الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: الانتماء إلى الجماعات الإسلامية ومعنى الجماعة الأحد مارس 03, 2013 1:42 am | |
| الانتماء إلى الجماعات الإسلامية ومعنى الجماعة ==================== لفظ الجماعة لغةً مشتق من الجَمْعِ و هو : تأليف المفترق (كما في القاموس المحيط و لسان العرب ) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( في مجموع الفتاوى : 3 / 157 ) : (( الجماعة هي الاجتماع ، وضدها الفرقة ، و إن كان لفظ الجماعة قد صـار اسماً لنفس القـوم المجتمعين )) . و اصطلاح أهل السنة و الجماعة ، مُقتبس من مجموع ما ورد في كتاب الله و سنة رسوله ، من الآيات ، و الأخبار الواردة في الحثّ على الاعتصام بالسنة ، و ملازمة الجماعة ، و النهي عن الابتداع و الفُرقة و الاختلاف في الدين . فمن ذلك قوله سبحانه و تعالى : { و لا تتبعوا السبل فتفرَّق بكم عن سبيله } [ الأنعام : 153 ] . و قوله : { أن أقيموا الدين و لا تتفرَّقوا فيه } [ الشورى : 13 ]. روى الطبراني بإسناد حسن في تفسيره عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما في هاتين الآيتين قوله: (( أمر الله المؤمنين بالجماعة و نهاهم عن الاختلاف و الفرقة ، و أخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله )) . أما الأخبار الواردة في هذا الباب فكثيرة جداً و منها : قوله صلى الله عليه و سلّم في وصيته لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه التي رواها الشيخان : (( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم )) ، قال حذيفة : قُلتُ : فإن لم يكن لهم جماعـةٌ و لا إمـام ؟ فقال : (( فاعتزل تلك الفرق كلَّها ، و لو أن تعضَّ بأصل شجرةٍ حتى يُدركك الموت ، وأنت على ذلك )) . و روى الشيخان أيضاً من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنّ النبي صلى الله عليه و سلّم قال : (( ليس أحدٌ يفارق الجماعة شبراً فيموت إلا مات ميتةً جاهليَّةً )) . و في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه المشهور ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلّم وعظهم موعظةً قال فيها : (( عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها ، وعضوا عليها بالنواجذ ، و إياكم و مُحدثات الأمور فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعة ، و كلَّ بدعة ضلالة )) . و لأهميَّة لزوم الجماعة ، و عظيم شأنها ، بوَّب الشيخان كلٌّ في صحيحه ، و النسائيُّ , و الترمذي ، كلٌّ في سننه ، على لزومها . فقال البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب و السنة من صحيحه : باب قوله تعالى : { و كذلك جعلناكم أمَّةً وسَطاً } و ما أمر النبي صلى الله عليه و سلّم بلزوم الجماعة و هم أهل العلم . و قال الإمام مسلم في كتاب الإمارة من صحيحه : باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن ، و في كل حال ، و تحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة . و عَنوَن النسائي في سننه : قتلُ من فارق الجماعة ، و ذِكرُ الاختلاف على زياد بن عِلاقة عن عَرْفَجَةَ فيه . وعقد الترمذي في سننه باباً سمَّاه : باب ما جاء في لزوم الجماعة . قلتُ : و الجماعة التي يجب على المسلم لزومها ، و يحرم الخروج عليها ، ويستحق الوعيد من فارقها ، هم أهل الحقِّ في كل عصرٍ و مِصرٍ ، و إن قَلُّوا . قال أبو شامة المقدسي رحمه الله ( كما في شرح أصول الاعتقاد للالكائي و تاريخ دمشق لابن عساكر ) : (( حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة ، فالمراد به لزوم الحق و اتِّباعه ، و إن كان المستمسك به قليلاً ، و المخالف كثيراً )) . ثم استدل بقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : (( إن الجماعة ما وافق الحق ، و إن كنت وَحدَك )) . و في ( تاريخ دمشق ) أيضاً أنّ نعيم بن حمَّاد رحمه الله قال : (( إذا فسدت الجماعة ، فعليك بما كانت عليه قبل أن تفسد ، و إن كنت وحدك ، فإنَّك الجماعة حينئذٍ )) . و قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى في سننه ( 4 / 476 ) : (( و تفسير الجماعة عند أهل العلم هم أهل الفقه و العلم و الحديث )) . و قول الترمذي هذا موافقٌ لما تقدّم معنا قبل قليلٍ قـول الإمام البخاريِّ رحمه الله في معنى الجماعة : هم أهل العلم . و قال الشاطبي في ( الاعتصام 2 / 260 و ما بعدها ) : اختلف الناس في معنى الجماعة المرادة في الأحاديث على خمسة أقوالٍ : • أحدهـا : إنها السواد الأعظم من أهل الإسلام . • و الثاني : جماعة أئمة العلماء المجتهدين . • و الثالث : الصحابة على الخصوص . • و الرابع : جماعة أهل الإسلام إذا أجمعوا على أمر . • و الخامس : جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير . و ذهب بعض المتأخرين كابن تيمية , و من وافقه إلى استعمال اصطلاح ( السلف الصالح ) كمرادف لاصطلاح ( أهل السنة ) ، و كثر في كلامهم ذكر عقيدة السلف ، و منهجهم ، و مذاهبهم ، و ما إلى ذلك مما يُراد به ما كان عليه أهل السنة و الجماعة رضوان الله عليهم أجمعين . وإذا أطلق لفظ السلف الصالح أريد به غالباً من عاش إلى نهاية القرن الثالث الهجري ، و قد كان ابن تيمية رحمه الله يحدُّهم فيجعل آخرهم الإمام ابن جرير الطبري ، وابن المنذر ( كما في منهاج السنة : 6 / 52،53 و 7/ 13 ) . و قال البربهاريُّ رحمه الله ( في السنّة 2 / 36 ) في تعريف الجماعة المذكورة في الأحاديث : (( هم جماعة الحق و أهله )) . و مال إلى هذا الرأي الحافظ ابن كثير في ( النهاية ) ، و هو أولى الأقوال بالقبول فيما يظهر لي ، لكونه يشملها جميعاً ، و الله أعلم . و بعدُ ، فيسعنا الآن - و قد بيَّنا المراد من اصطلاحي السنَّة ، و الجماعة كلٍّ على حدة - القول : إنَّ اصطلاح أهل السنة و الجماعة يُطلق على أهل الحق ، في مُقابل أهل الضلال و البدع و الشقاق ، انطلاقاً من القول بأنَّ السنة تعني : (( ما كان عليه النبيُّ صلى الله عليه و سلّم و أصحابه اعتقاداً ، و اقتصاداً ، و قولاً ، و عملاً )) كما في ( مجموع الفتاوى : 19 / 306,307 ) . و أوَّل ظهور للتسمية بأهل السنّة كان في عهد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ، أواخر عهد الخلافة الراشدة . روى مسلم في مقدّمة صحيحه محمد بن سيرين رحمه الله قال : (( لم يكونوا - أي الصحابة - يسألون عن الإسناد ، فلما وقعت الفتنة ، قالوا : سمُّوا لنا رجالكم ، فيُنظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم ، و يُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم )) . و قد اشتهر إطلاق هذه التسمية على ما يُقابل الرافضة خاصةً ، حيث يكثر أن يُقال : انقسمت الأمة إلى سُنة و شيعة ، إضافة إلى المعروف عند أهل العلم من إطلاقه على أهل السنة المحضة . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( في منهاج السنّة 2 / 221 ) : (( فلفظ السنة يراد به من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة ، فيدخل في ذلك جميع الطوائف إلاَّ الرافضة . . . و قد يراد به أهل الحديث و السنة المحضة ، فلا يدخل فيه إلاَّ من أثبت الصفات لله تعالى ، و يقول إنَّ القرآن غير مخلوق )) . ثمّ ساق جملة من عقائد أهل السنة و الجماعة التي باينوا فيها أهل البدع . و الذي يعنينا في هذا المقام هو الإطلاق الثاني ، و عليه يمكن تعريف أهل السنة و الجماعة بأنهم : (( الثابتون على اعتقاد ما نقله إليهم السلف الصالح رحمهم الله ، عن الرسول صلى الله عليه و سلّم أو عن أصحابه رضوان الله عليهم ، فيما لم يثبت فيه نصٌّ في الكتاب ، و لا عن الرسول صلى الله عليه و سلّم )) ، كما قرره أبو نصر السجزي ( في الرد على من أنكر الحَرف , ص : 99 ) . و لأهل السنة و الجماعة ألقابٌ أخرى يُعرفون بها فهُم الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة الثابتة على الحق في زمن الغربة ، لا يضرُّها من خذلها ، حتى تلقى الله و هي كذلك ، و قد ثبت وصفهم بذلك عن نبينا الأمين عليه الصلاة و السلام في الصحيحين و غيرهما ، حيث بوَّب الشيخان ، كلٌ في صحيحه على الطائفة المنصورة . فقال البخاريُّ ( كما أسلفنا ) في كتاب الاعتصام بالكتاب و السنة : باب قول النبي صلى الله عليه و سلّم : لا تزال طائفةٌ من أمتي على الحق ، و هم أهل العلم . و في كتاب الإمارة من صحيح مسلم : باب قوله صلى الله عليه و سلّم : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرُّهم من خالفهم . و في الصحيحين من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلّم قال : (( لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله ، لا يضرُّهم من خذلهم ، و لا من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله و هم كذلك )) . و عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه و سلّم قال : (( تفترق أمتي على ثلاثٍ و سبعين ملَّة ، كلُّهم في النار إلاَّ ملَّة واحدةٌ )) ، قالوا : و من هي يا رسول الله ؟ قال : (( ما أنا عليه و أصحابي )) ، أخرجه الترمذي و غيره بإسناد حسن . قال ابن كثير رحمه الله ( في تفسيره : 4 / 433 ) : (( هم أهل السنة و الجماعة المتمسكون بكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلّم ، و بما كان عليه الصدر الأول من الصحابة و التابعين ، وأئمة المسلمين )) . و لمَّا كان أهل الحديث خاصةً أثبت الناس على السنة ، و أكثرهم تمسكاً و اعتصاماً بما كان عليه النبي صلّى الله عليه و سلّم و صحابته الكرام ، ذهب غير واحدٍ من أهل العلم و التحقيق إلى الجزم بأن أهل السنة و الجماعة ، و الطائفة المنصورة ، هم أهل الحديث و الأثر . أخرج الخطيب ( في شرف أصحاب الحديث , ص : 26 ) أنّ عبد الله بن المبارك رحمه الله قال : (( هم عندي أصحاب الحديث )) . و في ( ص : 25 و 27 منه أيضاً ) روى عن الإمام أحمد رحمه الله قوله : (( إن لم يكونوا أصحاب الحديث ، فلا أدري من هم )) . و قال الإمام الترمذي رحمه الله في كتاب الفتن من سننه : سمعت محمد بن إسماعيل – يريد البخاري - يقول : سمعت علي بن المديني يقول ، وذكر هذا الحديث عن النبي : (( لا تزال طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحق )) : هم أهل الحديث .اهـ . و ذكر الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله ( في الغنية : 1 / 71 ) ، أنه ليس لأهل السنة إلا اسم واحدٌ يُعرفون به ، و هو أصحاب الحديث . و رُوي مثل هذا عن غير واحدٍ من السلف رحمهم الله ، ورضي عنهم . و إنَّما حاز أهل الحديث هذا الشرف العظيم ، لكونهم جمعوا بين الرواية والدراية ، إلى جانب العمل بما جاء في الأثر ، عن خير البشر عليه الصلاة و السلام ، و اعتقاد ما أرشد إليه . أمّا من خالفت روايته عقيدته و منهجه و عمله فلا يسلم من الابتداع ، و في هذا السياق جاء قول أبي عمرو بن الصلاح رحمه الله ( كما في الفتاوى و المسائل , ص : 213 ) : (( قد يكون الإنسان من أهل الحديث و هو مبتدع )) .
و قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( في مجموع الفتاوى : 4 / 95 ) : (( و نحن لا نعني بأهل الحديث ، المقتصرين على سماعه ، أو كتابته ، أو روايته ، بل نعني بهم كلَّ من كان أحقَّ بحفظه ، و معرفته ، و فهمه ، ظاهراً ، وباطناً واتباعه باطناً ، و ظاهراً ، و كذلك أهل القرآن ، و أدنى خصلة في هؤلاء محبة القرآن و الحديث ، و البحث عنهما ، و عن معانيهما ، و العمل بما علموه من موجَبهما )) . و قد سمي أهل السنة ِ أهلَ الحديث ، لأنهم حفظته ، و نقلته ، و حَمَلته . قال اللالكائي ( في شرح أصول الاعتقاد : 1 / 22 ) : (( لم نجد في كتاب الله و سنة رسوله ، و آثار صحابته ، إلا الحثَّ على الاتباع ، و ذم التكلف و الاختراع ، فمن اقتصر على هذه الآثار كان من المتبعين و كان أولاهم بهذا الوسم ، و أخصهم بهذا الرسم أصحاب الحديث ، لاختصاصهم برسول الله صلى الله عليه و سلّم , و اتباعهم لقوله ، و طول ملازمتهم له ، و تحملـهم علمه )) . و الفرق التي تزعم الانتساب إلى أهل السنة و الجماعة ، و تدعي الاعتصام بخير الهديِ ، هديِ محمد صلى الله عليه و سلّم في أصول الدين و فروعه ، كثيرة جداً ، (( غير أن الله أبى أن يكون الحق و العقيدة الصحيحة إلا مع أهل الحديث و الآثار ، لأنهم أخذوا دينهم و عقائدهم ، خلفاً عن سلف ، و قرناً عن قرن ، إلى أن انتهوا إلى التابعين ، و أخذه التابعون عن أصحاب رسول الله عليه الصلاة و السلام عن رسول الله صلى الله عليه و سلّم ، و لا طريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله الناس من الدين القويم ، و الصراط المستقيم ، إلاَّ هذا الطريق الذي سلكه أصحاب الحديث ، أمَّا سائر الفرق ، فطلبوا الحديث لا بطريقه فحادوا عن الحق ، و زاغـوا عنه )) ، كما قرر ذلك الأصفهاني ( في الحجة في بيان المحجّة : 2 / 22 و ما بعدها ) . | |
|