الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: المؤمن بين صاحب السبب والسبب المجرد الإثنين مارس 18, 2013 12:45 am | |
| المؤمن بين صاحب السبب والسبب المجرد ======================== بقلم د.محمد جمال =========== • المؤمن بين صاحب السبب والسبب المجرد. ========================== إن قلوب العارفين يغار عليها دوما من الأسباب و إن كانت لا تساكنها لأنها لما إنفردت لمعرفتها وخلاصها لله تعالى أنفرد لها بتولي أمورها وقضاء حوائجها . فإذا تعرضت بالأسباب محى أثر الأسباب ولقد اوضح الله ذلك جليا في قوله تعالى : و يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً . فالكثرة هي مظنة الغلبة وأحد أسباب التغلب ولكن لما إعتمدوا عليها دون خالق تلك الأسباب وهو الله أوكلهم إليها فما عادت تنفع أو تؤثر. و تأمل معي في حال نبي الله يعقوب و حذره على ابنه يوسف عليهما السلام ، حتى قال : أخاف أن يأكله الذئب فقالوا : أكله الذئب . فلما جاء أوان الفرج ، خرج يهوذا بالقميص فسبقه الريح إني لأجد ريح يوسف . و كذلك قول يوسف عليه السلام للساقي : اذكرني عند ربك فعوقب بأن لبث سبع سنين ، و إن كان يوسف عليه السلام يعلم أنه لا خلاص إلا بإذن الله ، و أن التعرض بالأسباب مشروع ، غير أن حب الله فعبده اعتماده عليه وحده أثرت في العقوبة . و يأتي في نفس هذا النسق قصة مريم عليها السلام و كفلها زكريا فغار المسبب من مساكنة الأسباب كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً . و من هذا القبيل ما يروى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يحتسب . و الأسباب طريق ، و لا بد من سلوكها . و العارف لا يلازمها ويساكنها غير أنه يجلي له من أمرها ما لا يجلي لغيره ، من أنها لا تساكن ولا يعتمد عليها دون غيرها، و ربما عوقب إن مال إليها أو تكل عليها و إن كان ميلاً لا يقبله ، غير أن أقل الهفوات يوجب الأدب ، و تأمل عاقبة نبي الله سليمان عليه السلام لما قال : [ لأطوفن الليلة على مائة إمرأة ، تلد كل واحدة منهن غلاماً و لم يقل : إن شاء الله ، فما حملت إلا واحدة جاءت بشق غلام ] .] و لقد مرت علي حالة أوجبت على التشبث ببعض الأسباب الدنيوية إلا أنه كان من ضرورة ذلك لقاء بعض الظلمة ، و مداراته بعض الكلمات . فبينما أنا أفكر في تلك الحال وأراجع نفسي دخل علي قارئ يتلو ايات من القرآن فاستفتحت وتفاءلت بما يقرأ فقرأ و لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار و ما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون . فبهت من إجابتي على خاطري ، وراجعت نفسي وقلت: إسمعي فإنني طلبت النصر في هذه المداراة فأعلمني القرآن أنني إذا ركنت إلى ظالم فاتنى ما ركنت لأجله من النصر . فيا طوبى لمن عرف المسبب و تعلق به ولم يترك مقاليد أمره لسبب وحده، فإن التعلق بالمسبب خالق السبب ومسيره هو الغاية القصوى ، فنسأل الله أن يرزقنا حسن التوكل عليه دونما سواه وأن يسبب لنا ما يجعلنا من العارفين بحقه تعالى هو ولي ذلك والقادر عليه واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
د.محمد جمال | |
|