكر الحديث وقد اختلف في الأنبياء هل يسألون في قبورهم على قولين وهما وجهان في مذهب أحمد
وغيره ولا يلزم من هذه الخاصية التي اختص بها الشهيد أن يشاركه الصديق في حكمها وإن كان أعلى منه فخواص الشهداء وقد تنتفي عمن هو أفضل منهم وإن كان أعلى منهم درجة وأما حديث ابن ماجه من مات مريضا مات شهيدا ووقى فتنة القبر فمن إفراد ابن ماجه وفي إفراده غرائب ومنكرات ومثل هذا الحديث مما يتوقف فيه ولا يشهد به على رسول الله فان صح فهو مقيد بالحديث الآخر وهو الذى يقتله بطنه فان صح عنه أنه قال المبطون شهيد فيحمل هذا المطلق على ذلك المقيد والله أعلم وقد جاء فيما ينجى من عذاب القبر حديث فيه الشفاء رواه أبو موسى المدينى وبين علته في كتابه في الترغيب والترهيب وجعله شرحا له رواه من حديث الفرج بن فضالة حدثنا هلال أبو جبلة عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة قال خرج علينا رسول الله ونحن في صفة بالمدينة فقام علينا فقال إنى رأيت البارحة عجبا رأيت رجلا من أمتى أتاه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرد ملك الموت عنه ورأيت رجلا من أمتى قد احتوشته الشياطين فجاء ذكر الله فطير الشياطين عنه ورأيت رجلا من أمتى قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم ورأيت رجلا من أمتى يلهث عطشا كلما دنا من حوض منع وطرد فجاءه صيام شهر رمضان فاسقاه وأرواه ورأيت رجلا من أمتى ورأيت النبيين جلوسا حلقا حلقا كلما دنا إلى حلقة طرد ومنع فجاءه غسله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي ورأيت رجلا من أمتى من بين يديه ظلمة ومن خلفه وعن يمينه ظلمة وعن يساره ظلمة ومن فوقه ظلمة وهو متحير فيه فجاءه حجه وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه في النور ورأيت رجلا من أمتى يتقى وهج النار وشررها فجاءته صدقته فصارت سترا بينه وبين النار وظلا على رأسه ورأيت رجلا من أمتى يكلم المؤمنين ولا يكلمونه فجاءته صلته لرحمه فقالت يا معشر المؤمنين انه كان وصولا لرحمه فكلموه المؤمنون وصافحوه وصافحهم ورأيت رجلا من أمتى قد احتوشته الزبانية فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذه من أيديهم وأدخله في ملائكة الرحمة ورأيت رجلا من أمتى جاثيا على ركبتيه وبينه وبين الله حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذ بيده فأدخله على الله عز وجل ورأيت رجلا من أمتى قد ذهبت صحيفته من قبل شماله فجاءه خوفه من الله عز وجل فأخذ صحيفته فوضعها في يمينه فوضعها في يمينه ورايت رجلا من أمتى خف ميزانه فجاءه أفراطه فثقلوا ميزانه ورأيت رجلا من أمتى قائما على شفير جهنم فجاءه رجاؤه من الله عز وجل فاستنقذه من ذلك ومضى ورأيت رجلا من أمتى قد هوى
في النار فجاءته دمعته التي قد بكى من خشية الله عز وجل فاستنقذته من ذلك ورأيت رجلا من أمتى قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف فجاءه حسن ظنه بالله عز وجل فسكن روعه ومضى ورأيت رجلا من أمتى يزحف على الصراط يحبو أحيانا ويتعلق أحيانا فجاءته صلاته فأقامته على قدميه وأنقذته ورأيت رجلا من أمتى انتهى إلى أبواب الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة قال الحافظ أبو موسى هذا حديث حسن جدا رواه عن سعيد بن المسيب وعمر بن ذر وعلى ابن زيد بن جدعان ونحو هذا الحديث مما قيل فيه أن رؤيا الأنبياء وحى فهو على ظاهرها لا كنحو ما روى عنه أنه قال رأيت كأن سيفي انقطع فأولته كذا وكذا ورأيت بقرا تنحر ورأيت كأنا في دار عقبة بن رافع وقد روى في رؤياه الطويلة من حديث سمرة في الصحيح ومن حديث على وأبى أمامة وروايات هؤلاء الثلاثة قريب بعضها من بعض مشتملة على ذكر عقوبات جماعة من المعذبين في البرزخ فأما في هذه الرواية فذكر العقوبة وأنبعها بما ينجى صاحبها من العمل وراوى هذا الحديث عن ابن المسيب هلال أبو جبلة مدنى لا يعرف بغير هذا الحديث ذكره ابن أبى حاتم عن ابيه هكذا ذكره الحاكم أبو أحمد والحاكم أبو عبد الله أبو جبل بلا هاء وحكياه عن مسلم ورواه عنه الفرج بن فضالة وهو وسط في الرواية ليس بالقوى ولا المتروك ورواه عنه بشر ابن الوليد الفقيه المعروف بأبى الخطيب كان حسن المذهب جميل الطريقة وسمعت شيخ الإسلام يعظم أمر هذا الحديث وقال أصول السنة تشهد له وهو من أحسن الأحاديث المسألة الحادية عشر وهى أن السؤال في القبر هل هو عام في حق المسلمين والمنافقين والكفار أو يختص بالمسلم والمنافق قال أبو عمر بن عبد البر في كتاب التمهيد والآثار الدالة تدل على أن الفتنة في القبر لا تكون إلا لمؤمن أو منافق كان منسوبا إلى أهل القبلة ودين الإسلام بظاهر الشهادة وأما الكافر الجاحد المبطل فليس ممن يسأل عن ربه ودينه ونبيه وإنما يسأل عن هذا أهل الإسلام فيثبت الله الذين آمنوا ويرتاب المبطلون
والقرآن والسنة تدل على خلاف هذا القول وأن السؤال للكافر والمسلم قال الله تعالى ^ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ^ وقد ثبت في الصحيح أنها نزلت في عذاب القبر حين يسأل من ربك وما دينك ومن نبيك وفي الصحيحن عن أنس بن مالك عن النبي أنه قال إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه انه ليسمع قرع نعالهم وذكر الحديث زاد البخارى وأما المنافق والكافر فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول لا أدرى كنت أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ويضرب بمطرقة من حديد يصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين هكذا في البخارى وأما المنافق والكافر بالواو وقد تقدم في حديث أبى سعيد الخدرى الذى رواه ابن ماجه والإمام أحمد كنا في جنازة مع النبي فقال يا أيها الناس إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فاذا الإنسان دفن وتولى عنه أصحابه جاء ملك وفي يده مطراق فأقعده فقال ما تقول في هذا الرجل فإن كان مؤمنا قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فيقول له صدقت فيفتح له باب إلى النار فيقول هذا منزلك لو كفرت بربك وأما الكافر والمنافق فيقول له ما تقول في هذا الرجل فيقول لا أدرى فيقال لا دريت ولا اهتديت ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقول له هذا منزلك لو آمنت بربك فأما إذ كفرت فان الله أبدلك به هذا ثم يفتح له باب إلى النار ثم يقمعه الملك بالمطراق قمعة يسمعه خلق الله إلا الثقلين فقال بعض الصحابة يا رسول الله ما أحد يقوم على رأسه ملك إلا هيل عند ذلك فقال رسول الله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء وفي حديث البراء بن عازب الطويل وأما الكافر إذا كان في قبل من الآخرة وانقطاع من الدنيا نزل عليه الملائكة من السماء معهم مسوح وذكر الحديث إلى أن قال ثم تعاد روحه في جسده في قبره وذكر الحديث وفي لفظ فاذا كان كافر جاءه ملك الموت فجلس عند رأسه فذكر الحديث إلى قوله ما هذه الروح الخبيثة فيقولون فلان بأسو أسمائه فاذا انتهى به إلى سماء الدنيا أغلقت دونه قال يرمى به من السماء ثم قرأ قوله تعالى ^ ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق ^ قال فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان شديدا الانتهار فيجلسانه وينتهرانه فيقولان من ربك فيقول هاه لا أدرى فيقولان لا دريت فيقولان ما هذا النبي الذى بعث فيكم فيقول سمعت
الناس يقولون ذلك لا ادرى فيقولان له لا دريت وذلك قوله تعالى ^ ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ^ وذكر الحديث واسم الفاجر في عرف القرآن والسنة يتناول الكافر قطعا كقوله تعالى ^ إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ^ وقوله تعالى ^ كلا إن كتاب الفجار لفي سجين ^ وفي لفظ آخر في حديث البراء وإن الكافر إذا كان في قبل من الآخرة وانقطاع من الدنيا نزل اليه ملائكة شداد غضاب معهم ثياب من نار وسرابيل من قطران فيحتوشونه فتنزع روحه كما ينزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبتل فاذا أخرجت لعنه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء وذكر الحديث إلى أن قال انه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين فيقال يا هذا من ربك وما دينك ومن نبنيك فيقول لا أدرى فيقال لا دريت وذكر الحديث رواه حماد بن سلمة عن يونس بن خباب عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء وفي حديث عيسى بن المسيب عن عدى بن ثابت عن البراء خرجنا مع رسول في جنازة رجل من الأنصار وذكر الحديث إلى أن قال وإن الكافر إذا كان في دبر من الدنيا وقبل من الآخرة وحضره الموت نزلت عليه ملائكة معهم كفن من نارو وحنوط من نار فذكر الحديث إلى أن قال فترد روحه إلى مضجعه فيأتيه منكر ونكير يثيران الأرض بأنيابهما ويفحصان الأرض بأشعارهما أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف فيجلسانه ثم يقولان يا هذا من ربك فيقول لا أدرى فينادى من جانب القبر لادريت فيضربانه بمرزبة من حديد لو اجتمع عليها من بين الخافقين لم تقل ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه وذكر الحديث ورواه الإمام أحمد في مسنده عن أبى النظر هاشم بن القاسم حدثنا عيسى بن المسيب فذكره وفي حديث محمد بن سلمة عن خصيف عن مجاهد عن البراء قال كنا في جنازة رجل من الأنصار ومعنا رسول الله فذكر الحديث إلى أن قال وقال رسول الله وإذا وضع الكافر أتاه منكر ونكير فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول لا أدرى فيقولان له لادريت الحديث وقد تقدم وبالجملة فعامة من روى حديث البراء بن عازب قال فيه وأما الكافر بالجزم وبعضهم قال وأما الفاجر وبعضهم قال وأما المنافق والمرتاب وهذه اللفظة من شك بعض الرواة هكذا في الحديث لا أدرى أى ذلك قال
وأما من ذكر الكافر والفاجر فلم يشك ورواية من لم يشك مع كثرتهم أولى من رواية من شك مع انفراده على أنه لا تناقض بين الروايتين فان المنافق يسأل كما يسأل الكافر والمؤمن فيثبت الله أهل الإيمان ويضل الله الظالمين وهم الكفار والمنافقون وقد جمع أبو سعيد الخدرى في حديثه الذى رواه أبو عامر العقدى حدثنا عباد بن راشد عن داود بن أبى هند عن أبى نضرة عن أبى سعيد قال شهدنا مع رسول الله جنازة فذكر الحديث وقال وإن كان كافرا أو منافقا يقول له ما تقول في هذا الرجل فيقول لا أدرى وهذا صريح في أن السؤال للكافر والمنافق وقول أبى عمر رحمه الله وأما الكافر الجاحد المبطل فليس ممن يسأل عن ربه ودينه فيقال له ليس كذلك بل هو من جملة المسئولين وأولى بالسؤال من غيره وقد أخبر الله في كتابه أنه يسأل الكافر يوم القيامة قال تعالى ^ ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين ^ وقال تعالى فوربكم لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون وقال تعالى ^ فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين ^ فإذا سئلوا يوم القيامة فكيف لا يسألون في قبورهم فليس لما ذكره أبو عمر رحمه الله وجه المسألة الثانية عشرة وهى أن سؤال منكر ونكير هل هو مختص بهذه الأمة أو يكون لها ولغيرها هذا موضع تكلم فيه الناس فقال أبو عبد الله الترمذى إنما سؤال الميت في هذه الأمة خاصة لأن الأمم قبلنا كانت الرسل تأتيهم بالرسالة فاذا أبوا كفت الرسل واعتزلزهم وعولجو بالعذاب فلما بعث الله محمدا بالرحمة إماما للخلق كما قال تعالى ^ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ^ أمسك عنهم العذاب وأعطى السيف حتى يدخل في دين الإسلام من دخل لمهابة السيف ثم يرسخ الإيمان في قلبه فأمهلوا فمن ها هنا ظهر أمر النفاق وكانوا يسرون الكفر ويعلنون الإيمان فكانوا بين المسلمين في ستر فلما ماتوا قبض الله لهم فتانى القبر ليستخرجا سرهم بالسؤال وليميز الله الخبيث من الطيب فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء وخالف في ذلك آخرون منهم عبد الحق الأشبيلى والقرطبى وقالوا السؤال لهذه الأمة ولغيرها
وتوقف في ذلك آخرون منهم أبو عمر بن عبد البر فقال وفي حديث زيد بن ثابت عن النبي أنه قال إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ومنهم من يرويه تسأل وعلى هذا اللفظ يحتمل أن تكون هذه الأمة خصت بذلك فهذا أمر لا يقطع عليه وقد احتج من خصه بهذه الأمة بقوله إن هذه الأمة تبتلى في قبورها وبقوله أوحى إلى أنكم تفتنون في قبوركم وهذا ظاهر في الاختصاص بهذه الأمة قالوا ويدل عليه قول الملكين له ما كنت تقول في هذا الرجل الذى بعث فيكم فيقول المؤمن أشهد أنه عبد الله ورسوله فهذا خاص بالنبي وقوله في الحديث الآخر إنكم بي تمتحنون و عني تسألون و قال آخرون لا يدل هذا على اختصاص السؤال بهذه الأمة دون سائر الأمم فإن قوله ان الأمة اما ن يراد به أمة الناس كما قال تعالى و ما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم و كل جنس من أجناس الحيوان يسمى أمة و في الحديث لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها و فيه أيضا حديث النبي الذي قرصته نملة فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله اليه من أجل أن قرصتك نملة واحدة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله و إن كان المراد به أمته الذي بعث فيهم لم يكن فيه ما ينفي سؤال غيرهم من الأمم بل قد يكون ذكرهم اخبارا بأنهم مسئولون في قبورهم و أن ذلك لا يختص بمن قبلهم لفضل هذه الأمة و شرفها على سائر الأمم و كذلك قوله أوحى إلى أنكم تفتنون في قبوركم و كذلك اخباره عن قول الملكين ما هذا الرجل الذي بعث فيكم هو اخبار لأمته بما تمتحن به في قبورها و الظاهر و الله أعلم أن كل نبي مع أمته كذلك و أنهم معذبون في قبورهم بعد السؤال لهم و إقامة الحجة عليهم كما يعذبون في الآخرة بعد السؤال و إقامة الحجة و الله سبحانه و تعالى أعلم المسألة الثالثة عشرة وهي أن الأطفال هل يمتحنون في قبورهم اختلف الناس في ذلك على قولين هما وجهان لأصحاب أحمد و حجة من قال أنهم يسألون أنه يشرع الصلاة عليهم و الدعاء لهم و سؤال الله أن يقيهم ! عذاب القبر و فتنة القبر كما ذكر مالك في موطئه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه على جنازة صبي فسمع من دعائه اللهم قه عذاب القبر
واحتجوا بما رواه على بن معبد عن عائشة رضي الله عنها أنه مر عليها بجنازة صبي صغير فبكت فقيل لها ما يبكيك يا أم المؤمنين فقالت هذا الصبي بكيت له شفقة عليه من ضمة القبر واحتجوا بما رواه هناد بن السرى حدثنا أبو معاوية عن يحيى بن سعيد عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال إنه كان ليصلي على المنفوس و ما ان عمل خطيئة قط فيقول اللهم أجره من عذاب القبر قالوا والله سبحانه يكمل لهم عقولهم ليعرفوا بذلك منزلهم و يلهمون الجواب عما يسألون عنه قالوا و قد دل على ذلك الأحاديث الكثيرة التي فيها أنهم يمتحنون في الآخرة و حكاه الأشعري عن أهل السنة و الحديث فإذا امتحنوا في الآخرة لم يمتنع امتحانهم في القبور قال الآخرون السؤال أنما يكون لمن عقل الرسول و المرسل فيسأل هل آمن بالرسول و أطاعه أم لا فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم فأما الطفل الذي لا تمييز له بوجه ما فكيف يقال له ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم و لو رد إليه عقله في القبر فإنه لا يسأل عما لم يتمكن من معرفته و العلم به و لا فائدة في هذا السؤال و هذا بخلاف امتحانهم في الآخرة فإن الله سبحانه يرسل اليهم رسولا و يأمرهم بطاعة أمره و عقولهم معهم فمن أطاعه منهم نجا و من عصاه أدخله النار فذلك امتحان بأمر يأمرهم به يفعلونه ذلك الوقت لا أنه سؤال عن أمر مضى لهم في الدنيا من طاعة أو عصيان كسؤال الملكين في القبر و أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فليس المراد بعذاب القبر فيه عقوبة الطفل على ترك طاعة أو فعل معصية قطعا فان الله لا يعذب أحدا بلا ذنب عمله بل عذاب القبر قد يراد به الألم الذي يحصل للميت بسبب غيره و إن لم يكن عقوبة على عمل عمله و منه قوله إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه أي يتألم بذلك و يتوجع منه لا أنه يعاقب بذنب الحي و لا تزر وازرة وزر أخرى و هذا كقول النبي السفر قطعة من العذاب فالعذاب أعم من العقوبة و لا ريب أن في القبر من الآلام و الهموم و الحسرات ما قد يسرى أثره إلى الطفل فيتألم به فيشرع المصلى عليه أن يسأل الله تعالى له أن يقيه ذلك العذاب و الله أعلم
| |
|