الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: نعمة البصر وحقها على المسلم الأربعاء يناير 09, 2013 8:56 pm | |
| نعمة البصر وحقها على المسلم
الحمد لله الخالق الباريء المصور ، وصلاة يتبعها تسليم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :إن أعظم نعمة أنعم بها الله علينا هي نعمة البصر ، وبتلك النعمة امتن الله تعالى بها على خلقه في كثير من آيات القرآن الكريم قال تعالى : ( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:78) وقال أيضا: ( وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) (المؤمنون:78) وقال في سورة أخرى : ( ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) (السجدة:9) ، وقال تعالى : ( قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) (الملك:23).فإذا ما استقر في داخلنا قيمة هذه النعمة ، وعظم مكانتها ، فلابد وان نعلم أن شكر هذه النعمة يعد من أوجب الواجبات على المسلم ، حيث لا يكافئها عمل الليل والنهار وإن بلغ خمسمائة عام ، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( خرج من عندي جبريل آنفا فقال : يا محمد ، إن لله عبداً عبد الله خمسمائة سنة ، على رأس جبل ، والبحر محيط به ، وأخرج له عيناً عذبة بعرض الأصبع ، تفيض بماء عذب ، وشجرة رمان تخرج كل ليلة رمانة ، فيتغذى بها ، فإذا أمسى نزل وأصاب من الوضوء ، ثم قام لصلاته ، فسأل ربه أن يقبضه ساجداً ، وأن لا يجعل للأرض ولا لشيء يفسده عليه سبيلاً حتى يبعث ساجدا ، ففعل فنحن نمر به إذا هبطنا وإذا عرجنا وأنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الله فيقول : أدخلوه الجنة برحمتي ، فيقول : بل بعملي يا رب ، فيقول للملائكة : قايسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله ، فتوزن ، فتوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائة سنة ، وتبقى نعمة الجسد فضلا عليه ، فيقول : ادخلوه النار ، فينادي : يا رب برحمتك ، فيقول : ردوه ، فيوقف بين يديه ، فيقول : من خلقك ولم تك شيئا ؟ ، فيقول : أنت يا رب ، فيقول : أكان ذلك من قبلك أم برحمتي ؟ ، فيقول : برحمتك ، فيقول : أدخلوه الجنة برحمتي ) رواه الحاكم في " المستدرك " والحكيم الترمذي في " النوادر " .إذا ما تدبرنا في الآيات والأحاديث أحبتي في الله ، تحتم علينا جميعاً أن نستحي من صاحب هذه النعمة ، وأن نعطي حق هذه النعمة ، وأن نراقبه سبحانه وتعالى فيها فلا ننظر إلى ما حرّم الله ، وأن نسخرها فيما يرضي الله سبحانه وتعالى ، لابد وأن نعلم أننا غداً موقوفون بين يد الله تعالى ، وسوف نُسئل عما رأيناه بأبصارنا قال تعالى : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)(الإسراء: من الآية36) .أحبتي في الله إن كل مسلم يتلو كتاب الله فلابد وان يقف أمام قوله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) الآية (النور:30-31) ، إن هذا لأمر رباني عام للرجال والنساء على حد سواء بغض الأبصار عمّا حرّم الله تعالى عليهم ، والمراد غض البصر عن العورة وعن محل الشهوة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – (قد أمر الله في كتابه بغضّ البصر، وهو نوعان: غضّ البصر عن العورة، وغضّه عن محلّ الشهوة. فالأول منهما كغضّ الرجل بصره عن عورة غيره، كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة )) ، ويجب على الإنسان أن يستر عورته .... وأمّا النوع الثاني: فهو غضّ البصر عن الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية، وهو أشدّ من الأول ) [ الفتاوى : 414 ) ، وكلا هذين النوعين مما يتلف الفروج بالوقوع في المحظور من الزنى واللواط والسحاق شاء الإنسان أم أبى ! ، ولهذا عقّب الله تعالى بذكر حفظ الفروج مباشرة بعد الأمر بغض البصر ، وقد قال أهل العلم والعقل : ( أن مبدأ طريق الزنى بنظرة ! ) ، وجاء وصفها بأنها سهم من سهام إبليس يصاب بها المرء فيقع في مصيدته ! .وأستخدام صيغة الأمر في الأية إنما يدل على الوجوب كما هو معروف عند علماء الأصول مالم يأتي صارف له عن وجهه ، وعلى ذلك فمن أطلق لبصره العنان وأفرط بنظره إلى المحرمات فقد وقع في محاذير كثيرة : منها على سبيل المثال لا الحصر :2- أيضاً من المحاذير الواقعة من النظر إلى المحرمات والعورات : الوقوع في الزنى واللواط والسحاق ، وغيرها من مشين الأخلاق والطباع ، ولهذا سمي النظر إلى المحرمات زنى كما جاء في الحديث الصحيح : ( العين تزني وزناها النظر ، وفي آخره : والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ) ، قال الشاعر :كل الحوادث مبداهـا من النظـر ******* ومعظم النّار من مستصغر الشررِ كـم نظرةٍ بلغت من قلبِ صاحبها ******* كمبلغ السهم بـلا قوسٍ ولا وترِ والعبـد ما دام ذا طـرفٍ يُقلّبـه ******* في أعين الغيدِ موقوفٌ على الخطرِ يسـرُ مقلتَه مـا ضـرَّ مُهجتـَه ****** لا مرحبًا بسـرورٍ عاد بالضررِ3- أيضاً من المحاذير : أن يستهين قلب الإنسان بالمنكر من اعتياده النظر إليه ، فمن تلذذ بالنظر إلى منكرٍ من المنكرات لا يبعد أن يتلذذ بفعله ولو بعد حين لأن أمره هان عنده ، والمؤمن نقي القلبي سليم العقيدة يغض طرفه عن النظر إجلالاً لله وأمره ، واحتراما لرسول الله وشرعه ، فتجد ذاك المؤمن لا يقوى قلبه على رؤية ما يبغضه الله ورسوله فيعتصر قلبه حزنا وتزرف عينه الدمع خشية لله تعالى! ، ولقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل عليه رسولي كسرى وقد حلقا لحيتيهما : فصد عنهم ببصره ، وقال : من أمركما بذلك ؟ ، فقالاً : أمرنا ربنا – يعنيان كسرى - ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما أنا فأمرني ربي بأن أعفي لحيتي وأحف شاربي ) ، ويروي بعض السلف كان إذا مرّ أمامه نصرانياً أغمض عينيه ! ، فقيل له : لماذا تصنع ذلك ؟ فقال : لا أستطيع أن أنظر لمن يسب الله ) والمقصود بالسب هنا أي الكفر به سبحانه وتعالى . وسئل بعض السلف : كيف أصبحت ؟ ، فقال : بشر حال ! ، وقعت عيني على صاحب بدعة اليوم ! . فكيف يليق بالمسلم أن يطلق النظر إلى الماجنين والماجنات ، أو إلى صور المنكرات ، أو الفواحش بأنواعها : استمتاعاً ، وتلذذاً ، وهو المأمور بأن يجانب أرض الفساد وأهله ! ، فكيف بالتلذذ والاستمتاع به ، فكيف بمن يستأنس بذلك الساعات الطوال في التلفاز وشاشات الكمبيوتر اوتصفح المجلات أو اكتنازها وربما تعليقها على الحائط مجاهرا بالمنكر غافلة عن عظم من عصى والعياذ بالله! .4- أيضاً من المحاذير إطلاق البصر في المحرمات : فساد القلب ، وانتكاس الفطرة ، ولهذا تجد من يستمتع بالنظر إلى المحرمات لا يتمعر وجهه عند رؤية :وثن يعبد ، أو صليب معلّق ، أو امرأة متهتكة سافرة ، أو قنينة خمر تشرب ، لا بل ربما هلك وادعى بأن الأمر عادي ! أو طبيعي ! ، فهان في نظره ما يسخط الله تعالى ولا حول ولا قوة إلاّ بالله ، ورضي الله عن ابن عمر عندما قال : ( إنكم لتعملون أعمالا كنا نعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات ! ) ، روى الإمام أحمد و أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان : الرجل يلقى الرجل فيقول : يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ، ثم يلقاه من الغد ، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ، ثم قال : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ) إلى قوله : ( فَاسِقُونَ ) (المائدة: 78-81) ، ثم قال : كلا والله ، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا ) .تُرى ما الذي جعل القلوب تردح في موات ، والأمزجة تنتكس ، والفطرة تدنس وتفسد : ترى ما اوصلنا إلى تلك الدرجة من الهوان غير إطلاق النظر للمحرمات ، والله المستعان ، لقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( فالنّظر داعية إلى فساد القلب، قال بعض السلف : النظر سهمُ سمٍّ إلى القلب ) [ الفتاوى : 15/395] ، وقال رحمه الله : ( وقوله سبحانه : ( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الحجر:88) يتناول النظر إلى الأموال واللباس والصور وغير ذلك من متاع الدنيا .... وذلك أن الله يمتع بالصور كما يمتع بالأموال ، وكلامها زهرة الحياة الدنيا ، وكلاهما يفتن أهله وأصحابه ، وربما أفضى به إلى الهلاك دنيا وأخرى ) ( الفتاوى : 15/398 ) .
إحبتي في الله كانت هذه بعض مخاطر إطلاق البصر في المحرمات عرجت عليها على عجل ولكن هناك غيرها كثير ، وليعلم كل منا أن من استهان بواحدة من أوامر الله او نواهيه فقد أهلكته ، ولقد روى النعـمان بن بشير رضي الله عـنهما قـال: سمعـت رسـول الله صلي الله عـليه وسلم يقول: (إن الحلال بين وإن الحـرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فـقـد استبرأ لديـنه وعـرضه ومن وقع في الشبهات وقـع في الحرام كـالراعي يـرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجـسد مضغة إذا صلحـت صلح الجسد كله وإذا فـسـدت فـسـد الجسـد كـلـه ألا وهي الـقـلب) خرجه الشيخان.فلايستهين المسلم فيطلق النظرفيما حرّم الله تعالى . ولفشو المنكرات اليوم – والعياذ بالله تعالى – تحتم على المسلم أن يجتهد في غض بصره عن كل ما حرّم الله النظر إليه ، ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا . وليعلم أن الأمر بغض البصر – كما تقدم الإشارة إليه – عام للرجال والنساء ، فالمرأة مأمورة بغض بصرها عن محارم الله تعالى ، وعن الصور والأفلام ، وقد أجمع العلماء على حرمة نظر النساء للرجال بشهوة ، واختلفوا في مجرد الرؤية بدون شهوة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ( 15/396) : ( وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الأجانب من الرجال بشهوة ولا بغير شهوة ) انتهى كلام ابن تيمية. فكيف بحال من : تعشق صور مشاهير الرجال ، وتتمعن في جمال هذا وذاك ، وتراهن على أن زيداً أجمل من عمرو ، وربما علّقت صورته في بيتها أو حفظتها في جهاز الكمبيوتر وجعلتها خلفية لشاشتها أو رمزاً لتوقيعها !! ، أو على شاشة هاتفها الجوال ، وغير ذلك من سخافات العقول قبل أن تكون مخالفة للمنقول ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العظيم .إن العلماء يقفوا عند النهي عن النظر للمحرمات ، لا بل دفعهم الورع والإجتهاد في التقوى إلى كراهة الإفراط في نظر إلى ما لا حاجة له ، وهو ما يسمى ( فضول النظر ) وذلك لما يؤدي به إلى شتات الذهن ، وعدم استقراره ، ولهذا نرى أن أقوى الناس حفظاً وذاكرة ، وأرقهم طبعاً ، هم أقلّ الناس نظراً ، ولهذا يعتبر من أهم سمات من أنعم الله عليه بحفظ البصر وغض الطرف نجد أنه تقوى في الغالب حافظته ، وتثبت ذاكرته ، ويتسم بهدوء الطبع ، والله أسأل ان يحفظ علينا أبصارنا وقواتنا ، وان يوفقنا إلى إلتزام اوامره وأجتناب نواهيه ، عن حب ورضى طالبينا بذلك القرب منه تعالى ، والله أسأل لنا صدق الإخلاص في القول والعمل ، وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. بقلم:د..محمد جمال | |
|
الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: رد: نعمة البصر وحقها على المسلم الأربعاء يناير 09, 2013 9:26 pm | |
| | |
|