الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: الجزء الاخير- 7-الخلافات الزوجية ( الأسباب –الحلول ) الأحد مايو 12, 2013 1:33 pm | |
| الجزء الاخير- 7-الخلافات الزوجية ( الأسباب –الحلول ) ============================== إذا كان عند الرجل أكثر من امرأة واحدة فإنه يجب عليه التسوية بينهن لقول الله تعالى : { فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ} ( ). ولحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ ، يَمِيلُ لإِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ سَاقِطٌ.ـ وفي رواية : مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ ، فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ.ـ وفي رواية : إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ ، فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ. ( ). وأراد بهذا الميل : الميل بالفعل ، ولا يؤاخذ بميل القلب إذا سوى بينهن في فعل القسم . قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} ( ). معناه : لن تستطيعوا أن تعدلوا بما في القلوب ، فلا تميلوا كل الميل ، أي : لا تتبعوا أهواءكم أفعالكم .. .أ.هـ. ( ).
والعدل بين الزوجات يكون في : أ - المبيت : قال ابن القيم رحمه الله : وكان يقسم صلى الله عليه وسلم بينهن في المبيت والإيواء والنفقة…. ولا تجب التسوية في ذلك - أي الحب والجماع- لأنه مما لا يملك .أ.هـ. ( ). وقـال ابن حـزم رحمه الله : " والعدل بين الزوجـات فرض ، وأكثر ذلك في قسمة الليـالي" .أ.هـ. " ( ). ب – السكنى قال ابن حزم رحمه الله : ويلزمه إسكانها على قدر طاقته لقول الله تعالى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ } (6) سورة الطلاق .أ.هـ. ( ). ج- النفقة والكسوة أوجب الشرع المطهر على الزوج النفقة والكسوة بالمعروف، ولا شك أن أحكام النفقة والكسوة تختلف من شخص لآخر، من حيث وُجده وعدمه أو قلته، لذا كان لا بد للنساء أن يعقلن أن أمر النفقة والكسوة ليس له ضابط شرعي إلا أنه "بالمعروف"، فليس على الزوج إلا النفقة التي تقوم بها حياة نسائه من طعام وشراب، فما زاد على ذلك من تحفة أو هدية أو فاكهة أو حلي أو غيره فهو له إن شاء أعطى ، وإن شاء منع. قال شيخ الإسـلام رحمه الله : " وأما العدل في النفقة والكسوة فهو السنة أيضا إقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يعدل بين أزواجه في النفقة كما كان يعدل في القسمة " أ.هـ. ( ).
عن جابر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" ( ). عن عائشة رضي الله عنها قالت في قوله تعالى { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا} ( ).أنزلت في المرأة تكون عند الرجل ، فتطول صحبتها فيريد طلاقها، فتقول، لا تطلقني وأمسكني وأنت في حل من النفقة علي والقسم لي، فذلك قوله { فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير} [النساء/128]. ( ). قال مجاهد : لا تتعمدوا الإساءة . بل الزموا التسوية في القسم والنفقة ، لأن هذا مما يستطاع .أ.هـ. ( ).
فعن جابر بن زيد قال : كانت لي امرأتان وكنت أعدل بينهما حتى في القبل . وعن مجاهد قال : كانوا يستحبون أن يعدلوا بين النساء ، حتى في الطيب يتطيب لهذه كما يتطيب لهذه . وكان محمد بن سيرين رحمه الله يقول فيمن له امرأتان : يُكره أن يتوضأ في بيت إحداهما دون الأخرى ( ). وإن سوء أخلاق بعض الزوجات وتغييرها على زوجها نتيجة الزواج عليها بل ربما وصل الأمر ببعضهن إلى أن تجحد كل فضل لزوجها عليها وهو من كفران العشير الذي هو سبب لدخول النار والعياذ بالله .
وهناك بعض الزوجات تحاول الإفساد بين زوجها وزوجاته الأخريات بحيث تبغضهن إليه وهذا خلاف ما دعا إليه الإسلام من وجوب التآخي والتعاون على البر والتقوى وتحريم التباغض والتعادي . فعلى الزوجات أن يتنبهن لحديث النبي صلى الله عليه وسلم .عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا ) ( ). كما أنه لا يجوز لها أن تطلب الطلاق لنفسها منه لمجرد زواجه الثاني ، وذلك لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ " ( ). ولبعضهم في الصراع بين الزوجتين : تزوجت اثنتين لفرط جهلي * * * بما يشقى به زوج اثنتين فقلت أصير بينهما خروفا* * * انعم بين أكرم نعجتين فصرت كنعجة تصحي وتمسي* * * تداول بين أخبث ذئبتين رضا هذي يهيج سخط هذي* * * فما أعرى من إحدى السخطين وألقى في المعيشة كل ضر* * * كذاك الضر بين الضرتين لهذي ليله ولتلك أخرى* * * عتاب دائم في الليلتين فان أحببت أن تبقى كريما* * * من الخيرات مملوء اليدين فعش عزبا فان لم تستطعه* * * فضربـا في عرض الجحفلين
وهناك بعض المعددين يهمل تربية أولاده وخاصة إذا كانت بيوتات هؤلاء الزوجات متباعدات لأنه ربما تطول غيبته فلا يتابع حال أولاده والواجب أن يتقي الله تعالى ويستعين به على هذه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً) ( ).
مما يؤدي ذلك كله إلى وجود خلافات وشقاق بين الزوجين , والحل إذا ما كان هناك سبب للتعدد في العدل الذي هو أساس الملك , ومنبع الأمان والاستقرار .
تربية الأبناء مسؤولية كبيرة سوف يسأل عنها الوالدان يوم القيامة . قال النبي صلى الله عليه وسلم: {ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته: فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه. ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته} ( ).
وهذه المسؤولية لا بد أن تؤدي بحكمة وروية بعيداً عن المزاحمة والمنافسة والصراع , فإن هناك بعض الآباء يتخذون من أولادهم مادة وحلبة للصراع , فيتنافس الزوجان على تربية الأولاد , كل حسب رغباته وفكره ونزواته , وهذا يعد من أسباب الخلاف بين الزوجين , ويحار الأولاد بين من يتخذ القرار في المنزل، وهو ما يسمّى في علم الاجتماع "صراع الأدوار بين الزوجين".
ولقد قال علماء الاجتماع إن أكثر الأزواج عرضة للتنازع على سلطة أخذ القرار في الحياة الزوجية هم: -الزوجة المتسلطة والزوج المتسلط في منزل واحد حيث لا يمكن لأحدهما أن يتنازل عن رأيه. فكيف نظن بالأبناء خيراً *** إذا نشئوا بحضن الجاهلات؟! وهل يرجى لأطفال كمال *** إذا ارتضعوا ثديَّ الناقصات؟! -اختلاف البيئة الأسرية بين الزوجين أي أن تكون الزوجة من بيئة أسرية تربت على التشاور والاحترام المتبادل بين الزوجين بينما يكون الرجل من بيئة أسرية تربى فيها على أن الرجل وحده الآمر والناهي (والعكس صحيح). -التفاوت الطبقي والثقافي بين الزوجين: عندما تكون الزوجة أغنى من الرجل أو من طبقة اجتماعية أعلى والعكس صحيح. -عدم الانسجام الفكري وعدم النضج العاطفي والعقلي المتبادل بين الزوجين. -النقص المعرفي في الحقوق والواجبات الشرعية بين الرجل والمرأة. -فقدان الثقة المتبادلة بين الزوجين (الثقة هنا فيما يتعلق بالقدرة على اتخاذ القرارات السليمة). -إصابة أحد الزوجين بأمراض نفسية واضطرابات سلوكية (مثال البارانويا، العدوانية، النرجسية).
وإذا ما حدث صراع بين الزوجين على تربية الأبناء فلا بد من تقريب وجهات النظر وذلك بأن يسعى لفهم وجهة نظر الآخر واحترامها وتقبلها. ويعرفان أن مسؤولية تربة الأبناء مسؤولية مشتركة وقد تكون وظيفة الأم أكبر من وظيفة الأب في مرحلة معينة أو في ظروف خاصة وقد تكون وظيفة الأب أكبر من وظيفة الأم في مراحل معينة أو في ظروف خاصة، والمهم أن يتفق الزوجان على سياسة تربوية موحدة يعتمدونها في تربية الأبناء تفادياً لنشوء خلافات زوجية حول هذا الموضوع.
والمشاورة مطلوبة من قبل الشريكين، الزوجة من زوجها والزوج من زوجته، ولن تنقص قيمة أحد منهما أو كرامته أو رجولته -كما يظن البعض- إن هو أخذ بمشورة الآخر. ويجب أن نبيّن أن المشورة لا تعني الأمر ولا تعني الفرض، يعني إذا تم التشاور بين الزوجين ثم قرر الزوج خلافاً لما أشارت إليه الزوجة فإن ذلك لا يعني شماتة أو نقص بثقة الآخر ولا يصح لها أن تغضب، ويمكنها طلب توضيح ذلك فقط دون ممارسة الضغط النفسي أوالمعاتبة. وقد ثبت من هديه صلى الله عليه وسلّم أنّه استشار أم سلمة رضي الله تعالى عنها، وقد كانت راجحة العقل نافذة البصر، ففي من حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه في قصة الحديبية وفيها:«قال فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا، قال فو الله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات. فلما لم يقم منهم أحد، دخل على أم سلمة رضي الله عنها فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحَرَ بُدْنَك وتدعو حالِقَك فيحلِقَك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك: نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً». وقد أوضح الحسن البصري ما يؤخذ من هذه الواقعة، من شرعية استشارة النساء، فقال: "إنْ كان رسول الله لفي غنى عن مشورة أم سلمة، ولكنه أحبّ أن يقتدي الناس في ذلك، وأن لا يشعر الرجل بأي معرّة في مشاورة النساء". ( ). فيا أيها الزوجان لا تجعلا الأبناء مادة للصراع , لأن الضحية في النهاية هم الأبناء . ولله در القائل : ليس اليتيم من انتهى أبواه *** من همّ الحياة وخلّفاه ذليلاً إن اليتيم هو الذي تلقى له *** أمّا تخلّت أو أباً مشغولا ينبغي أن يحرص كلٌ من الزوجين أن يبدو جميلاً في نظر صاحبه، لئلا يتنافرا، وليزداد قرباً وتألفاً، وأعظم طيب : الماء وأعظم تجمل : النظافة، ولقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرجل شعره، ويكثر دَهنَ رأسه وتسريحَ شعره، وأنه كان كثير الاكتحال، وكثير الاستياك وكثير التطيب، لذلك لم يشم من في رسول الله ولا من جسمه رائحة تكره. وإذا كان المسلم يحب من زوجته أن تتزين له فلا بد أن يعرف أنها تحب منه ذلك, وإذا كان يتجمل للقاء الناس فأولى به أن يتجمل لزوجته . قال ابن عباس: إني أحب أن أتزين للمرأة ، كما أحب أن تتزين لي؛ لأن الله يقول : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ} (228) سورة البقرة. ( ). فإهمال كل من الزوجين في نفسه يؤدي إلى وجود خلافات بينهما , ويتبع هذا الإهمال في التزين والتجمل إهمال أشد ضرراً وأكثر خطراً وهو الإهمال في المعاشرة الجنسية , والباحث في أكثر الخلافات الزوجية يتبين له أن أكثرها يأتي من سوء أو إهمال في تلك المعاشرة , وقد لا يفصح الزوجان عنها حياءً , لكن عند اشتداد الخلاف واحتداد الشقاق قد لا يتورعان عن الإفصاح عنه . ولقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن في تلك المعاشرة عبادة وأجر فالزوجان يهدفان منها إلى : غض البصر وإحصان الفرج واعفاف النفس عن الحرام وكذا التكاثر وإشباع الرغبة الغريزية للطرفين و تبادل الحب والعواطف والشعور بالدفء وحرارة العلاقة بين الزوجين . عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "وفي بُضع أحدكم صدقة, فقالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال عليه الصلاة والسلام : أرأيتم لو وضعها في الحرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر". ( ). وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟. قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعاما، فقال: كل، قال: فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نم، فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن، فصليا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صدق سلمان). ( ). وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي ( يسألون عن عبادته ، فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها فقالوا : أين نحن من النبي ( ؟ فقد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فقال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبداً ، قال الآخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فجاء رسول الله ( فقال : إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ) ( ). ولقد نهى الإسلام المرأة عن امتناعها عن زوجها إذا دعاها للفراش وشدد عيها في ذلك قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ ، فَأَبَتْ عَلَيْهِ ، فَبَاتَ وَهُوَ غَضْبَانُ ، لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ. وفي رواية : إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ ، فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ ، لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ.وفي رواية : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا ، فَتَأْبَى عَلَيْهِ ، إِلاَّ كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا ، حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا. وفي رواية : إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ ، فَلَمْ تُجِبْهُ ، فَبَاتَتْ عَاصِيَةٌ ، لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ. ( ). فمن هذه النصوص يتبين أنه لا يجوز للمرأة أن تمنع زوجها إذا دعاها للفراش، ولو كانت في شغل شاغل؛ إلا أن يكون لها عذر، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي عند قوله صلى الله عليه وسلم: وإن كانت على التنور. قال: وإن كانت تخبز على التنور مع أنه شغل شاغل لا يتفرغ منه إلى غيره إلا بعد انقضائه انتهى. ( ). فمن الأخطاء الامتناع على الزوج إذا دعاها للفراش إما بحجة أنها مرهقة أو أنها تريد إغضابه أو لجهلها، وما علمت أنها قد حرمت زوجها من أعظم حقوقه وعرضت نفسها للوعيد الشديد لأن من أعظم غايات النكاح أن يعف الرجل نفسه ويقيها مهالك الشهوة. فلا يجوز لها الامتناع عنه إلا أن يكون لديها عذر شرعي من حيض ونفاس، أو يكون ذلك في نهار رمضان، أو أي سبب شرعي آخر يمنع من هذا اللقاء، ما عدا ذلك فلا يحل لها ولا يحق أن تمنع نفسها من زوجها متى طلبها. عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اثْنَانِ لا تُجَاوِزُ صَلاتُهُمَا رُءُوسَهُمَا : عَبْدٌ أَبَقَ مِنْ مَوَالِيهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ ، وَامْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا حَتَّى تَرْجِعَ . ( ). عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :«لا تُؤذِي امْرَأَةٌ زَوجَهَا إِلاَّ قَالَتْ زَوجَتُهُ مِنَ الْحُور العِينِ : لا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللهُ! فَإِنَّمَا هُوَ عِندَكِ دَخِيلٌ أَوْشَكَ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَينَا».( ). ولطالما عنف صلى الله عليه وسلم أصحابه الذين ضيعوا أو همّوا أن يضيعوا حقوق زوجاتهم في الفراش، وقد نقلت لنا كتب السنة كثيرا من هذا, ومن ذلك ما أخرجه أبو داود وأحمد واللفظ له عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النبي صلى الله عليه وسلم . قَالَتْ:دَخَلَتْ عَلَىَّ خُوَيْلَةُ بِنْتُ حَكِيمِ بْنِ امَيَّةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الاوْقَصِ السُّلَمِيَّةُ ، وَكَانَتْ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ . قَالَتْ: فرأى رَسُولُ اللَّه ِصلى الله عليه وسلم بَذَاذَةَ هَيْئَتِهَا . فَقَالَ لي: يَا عَائِشَةُ ، مَا ابَذَّ هَيْئَةَ خُوَيْلَةَ . قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، امرأة لا زَوْجَ لَهَا ، يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ ، فهي كَمَنْ لا زَوْجَ لَهَا ، فَتَرَكَتْ نَفْسَهَا وَاضَاعَتْهَا . قَالَتْ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ فَجَاءَهُ . فَقال : يَا عُثْمَانُ ، ارَغْبَةً عَنْ سنتي ؟ قال : فَقال : لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَكِنْ سُنَّتَكَ اطْلُبُ . قَالَ : فإني أنام وأصلى ، وأصوم وَافْطِرُ ، وَانْكِحُ النِّسَاءَ . فَاتَّقِ اللَّهَ يَا عُثْمَانُ ، فَانَّ لأهلك عَلَيْكَ حَقًّا ، وَانَّ لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَانَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَصُمْ وَافْطِرْ ، وَصَلِّ وَنَمْ. ( ). ذكر الزبير بن بكار حدثني إبراهيم الحزامي عن محمد بن معن الغفاري قال:أتت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ فقالت:يا أمير المؤمنين، إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل وأنا أكره أن أشكوه،وهو يعمل بطاعة الله عز وجل. فقال لها: نعم الزوج زوجك:فجعلت تكرر عليه القول وهو يكرر عليها الجواب.فقال له كعب الأسدي:يا أمير المؤمنين، هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عن فراشه.فقال عمركما فهمت كلامها فاقض بينهما.فقال كعب:علي بزوجها، فأتي به فقال له:إن امرأتك هذه تشكوك.قال:أفي طعام أم شراب؟ قال لا.فقالت المرأة: يا أيها القاضي الحكيم أرشده * * * ألهى حليلي عن فراشي مسجده زهده في مضجعي تعبده * * * نهاره وليله ما يرقده فلست من أمر النساء أحمده * * * فاقض القضا يا كعب لا تردده فقال الزوج : زهدني في قربها وفي الحجل * * * أني امرؤٌ أذهلني ما قد نزل في سورة النحل وفي السبع الطول * * * وفي كتاب الله تخويفٍ جلل فقال كعب : إن لها حقاً عليك يا رجل * * * نصيبها في أربع لمن عقل فأعطها ذاك * * * ودع عنك العلل ثم قال : إن الله سبحانه وتعالى قد أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع ، فلك ثلاثة أيام ولياليهن تعبد فيهن ربك ، ولها يومٌ وليلة . فقال عمر رضي الله عنه لكعب : ما أدري من أي أمريك أعجب أمن فهمك أمرهما ، أم من حكمك بينهما اذهب فقد وليتك القضاء بالبصرة ( ). وفي الختام أقول لكل زوجين : احرصا على بناء بيتكما على أساس التّقوى فإنها أزهى وأربى، فإن من أحاط بيته بالمحرّمات أذِن بحلول الشّقاء؛ لأن الذّنوب تعسِّر الأمورَ، وتوحِش القلبَ بين الزّوجين، وكلّما كان الزّواج أقربَ إلى الصّواب كانَ أحرى بالتّوفيق. ولأن المعصية تجلب الهم والغم، وتولد الشقاء والتعاسة، وتجلب سواداً في الوجه وقسوةً في القلب، وتتبدل السعادة إلى شقاء والحب إلى كره إلى غير ذلك , وتجعل المرء مغيّيباً في سجون شهواته ونزواته , ولن ينال العفو والمعافاة إلا بالإنابة إلى ربه , والرجوع إلى مولاه. وقال أبو علي الدقاق رحمه الله : ظهرت علة بالملك يعقوب بن الليث أعيت الأطباء ، فقالوا له : في ولايتك رجل صالح يسمى سهل بن عبد الله لو دعا لك لعل الله يستجيب له ، فاستحضره ، فقال : ادع الله ، فقال : كيف يستجاب دعائي فيك. وفي حسبك مظلومون ، فأطلق كل من حبسه ، فقال سهل : اللهم كما أريته ذل المعصية ، فأره عز الطاعة وفرج عنه فعوفي . ( ). قال جعفر بن محمد : من أخرجه الله من ذل المعصية إلى عز التقوى أغناه الله بلا مال وأعزه بلا عشيرة وآنسه بلا أنيس ومن خاف الله أخاف منه كل شيء ومن لم يخف الله أخافه من كل شئ . ( ). والمعصية شؤم على صاحبها , بل وعلى أهله أيضا لأنها ذل في هذه الدنيا، وهي ذل في الآخرة أيضا عندما يرى العاصي نتاج عمله وقطوف زرعه، يقول سبحانه: وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ ( ). قال بعض السلف: إني لأعصى الله فأرى ذلك في خلق امرأتي ودابتي. فيا أيها الزوجان حرصا على طاعة الله وعلى تحكيم شرعه عند كل خلاف بينكما , واعلما أن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل . وكونا ممن يدعوان الله دائما : {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} ( ). بارك الله لكل زوجين وبارك عليهما وجمع بينهما على خير وفي الخير . تم بحمد الله ====================================== 1- الأحاديث المختارة. الضياء المقدسي. 2- إحياء علوم الدين : أبو حامد الغزالي . 3- الأدب المفرد : محمد بن إسماعيل البخاري . 4- الأذكياء : أبو الفرج ابن الجوزي. 5- إرواء الغليل : ناصر الدين الألباني . 6- الاستقامة : أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية . 7- بهجة المجالس وأنس المجالس : ابن عبد البر النمري القرطبي . 8- تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي : المباركفوري . 9-تفسير ابن كثير: محمد بن عبد الله بن كثير . 10- تفسير روح البيان : إسماعيل حقي. 11- تفسير الطبري : محمد بن جرير الطبري. 12- تفسير القرطبي : محمد بن عبد الله بن أبي بكر القرطبي. 13- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء : أبو نعيم الأصبهاني . 14- الدر المنثور: جلال الدين السيوطي . 15- ذم الهوى : أبو الفرج ابن الجوزي. 16- زاد الميعاد: ابن قيم الجوزية. 17- ربيع الأبرار: جار الله الزمخشري. 18- روضة المحبين ونزهة المشتاقين : ابن قيم الجوزية . 19- سنن ابن ماجه : محمد بن ماجه القزويني. 20- سنن أبي داوود : أبي داود السجستاني . 21- سنن البيهقي : أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي. 22- سنن الترمذي: عيسى بن محمد الترمذي. 23- سنن النسائي: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي. 24- السلسلة الصحيحة : ناضر الدين الألباني. 25 - شرح السنة : أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد الفراء البغوي. 26 - صحيح ابن حبان: محمد بن حبان البستي. 27- صحيح أحكام الجنائز : للألباني. 28 - صحيح البخاري: محمد بن إسماعيل البخاري. 29- صحيح الجامع الصغير وزيادته : ناضر الدين الألباني. 30- صحيح الدار قطني: أبو الحسن، علي بن عمر بن أحمد البغدادي. 31- صحيح مسلم: مسلم بن الحجاج القشيري. 32- صفة الصفوة : أبو الفرج ابن الجوزي. 33- عشرة النساء : أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي . 34- العقد الفريد : ابن عبد ربه. 35- فتح الباري : ابن حجر العسقلاني. 36- فتح القدير : أحمد بن علي الشوكاني . 37- فيض القدير : عبد الرءوف المناوي القاهري الشافعي. 38- الكبائر : محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي : 39- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : نور الدين الهيثمي . 40- مجموع الفتاوى : أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية . 41- المحاسن والأضداد : الجاحظ. 42- محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء : الراغب الأصفهاني. 43- المحلى : ابن حزم الأندلسي . 44- مختصر تاريخ دمشق : محمد بن جمال ابن منظور. 45- المسند : الإمام أحمد بن حنبل . 46- المسند : عبد بن حُميد . 47- المسند الجامع : بشار عواد معروف وآخرون. 48- المستدرك : أبو عبد الله الحاكم النيسابوري . 49- المصنف : ابن عبد الرزاق الصنعاني . 50- المصنف : أبو بكر ابن أبي شَيْبَة . 51- المعجم الأوسط : أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني. 52- المعجم الصغير : أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني. 53- المعجم الكبير: أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني. 54- المعرفة والتاريخ : أبو يعقوب الفسوي. 55- المغني : لابن قدامة المقدسي. 56- الموطأ : مالك بن أنس الأصبحي. 57 - نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب : أحمد بن المقري التلمساني. 58- نهاية الأرب في فنون الأدب : للنويري .
| |
|