الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: قطعا أنا لست من محبي أو معجبي البابا الراحل شنودة الثالث، الخميس فبراير 28, 2013 1:22 am | |
| د.أحمد عبد الرحيم 22 مارس، 2012 قطعا أنا لست من محبي أو معجبي البابا الراحل شنودة الثالث، لا على المستوى الديني ولا الوطني، إذ أن الخلاف العقدي يقطع السبيل أمام الأول، ومواقف البابا المؤازرة لنظام مبارك الفاسد تقطع السبيل على الثاني والتي لا يغفرها عندي مواقفه ضد التطبيع، إذ أن الدفاع عن النظام الممارس للتطبيع لا يقل – عندي – سوءا عن التطبيع ذاته، ولكني على مدار السنوات الماضية ومن خلال متابعتي للأحداث كنت أعجب بسلوك واحد رئيسي للبابا ألا وهو، الوضــوح. البابا الراحل كان شديد الثبات والوضوح في كل شيء يرى أنه يمس عقيدته التي أنا كافر بها، لا يراوغ ولا يتنازل، يرفض أحكام القضاء التي تخالف ما يراه دينا، يسألوه عن الترحم على غير المسيحي فيجيب بالتحريم قطعا، يسألوه (فين كاميليا ؟) فيجيب (مالكش دعوة) رغم أن هذا مخالف للمواطنة والحريات ولكنه يؤمن أن له هذا الحق، لا يعتذر أبدا عما يبدر من القساوسة العاملين. وفي أقصى الظروف وتحت أعلى الضغوط فغاية أمره أن يأسف ولا يعتذر كما حدث عندما خرج أحد القساوسة من مرؤوسيه ليهاجم القرآن ويصفه بالتحريف، والذي تحدث عن مسلمي مصر بكونهم ضيوفا على أرضه، وغير ذلك الكثير، وهذا الوضوح كان دوما يجعلني أتأمل في خمسة أمور:
1- في رأيي الخصم الواضح خير من الصديق المتلون، وفي رأيي أيضا أن البابا بصورة أو بأخرى كان له دور في تنامي الفتنة الطائفية في السنوات الأخير (راجع المقال المرفق)، ولكنه كان سهلا واضحا لمن أراد أن يعالج القضية، لكن المجتمع الذي فهم الوحدة الوطنية بشكل خاطئ لم يستغل هذا الوضوح في مواجهة المشكلات وعلاج العيوب والقضاء على أسباب الاحتقان، ولكنه دفن رأسه في الرمال واكتفى بالأغنيات وحفلات الوحدة الوطنية التي لا تغني شيئا ولا تحل مشكلة. 2- جعلني ذلك أتأمل في مدى الخسارة التي ألمت بنا كمسلمين بسبب فقدان كثير من علمائنا لهذا الوضوح، لا سيما المؤسسة الرسمية (الأزهر)، فالبابا كان يرفض أحكام القضاء التي تخالف دينه، ونحن ربما نرسل بأيدينا الفتاوى "السياسية" للقضاء كي يقرر من خلالها ما يرضي الحكام، ناهيك عن حالة الالتفاف واللف والدوران وعدم الصراحة في الحديث عن الأحكام الشرعية، واعتبار كل رأي ولو كان بلا سند طالما أنه يرضي الآخرين. وهذه الحالة هي التي أدت إلى تحول الإسلام في نظر الكثيرين إلى دين هلامي ليس له ثوابت أو أسس ، حولته إلى مجموعة من الفتاوى والاختلافات لا أكثر، مما جرأ خصومه على الحديث عن صعوبة إن لم يكن استحالة تطبيقه، وجعلت ثوابته مادة مطروحة للنقاش على موائد الرويبضة وغير ذوي العلم والصفة بل وعلى ألسنة وموائد الفنانين والفنانات والراقصين والراقصات. 3- وضوح البابا أيضا فضح لنا الإعلام المنافق، الذي يعتبر وضوح البابا تدينا وسماحة، ويعتبر وضوح المسلم تطرفا وإرهابا وإخلالا بالوحدة الوطنية، يحارب الإعلام الآن المسلم الذي يرفض الترحم على غير المسلم أيا كان – والحديث عن الترحم لا التعزية – ولكنه لم ولن يتحدث أبدا عن نهي البابا عن الترحم على غير المسيحي. 4- وفي الإعلام أيضا، وقف الوضوح حائلا أمام أي قلم يحاول الإدعاء عليه بما لم يقله ، فلا أذكر أنني قرأت من قبل تكذيبا من البابا لتصريح نشر عنه بالباطل أو حتى بحق ولكن دون دقة، عكس ما يحدث مع الكثير من الشخصيات العامة والدينية، فكلما زاد وضوح الإنسان وحدته فيما يراه حقا، صعب التلفيق والإدعاء عليه، لأنه معروف بكونه يقول ما يعني ويعني ما يقول ولا يتبرأ أو يتراجع عما يقول. 5- لم يغب – حسب ما أرى – عن الساحة وضوح البابا الذي حرص دوما على أن يكون ظهرا لكل مسيحي في مصر إلا في أحداث ماسبيرو التي كانت المواجهة فيها ما بين المسيحيين والسلطة الحاكمة، ليدلل ذلك في وجهة نظري أن علاقة رجل الدين – أي دين – بالحاكم ستظل مشوبة بعلامات الاستفهام، ربما يرى البعض أن ذلك كان حرصا وحفاظا على مصر حتى لا تنزلق إلى الهاوية والعياذ بالله، ولكني لا اعتقد في ذلك، إذ أنه لم يفعلها عندما كانت المشكلات تتعلق بمواطنين مسلميين عاديين وكانت البلاد أيضا حينها معرضة للانزلاق في الهاوية وربما بشكل أكبر.
هذا ليس مقالا، ولكنه مجرد لفتة وخاطرة تجول في ذهني وأتحدث عنها منذ سنوات، ولكني أردت أن أوثقها بقلمي اليوم لعلها تكون مفيدة، تحدثت عما أعجبني في مواقف البابا، أما رؤيتي للسنوات التي عشتها أثناء جلوسه على كرسي الباباوية، تستطيع أن تستنتجها من بين سطور مقالي (شجرة الطائفية، التربة والسباخ) والذي كتبته قدرا قبل أحداث ماسبيرو المؤسفة بيومين.
نسأل الله أن يهيئ لمصر، كل مصر، أمر رشد، وأن يقيها من كل سوء، وأن يضيء لها طريق الحق والخير والأمان
| |
|