الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: قال علي بن أبي طالب القيروانى العابر وما حديث عمير هذا واستخراجه المال بالمنام الأربعاء فبراير 06, 2013 2:01 pm | |
| قال علي بن أبي طالب القيروانى العابر وما حديث عمير هذا واستخراجه المال بالمنام بأعجب مما كان عندنا وشاهدناه في عصرنا بمدينتنا من أبى محمد عبد الله البغانشى وكان رجلا صالحا مشهورا برؤية الأموات وسؤالهم عن الغائبات ونقله ذلك إلى أهلهم وقراباتهم حتى اشتهر بذلك وكثر منه فكان المرء يأتيه فيشكو إليه أن حميمه قد مات من غير وصية وله مال لا يهتدى إلى مكانه فيعده خيرا ويدعو الله تعالى في ليلته فيترا آلة الميت الموصوف فيسأله عن الأمر فيخبره به فمن نوادره ان امرأة عجوزا من الصالحات توفيت ولا مرأة عندها سبعة دنانير وديعة فجاءت إليه صاحبة الوديعة وشكت إليه ما نزل بها وأخبرته بأسمها واسم الميتة صاحبتها ثم عادت إليه من الغد فقال لها تقول لك فلانة عدى من سقف بيتى سبع خشبات تجدى الدنانير في السابعة في خرقة صوف ففعلت ذلك فوجدتها كما وصف لها وقال وأخبرنى رجل لا أظن به كدبا ! استأجرتني امرأة من أهل الدنيا على هدم دار لها وبنائها بمال معلوم فلما أخذت في الهدم لزمت الفعلة هى ومن معها فقلت مالك قالت والله مالى إلى هدم هذه الدار من حاجة لكن أبى مات وكان ذا يسار كثير فلم نجد له كثير شيء فخلت أن ماله مدفون فعمدت إلى هدم الدار لعلى أجد شيئا فقال لها بعض من حضر لقد فاتك ما هو أهون عليك من هذا قالت وما هو قال فلان تمضين إليه وتسألينه أن يبيت قصتك الليلة فلعله يرى أباك فيدلك على مكان ماله بلا تعب ولا كلفة فذهبت إليه ثم عادت إلينا فزعمت أنه كتب اسمها واسم أبيها عنده فلما كان من الغد بكرت إلى العمل وجاءت المرأة من عند الرجل فقالت ان الرجل قال لى رأيت أباك وهو يقول المال في الحنية قال فجعلنا نحفر تحت الحنية وفي جوانبها حتى لاح لي شق وإذا المال فيه قال فأخذنا في التعجب والمرأة تستخف بما وجدت وتقول مال أبى كان أكثر من هذا ولكنى أعود إليه فمضت فأعلمته ثم سألته المعاودة فلما كان من الغد أتت وقالت انه قال لها أن أباك يقول لك احفرى تحت الجابية المربعة التي في مخزن الزيت قال ففتحت المخزن فإذا بجابية مربعة في الركن فأزلناها وحفرنا تحتها فوجدنا كوزا كبيرا فأخذته ثم دام بها الطمع في المعاودة ففعلت فرجعت من عنده وعليها الكآبة فقالت زعم انه رآه وهو يقول له قد أخذت ما قدر لها وأما ما بقى فقد جلس عليه عفريت من الجن يحرسه إلى من قدر له والحكايات في هذا الباب كثيرة جدا
وأما من حصل له الشفاء بإستعمال دواء رأى من وصفه له في منامه فكثير جدا وقد حدثنى غير واحد ممن كان غير مائل إلي شيخ الإسلام ابن تيمية أنه رآه بعد موته وسأله عن شيء كان يشكل عليه من مسائل الفرائض وغيرها فأجابه بالصواب وبالجملة فهذا أمر لا ينكره إلا من هو أجهل الناس بالأرواح وأحكامها وشأنها وبالله التوفيق المسألة الرابعة وهي أن الروح هل تموت أم الموت للبدن وحده اختلف الناس في هذا فقالت طائفة تموت الروح وتذوق الموت لأنها نفس وكل نفس ذائقة الموت قالوا وقد دلت الأدلة على أنه لا يبقى إلا الله وحده قال تعالى ^ كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ^ وقال تعالى ^ كل شيء هالك إلا وجهه ^ قالوا وإذا كانت الملائكة تموت فالنفوس البشرية أولى بالموت قالوا وقد قال تعالى عن أهل النار أنهم قالوا ^ ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ^ فالموتة الأولى هذه المشهودة وهي للبدن والأخرى للروح وقال آخرون لا تموت الأرواح فإنها خلقت للبقاء وإنما تموت الأبدان قالوا وقد دلت على هذا الأحاديث الدالة على نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله في أجسادها ولو ماتت الأرواح لانقطع عنها النعيم والعذاب وقد قال تعالى ^ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ^ هذا مع القطع بأن أرواحهم قد فارقت أجسادهم وقد ذاقت الموت والصواب أن يقال موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها وخروجها منها فإن أريد بموتها هذا القدر فهي ذائقة الموت وإن أريد أنها تعدم وتضمحل وتصير عدما محضا فهى لا تموت بهذا الاعتبار بل هي باقية بعد خلقها في نعيم أو في عذاب كما سيأتى ان شاء الله تعالى بعد هذا وكما صرح به النص انها كذلك حتى يردها الله في جسدها وقد نظم أحمد بن الحسين الكندى هذا الاختلاف في قوله تنازع الناس حتى لااتفاق لهم % إلا على شجب والخلف في الشجب فقيل تخلص نفس المرء سالمة % وقيل تشرك جسم المرء في العطب
فإن قيل فعند النفخ في الصور هل تبقى الأرواح حية كما هي أو تموت ثم تحيا قيل قد قال تعالى ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله فقد استثنى الله سبحانه بعض من في السموات ومن في الأرض من هذا الصعق فقيل هم الشهداء هذا قول أبى هريرة وابن عباس وسعيد بن جبير وقيل هم جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وهذا قول مقاتل وغيره وقيل هم الذين في الجنة من الحور العين وغيرهم ومن في النار من أهل العذاب وخزنتها قاله أبو إسحق بن شاقلا من أصحابنا وقد نص الإمام أحمد على أن الحور العين والولدان لا يمتن عند النفخ في الصور وقد أخبر سبحانه أن أهل الجنة ^ لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ^ وهذا نص على أنهم لا يموتون غير تلك الموتة الأولى فلو ماتوا مرة ثانية لكانت موتتان وأما قول أهل النار ^ ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ^ فتفسير هذه الآية التي في البقرة وهي قوله تعالى ^ كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ^ فكانوا أمواتا وهم نطف في أصلاب آبائهم وفي أرحام أمهاتهم ثم أحياهم بعد ذلك ثم أماتهم ثم يحييهم يوم النشور وليس في ذلك اماتة أزواجهم قبل يوم القيامة وإلا كانت ثلاث موتات وصعق الأرواح عند النفخ في الصور ولا يلزم منه موتها ففي الحديث لصحيح ان الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا موسى آخذ بقائمة العرش فلا أدرى افاق قبلى أم جوزى بصعقة يوم الطور فهذا صعق في موقف القيامة إذا جاء الله تعالى لفصل القضاء وأشرقت الأرض بنوره فحينئذ تصعق الخلائق كلهم قال تعالى ^ فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون ^ ولو كان هذا الصعق موتا لكانت موتة أخرى وقد تنبه لهذا جماعة من الفضلاء فقال أبو عبد الله القرطبى ظاهر هذا الحديث ان هذه صعقة غشى تكون يوم القيامة لاصعقة الموت الحادثة عن نفخ الصور قال وقد قال شيخنا أحمد بن عمرو وظاهر حديث النبي يدل على أن هذه الصعقة إنما هي بعد النفخة الثانية نفخة البعث ونص القرآن يقتضى أن ذلك الاستثناء إنما هو بعد نفخة الصعق ولما كان هذا قال بعض العلماء يحتمل أن يكون موسى ممن لم يمت من الأنبياء وهذا باطل وقال القاضي عياض يحتمل أن يكون المراد بهذه صعقة فزع بعد النشور حين تنشق السموات والأرض قال فتستقل الأحاديث والآثار ورد عليه أبو العباس القرطبى فقال يرد هذا قوله في الحديث الصحيح أنه حين يخرج من قبره يلقى موسى آخذا بقائمة العرش قال وهذا إنما عند نفخة الفزع
قال أبو عبد الله وقال شيخنا أحمد بن عمرو الذي يزيح هذا الاشكال إن شاء الله تعالى ان الموت ليس بعدم محض وإنما هو انتقال من حال إلى حال ويدل على ذلك أن الشهداء بعد قتلهم وموتهم أحياء عند ربهم يرزقون فرحين مستبشرين وهذه صفة الأحياء في الدنيا وإذا كان هذا في الشهداء كان الأنبياء بذلك أحق وأولى مع أنه قد صح عن النبي أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء وأنه اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس وفي السماء وخصوصا بموسى وقد أخبر بأنه ما من مسلم يسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام إلى غير ذلك مما يحصل من جملته القطع بأن أموت لأنبياء إنما هو راجع إلى أن غيبوا عنا بحيث لا ندركهم وإن كانوا موجودين جاءوا ذلك كالحال في الملائكة فإنهم أحياء موجودون ولا تراهم وإذا تقرر أنهم أحياء فإذا نفخ ! في الصور نفخة الصعق صعق كل من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله فأما صعق غير الأنبياء فموت وأما صعق الأنبياء فالأظهر أنه غشية فإذا نفخ في الصور نفخة البعث فمن مات حى ومن غشى عليه أفاق ولذلك قال في الحديث المتفق على صحته فأكون أول من يفيق فنبينا أول من يخرج من قبره قبل جميع الناس إلا موسى فإنه حصل فيه تردد هل بعث قبله من غشيته أو بقى على الحالة التي كان عليها قبل نفخة الصعق مفيقا لأنه حوسب بصعقة يوم الطور وهذه فضيلة عظيمة لموسى ولا يلزم من فضيلة واحدة أفضليته على نبينا مطلقا لأن الشيء الجزئي لا يوجب أمرا كليا انتهى قال أبو عبد الله القرطبي ان حمل الحديث على صعقة الخلق يوم القيامة فلا إشكال وإن حمل على صعقة الموت عند النفخ في الصور فيكون ذكر يوم القيامة يراد به أوائله فالمعنى إذا نفخ في الصور نفخة البعث كنت أول من يرفع رأسه فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدرى أفاق قبلى أم جوزى بصعقة الطور قلت وحمل الحديث ع لى هذا لا يصح لأنه ترد هل أفاق موسى قبله أم لم يصعق بل جوزى بصعقة الطور فالمعنى لا أدرى أصعق أم لم يصعق وقد قال في الحديث فأكون أول من يفيق وهذا يدل على أنه يصعق فيمن يصعق وان التردد حصل في موسى هل صعق وأفاق قبله من صعقته أم لم يصعق ولو كان المراد به الصعقة الأولى وهي صعقة الموت لكان قد جزم بموته وتردد هل مات موسى أم لم يمت وهذا باطل لوجوه كثيرة فعلم أنها صعقة فزع لاصعقة موت وحينئذ فلا تدل الآية على أن الأرواح كلها تموت عند النفخة الأولى نعم تدل على أن موت الخلائق عند النفخة الأولى وكل من لم يذق الموت قبلها فإنه يذوقه حينئذ وأما من ذاق الموت أو من لم يكتب عليه الموت فلا تدل الآية على أنه يموت موتة ثانية والله أعلم
فإن قيل فكيف تصنعون بقوله في الحديث إن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من تنشق عليه الأرض فأجد موسى باطشا بقائمة العرش قيل لا ريب أن هذا اللفظ قد ورد هكذا ومنه نشأ الاشكال ولكنه دخل فيه على الرواى حديث في حديث فركب بين اللفظين فجاء هذا والحديثان هكذا أحدهما ان الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق والثاني هكذا أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ففي الترمذي وغيره من حديث ابى سعيد الخدرى قال قال رسول الله أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدى لواء الحمد ولا فخر وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح فدخل على الراوى هذا الحديث في الحديث الآخر وكان شيخنا أبو الحجاج الحافظ يقول ذلك فإن قيل فما تصنعون بقوله فلا أدرى أفاق قبلى أم كان ممن استثنى الله عز وجل والذين استثناهم الله إنما هم مستثنون من صعقة النفخة لا من صعقة يوم القيامة كما قال الله تعالى ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ولم يقع الاستثناء من صعقة الخلائق يوم القيامة قيل هذا والله أعلم غير محفوظ وهو وهم من بعض الرواة والمحفوظ ما تواطأت الروايات الصحيحة من قوله فلا أدرى أفاق قبلى أم جوزى بصعقة الطور فظن بعض الرواة ان هذه الصعقة هي صعقة النفخة وأن موسى داخل فيمن استثنى منها وهذا لا يلتئم على مساق الحديث قطعا فإن الإفاقة حينئذ هي إفاقة البحث فكيف يقول لا أدرى أبعث قبلى أم جوزى بصعقة الطور فتأمله وهذا بخلاف الصعقة التي يصعقها الخلائق يوم القيامة إذا جاء الله سبحانه لفصل القضاء بين العباد وتجلى لهم فإنهم يصعقون جميعا وأما موسى فإن كان لم يصعق معهم فيكون قد حوسب بصعقته يوم تجلى ربه للجبل فجعله دكا فجعلت صعقة هذا التجلى عوضا من صعقة الخلائق لتجلى الرب يوم القيامة فتأمل هذا المعنى العظيم ولو لم يكن في الجواب إلا كشف هذا الحديث وشأنه لكان حقيقا ان يعض عليه بالنواجذ ولله الحمد والمنة وبه التوفيق
| |
|