الداعية جنة الفردوس Admin
عدد المساهمات : 4517 جوهرة : 13406 تاريخ التسجيل : 03/01/2013
| موضوع: من روائع القصص الثلاثاء يناير 08, 2013 1:35 am | |
| ]من روائع القصص]----------------------- قال أبو حنيفة: كنتُ مجتازًا فأشارتْ إليَّ امرأة إلى شيء مطروح في الطريق، فتوهَّمْتُ أنها خرساء وأنَّ الشيء لها، فلمَّا رفعتُهُ إليها، قالت: احفظه، حتى تُسَلِّمَهُ لصاحبه[43].لما ولي الحجاج بن يوسف الحرمين، بعد قتل عبد الله بن الزبير استحضر إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله، وقرَّبه في المنزلة فلم يزل على حاله عنده، حتى خرج إلى عبد الملك زائرًا له فخرج معه فعادله لا يترك في برِّه وإجلاله وتعظيمه شيئًا، فلما حضر باب عبد الملك حضر به معه، فدخل على عبد الملك فلم يبدأ بشيء بعد السلام، إلاَّ أن قال: قدمت عليك يا أمير المؤمنين برجل الحجاز، لم أدع له – والله - فيها نظيرًا في كمال المروءة والأدب والديانة، ومن الستر وحُسْن المذهب والطاعة والنصيحة، مع القرابة ووجوب الحق: إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله، وقد أحضرته بابك؛ لتسهل عليه إذنك، وتلقاه ببشرك، وتفعل ما تفعل بمثله، ممن كانت مذاهبه مثل مذاهبه.فقال عبد الملك: ذكرتنا حقًّا واجبًا ورَحِمًا قريبًا، يا غلام، ائذن لإبراهيم بن طلحة. فلما دخل عليه قرَّبه حتى أجلسه على فرشه، ثم قال له: يابن طلحة، إنَّ أبا محمد أذكرنا ما لم نزل نعرفك به من الفضل والأدب وحسن المذهب، مع قرابة الرحم ووجوب الحقِّ، فلا تدعنَّ حاجة في خاصِّ أمرك ولا عامَّته إلاَّ ذكرتها. قال: يا أمير المؤمنين، إنَّ أَوْلَى الأمور أن تُفْتَتَحَ بها حوائج، وتُرْجَى بها الزُّلَف ما كان لله عز وجل رضًا، ولحقِّ نبيه صلى الله عليه وسلم أداء، ولك فيه ولجماعة المسلمين نصيحة، وإن عندي نصيحة لا أجد بُدًّا من ذكرها، ولا يكون البوح بها إلاَّ وأنا خالٍ، فأخلني تَرِدْ عليك نصيحتي.قال: دون أبي محمد؟ قال: نعم. قال: قُمْ يا حجاج. فلمَّا جاوز الستر قال: قُلْ يابن طلحة نصيحتك. قال: اللهَ، أمير المؤمنين، أمير المؤمنين.قال: الله. قال: إنك عمدت إلى الحجاج مع تغطرسه وتعترسه، وتعجرفه وبُعْدِهِ عن الحقِّ وركونه إلى الباطل، فولَّيْتَهُ الحرمين، وفيهما مَنْ فيهما، وبهما من بهما من المهاجرين والأنصار والموالي المنتسبة الأخيار، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبناء الصحابة، يسومهم الخسف، ويقودهم بالعسف، ويحكم فيهم بغير السنة، ويطؤهم بطغام أهل الشام، ورعاع لا رويَّة لهم في إقامة حقٍّ، ولا إزاحة باطل، ثم ظننت أن ذلك فيما بينك وبين الله يُنْجِيكَ، وفيما بينك وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلصك إذا جَاثَاك للخصومة في أُمَّتِهِ، أَمَا والله لا تنجو إلاَّ بحُجَّة تقيمنَّ لك النجاة، فأَبْقِ على نفسك أو دَعْ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". فاستوى عبد الملك جالسًا، وكان متَّكِئًا، فقال: كذبت - لعمرو الله - ومِنْتَ ولؤمت فيما جئت به، قد ظنَّ بك الحجاج ما لم يجد فيك، وربما ظنَّ الخير بغير أهله، قُمْ فأنت الكاذب المائن الحاسد. قال: فقمت، والله ما أُبْصِرُ طريقًا، فلمَّا خلفت الستر لحقني لاحق من قِبَلِهِ، فقال للحاجب: احبس هذا، أَدْخِل أبا محمد للحجاج. فلبثتُ مليًّا لا أشكُّ أنهما في أمري، ثم خرج الآذن، فقال: قُمْ يابن طلحة، فادخل. فلما كشف لي الستر لقيني الحجاج وأنا داخل وهو خارج، فاعتنقني وقَبَّل ما بين عيني، ثم قال: إذا جزى الله المتحابِّين بفضل تواصُلِهم فجازاك الله أفضل ما جزى به أخًا، فوالله لئن سلمتُ لك لأرفعنَّ ناظرك، ولأُعْلِيَنَّ كَعْبَكَ، ولأتبعنَّ الرجال غبار قدمك.قال: فقلت: يهزأ بي. فلما وصلتُ إلى عبد الملك أدناني حتى أجلسني مجلسي الأول،ثم قال: يابن طلحة، لعلَّ أحدًا من الناس شاركك في نصيحتك؟ قال: قلت: لا والله، ولا أعلم أحدًا كان أظهر عندي معروفًا ولا أوضح يدًا من الحجاج، ولو كنت محابيًا أحدًا بديني لكان هو، ولكن آثرتُ الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه والمسلمين. فقال: قد علمتُ أنك آثرتَ الله عز وجل، ولو أردتَ الدنيا لكان لك بالحجاج أملٌ، وقد أزلتُ الحجاج عن الحرمين لِمَا كرهتَ من ولايته عليهما، وأعلمتُه أنك استنزلتني له عنهما استصغارًا لهما، وولَّيْتُه العراقين لما هنا من الأمور التي لا يَرْحَضُهَا إلاَّ مثلُه، وأعلمتُه أنَّك استدعيتني إلى التولية له عليهما استزادة له؛ ليلزمه من ذمامك ما يُؤَدِّي به عنِّي إليك أجر نصيحتك، فاخرج معه فإنك غير ذامٍّ صحبته مع تقريظه إيَّاك ويدك عنده. قال: فخرجت على هذه الجملة[44].سادسًا الجود والكرمرفع رجل إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما رقعة، فقال: حاجتك مقضية. فقيل له: يابن رسول الله، لو نظرتَ في رقعتِهِ ثم رَدَدْتَ الجواب على قَدْرِ ذلك. فقال: يسألني الله عز وجل عن ذُلِّ مقامه بين يدي حتى أقرأ رقعته[45].- لقي رجل من أهل مَنْبِج[46] رجلاً من أهل المدينة، فقال: ممَّن الرجل؟ فقال: من أهل المدينة. فقال له: لقد أتانا رجل منكم يُقَالُ له: الحكم بن عبد المطلب. فأغنانا. فقال له المدني: وكيف؟ وما أتاكم إلاَّ في جُبَّة صوف؟! فقال: ما أغنانا بمال، ولكنه علَّمَنَا الكرم، فعاد بعضنا على بعض حتى استغنينا.- قال عمر بن أبي سلمة: حدثني ظِئْرٌ[47][53]. كان لنا قال: قدمت بأباعر[48] لي عشرين أو ثلاثين بعيرًا ذا المروة أريد المِيرَةَ[49] من التمر،فقيل لي: إن عمرو بن عثمان في ماله، والحسين بن علي في ماله.قال: فجئت عمرو بن عثمان، فأمر لي ببعيرين أن يحمل لي عليهما، فقال لي قائل: ويلك، ائت الحسين بن علي. فجئته، ولم أكن أعرفه، فإذا رجل جالس بالأرض حوله عبيده، بين يديه جفنة[50] عظيمة، فيها خبز غليظ ولحم، وهو يأكل، وهم يأكلون معه، فسلَّمتُ، فقلتُ: والله ما أرى أن يعطيني هذا شيئًا. فقال: هَلُمَّ، فكُلْ. فأكلتُ معه، ثم قام إلى ربيع الماء مجراه، فجعل يشرب بيديه، ثم غسلهما، وقال: ما حاجتُك؟ فقلتُ: أمتع الله بك، قدمت بأباعر أريد الميرة من هذه القرية، فذُكِرْتَ لي، فأتيتُكَ لتعطيني ممَّا أعطاك الله. قال: اذهب فأتني بأباعرك. فجئتُ بها، فقال: دونك هذا المِرْبَد[51] فأَوْقِرْهَا[52]من هذا التمر. فأوقرتُها والله ما حملتْ، ثم انطلقتُ، فقلتُ: بأبي وأمي، هذا والله الكرم-اجتمع قُرَّاء البصرة إلى ابن عباس وهو عامل بالبصرة، فقالوا: لنا جار صوَّام قوَّام يتمنَّى كلُّ واحد مِنَّا أن يكون مثله، وقد زوَّج بنته من ابن أخيه، وهو فقير وليس عنده ما يُجَهِّزُهَا به. فقام عبد الله بن عباس، فأخذ بأيديهم، وأدخلهم داره، وفتح صندوقًا، فأخرج منه سِتِّ بِدَر[54]، فقال: احملوا. فحملوا، فقال ابن عباس: ما أنصفناه، أعطيناه ما يَشْغَلُهُ عن قيامه وصيامه، ارجعوا بنا نكن أعوانه على تجهيزها؛ فليس للدُّنْيَا من القدر ما يشغل مؤمنًا عن عبادة ربِّه، وما بنا من الكِبَرِ ما لا نخدم أولياء الله تعالى. ففعل وفعلوا[55].-حُكِيَ أنه لما أجدب الناس بمصر، وعبد الحميد بن سعد أميرهم، فقال: والله لأُعْلِمَنَّ الشيطانَ أنِّي عدوُّه. فَعَالَ محاويجَهم إلى أن رخصت الأسعار، ثم عزل عنهم، فرحل وللتُّجَّار عليه ألف ألف درهم، فرهنهم بها حلي نسائه وقيمتها خمسمائة ألف ألف، فلما تعذَّر عليه ارتجاعُها كتب إليهم ببيعها ودَفْعِ الفاضل منها عن حقوقهم إلى مَنْ لم تَنَلْهُ صِلاتُه[56].- كان مَعْنُ بن زائدة عاملاً على العراقين بالبصرة، فحضر بابه شاعرٌ، فأقام مدَّة، وأراد الدخول على مَعْنٍ، فلم يتهيَّأ له، فقال يومًا لبعض خدَّام معن: إذا دخل الأمير البستان فعرِّفْنِي. فلمَّا دخل الأمير البستان أَعْلَمَهُ، فكتب الشاعر بيتًا على خشبة، وألقاها في الماء الذي يدخل البستان، وكان معن على رأس الماء، فلمَّا بصر بالخشبة، أخذها وقرأها، فإذا مكتوب عليها:أَيَا جُودَ مَعْنٍ نَاجِ مَعْنًا بحاجتي ... فما لي إلى مَعْنٍ سواك شفيع[57] فقال: مَنْ صاحب هذه؟ فدُعِيَ بالرجل، فقال له: كيف قُلْتَ؟ فقال له، فأمر له بعَشْرِ بِدَرٍ، فأخذها، ووضع الأمير الخشبة تحت بساطه، فلمَّا كان اليوم الثاني أخرجها من تحت البساط وقرأها، ودعا بالرجل فدفع إليه مائة ألف درهم، فلمَّا أخذها الرجل تفكَّر وخاف أن يأخذ منه ما أعطاه فخرج، فلمَّا كان في اليوم الثالث قرأ ما فيها، ودعا بالرجل، فطُلِبَ فلم يُوجَدْ، فقال معن: حقٌّ عليَّ أنْ أُعْطِيَهُ حتى لا يبقى في بيت مالي ولا دينار[58]. - قيل لقيس بن سعد بن عبادة: هل رأيتَ أحدًا أسخى منك؟ فقال له: نعم، نزلنا بالبادية على امرأة، فحضر زوجها، فقالت له: إنه نزل بك ضِيفَانٌ. فجاء بناقة ونحرها، وقال: شأنكم بها..فلمَّا كان بالغد جاء بأخرى ونحرها، وقال: شأنكم بها. فقلنا: ما أكلنا من التي نحرتَ لنا البارحة إلاَّ اليسير. فقال: إنِّي لا أُطْعِمُ أضيافي الغاب. فبقِينَا عنده يومين أو ثلاثة، والسماء تمطر، وهو يفعل كذلك، فلمَّا أردنا الرحيل وضعنا له مائة دينار في بيته، وقلنا للمرأة: اعتذري لنا إليه. ومضينا، فلمَّا مَتَع النهار إذا نحن برجل يصيح خلفنا: قفوا أيُّها الركب اللئام، أعطيتموني ثمن قرايَ. ثم إنه لحقنا، وقال: لتأخُذُنَّه، وإلاَّ طعنتكم برمحي هذا. فأخذناه وانصرف، فأنشأ يقول: وإذا أخذْتُ ثواب ما أعطَيْتُهُ ... فَكَفَى بذاك لنائلٍ تَكْدِيرا[59]- قيل مَرِضَ قيس بن سعد بن عبادة، فاستبطأ إخوانَهُ، فسأل عنهم، فقيل له: إنهم يستحيُون ممَّا لك عليهم من الدَّيْنِ. فقال: أخزى الله مالاً يمنع الإخوان من الزيارة!! ثم أمر مَنْ يُنَادي مَنْ كان لقيس عليه دَيْنٌ فهو منه في حلٍّ. فكُسِرَتْ عتَبَتُه بالعَشِيِّ، لكثرة ما عاده[60].- عن محمد بن سليمان القرشي، قال: بينا أنا أَسِيرُ في طريق اليمن، إذا أنا بغلام واقف في الطريق، في أذنيه قرطان، في كل قرط جوهرة يضيء وجهه من ضوء تلك الجوهرة، وهو يمجِّد ربَّه بأبيات من الشعر، فسمعته يقول:مليكٌ في السماء بِهِ افتخاري ... عزيزُ القَدْرِ ليس به خفاء[61]فدنوتُ منه فسلَّمْتُ عليه، فقال: ما أنا برادٍّ حتى تُؤَدِّيَ من حقِّي ما يجبُ لي عليكَ.قلتُ: وما حقُّك؟قال: أنا غلام على مذهب إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، لا أتغذَّى ولا أتعشَّى كلَّ يوم حتى أسيرَ المِيلَ والميلَيْنِ في طلب الضيف.فأجبتُه إلى ذلك فرحَّب بي، وسِرْتُ معه حتى قربنا من خيمة شَعْرٍ، فلمَّا قربنا من الخيمة صاح: يا أختاه. فأجابته جارية من الخيمة: يا لبيكاه.فقال: قومي إلى ضيفنا. فقالت الجارية: حتى أبدأ بشكر المولى الذي سبَّب لنا هذا الضيف.فقامت فصَلَّتْ ركعتين شكرًا لله عز وجل، فأدخلني الخيمة وأجلسني، وأخذ الغلام الشَفْرَة، وأخذ عَنَاقًا ليذبحها، فلمَّا جلست في الخيمة نظرتُ إلى أحسن الناس وجهًا، فكنتُ أُسارقها النظر، ففطنَتْ لبعض لحظاتي إليها، فقالت لي: مه، أَمَا علمتَ أنَّه قد نُقِلَ إلينا عن صاحب يثرب صلى الله عليه وسلم؛ أن زِنَى العينين النظر، أما إنِّي ما أردتُ بهذا أن أُوَبِّخَكَ، ولكنِّي أردتُ أنْ أُؤَدِّبَك؛ لكي لا تعودَ إلى مثل هذا.فلمَّا كان النوم بتُّ أنا والغلام خارجًا، وباتت الجارية في الخيمة، وكنتُ أسمع دَوِيَ القرآن الليلَ كلَّه بأحسن صوت يكون وأرقه، فلمَّا أصبحتُ قلتُ للغلام: صوتُ مَنْ كان ذلك؟ فقال: تلك أختي، تحيي الليل كله إلى الصباح. فقلت: يا غلام، أنت أحقُّ بهذا العمل من أختك، أنت رجل وهي امرأة. قال: فتبسَّم، وقال لي: ويحك يا فتى، أما علمت أنه موفق ومخذول؟!![62].قال عمر بن شَبَّة: أُتِيَ مَعْنُ بن زائدة بثلاثمائة أسير، فأمر بضرب أعناقهم، فقُدِّم غلامٌ منهم ليُقتل، فقال: يا مَعْنُ، لا يُقْتَلُ أسراك وهم عطاشٌ. فقال: اسقوهم ماءً. فلمَّا شربوا قام الغلام، فقال: أيُّها الأمير، لا تَقتُل أضيافك. فأطلقهم كلُّهم[63].بَكَتْ عجوزٌ على ميتٍ، فقيل لها: بماذا استحقَّ هذا منكِ؟ فقالت: جاورنا وما فينا إلاَّ مَنْ تَحِلُّ له الصَّدَقة، ومات وما فينا إلاَّ مَنْ تجِبُ عليه الزكاة[64]. [/size] | |
|