الداعية جنة الفردوس
السلام عليكم ورحمة الله وبركته
أهلاً ومرحاً أيها الزائر العزيز في منتدى الداعية جنة الفردوس الإيسلامي
نرجو منك أن تشرفنا بنضمامك معنا في المنتدى
اذا كنت منضم معنا فرجاءً سجل الدخول
تحيات الداعية جنة الفردوس
الداعية جنة الفردوس
السلام عليكم ورحمة الله وبركته
أهلاً ومرحاً أيها الزائر العزيز في منتدى الداعية جنة الفردوس الإيسلامي
نرجو منك أن تشرفنا بنضمامك معنا في المنتدى
اذا كنت منضم معنا فرجاءً سجل الدخول
تحيات الداعية جنة الفردوس
الداعية جنة الفردوس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى اسلامي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  تابع -2- المبحث الثاني: الصلاة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الداعية جنة الفردوس
Admin
Admin
الداعية جنة الفردوس


عدد المساهمات : 4517
جوهرة : 13406
تاريخ التسجيل : 03/01/2013

 تابع  -2-    المبحث الثاني: الصلاة Empty
مُساهمةموضوع: تابع -2- المبحث الثاني: الصلاة    تابع  -2-    المبحث الثاني: الصلاة I_icon_minitimeالجمعة مايو 10, 2013 11:03 pm


تابع -2- المبحث الثاني: الصلاة
==================
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه)) وما جاء في معناهما…
10- واحتجوا بالإجماع قائلين:- (لا نعلم في عصر من الأعصار أحدا من تاركي الصلاة ترك تغسيله، والصلاة عليه، ودفنه في مقابر المسلمين، ولا منع ورثته ميراثه، ولا منع هو ميراث مورثه، ولا فرق بين زوجين لترك صلاة من أحدهما، مع كثرة تاركي الصلاة، ولو كان كافراً لثبتت هذه الأحكام كلها، ولا نعلم بين المسلمين خلافاً في أن تارك الصلاة يجب عليه قضاؤها، ولو كان مرتداً لم يجب عليه قضاء صلاة ولا صيام).
وأجاب هذا الفريق عن أدلة مكفري تارك الصلاة بأجوبة منها:-
1- قالوا: تحمل أحاديث تكفير تارك الصلاة على كفر النعمة، كقوله صلى الله عليه وسلم: ((من تعلم الرمي، ثم تركه، فهي نعمة كفرها))
وقوله: - ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر))
وقوله: - ((من حلف بغير الله فقد كفر))
وبعضهم يقول – كالشوكاني – إن كفر تارك الصلاة إنما هو كفر دون كفر، فلا يمنع أن يكون بعض أنواع الكفر غير مانع من المغفرة واستحقاق الشفاعة.
2- إن الأحاديث الواردة في تكفير تارك الصلاة كحديث جابر وبريدة رضي الله عنهما إنما هي على سبيل التغليظ والزجر الشديد لا على الحقيقة، فظاهرها غير مرادها
3- إن مثل هذه النصوص محمولة على أنه شارك الكافر في بعض أحكامه وهو وجوب القتل. قال النووي: - وهذا التأويل متعين للجمع بين نصوص الشرع وقواعده.
4- المراد من هذه الأحاديث من استحل ترك الصلاة، أو تركها جحوداً بلا عذر.
(ج) أجوبة المكفرين عن أدلة الآخرين:-
وقد أجاب القائلون بتكفير تارك الصلاة عن أدلة الآخرين بما يلي:-
1- أما حديث عبادة بن الصامت: - ((خمس صلوات..)) الحديث فهذا الوعد الكريم إنما هو بالمحافظة عليها، والمحافظة: فعلها في أوقاتها كما أمر، قال تعالى: - { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ } [البقرة: 238] وعدم المحافظة يكون مع فعلها بعد الوقت، كما أخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العصر يوم الخندق، فأنزل الله آية الأمر بالمحافظة عليها وعلى غيرها من الصلوات.
وقد دل الكتاب والسنة، واتفاق السلف على الفرق بين من يضيع الصلاة فيصليها بعد الوقت، والفرق بين من يتركها. ولو كانت بعد الوقت لا تصح بحال، لكان الجميع سواء،
فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما أدخل تحت المشيئة من لم يحافظ عليها، لا من ترك، ونفي المحافظة يقتضي أنهم صلوا، ولم يحافظوا عليها ، وقوله صلى الله عليه وسلم: - ((ومن لم يفعل فليس له على الله عهد..)) معناه: أنه لم يأت بهن على الكمال، وإنما أتى بهن ناقصات من حقوقهن، كما جاء مفسراً في بعض الروايات: ((ومن جاء بهن، وقد انتقص من حقهن شيئاً، جاء وليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء رحمه))
قال محمد بن نصر المزوري: - (فمن أتى بذلك كله كاملاً على ما أمر به، فهو الذي له العهد عند الله تعالى بأن يدخله الجنة، ومن أتى بهن، لم يتركهن، وقد انتقص من حقوقهن شيئاً، فهو الذي لا عهد له عند الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، فهذا بعيد الشبه من الذي يتركها أصلاً لا يصليها).
2- وأما حديث حذيفة – والذي جاء فيه -: ((تنجيهم لا إله إلا الله)) فهو محمول على زمن الفترات، حيث تضمن هذا الحديث الإخبار عما يحصل في آخر الزمان من محو الإسلام، ورفع القرآن حتى لا يبقى منه آية، حتى لا يُدْرَى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، فيغفر الله لهؤلاء مالا يغفر لغيرهم ممن قامت عليهم الحجة، وظهرت آثار الرسالة في وقتهم، وقد أشار ابن تيمية إلى زمانه، وما كان عليه الكثير من الناس من الوقوع في أنواع الكفر فقال عنهم -: وهؤلاء الأجناس وإن كانوا قد كثروا في هذا الزمان، فلقلة دعاة العلم والإيمان، وفتور آثار الرسالة في أكثر البلدان، وأكثر هؤلاء ليس عندهم من آثار الرسالة وميراث النبوة ما يعرفون به الهدى، وكثير منهم لم يبلغهم ذلك، وفي أوقات الفترات، وأمكنة الفترات، يثاب الرجل على ما معه من الإيمان القليل، ويغفر الله فيه لمن لم تقم الحجة عليه، ما لا يغفر به لمن قامت الحجة عليه، كما في الحديث المعروف: (يأتي على الناس زمان لا يعرفون فيه صلاة، ولا صياماً ولا حجاً.. الحديث)) .
فإذا كان هؤلاء معذورين مع وجود أهل العلم، ووجود القرآن والسنة بين أظهرهم... فكيف لا يعذر بترك الصلاة ونحوها من كان في زمان يمحى فيه الإسلام، ويرفع فيه القرآن فلا يبقى منه في الأرض آية؟
فينبغي مراعاة أحوال الأزمنة والأمكنة والأشخاص، ولعل مما يؤكد ما ذكرناه أن راوي الحديث السابق حذيفة بن اليمان رضي الله عنه لما رأى رجلاً لا يتم الركوع والسجود، قال: (ما صليت، ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمداً صلى الله عليه وسلم) .
يقول ابن حجر: - (واستدل به على تكفير تارك الصلاة؛ لأن ظاهره أن حذيفة نفى الإسلام عمن أخل ببعض أركانها، فيكون نفيه عمن أخل بها كلها أولى)
فتأمل تنوع الجوابين لاختلاف الزمان والحال والله أعلم
3- وأما استدلالهم بحديث أبي ذر مرفوعاً: ((إنه سيكون بعدي أمراء يميتون الصلاة..)) الحديث، فقد أجاب محمد بن نصر عن استدلالهم بما يلي: (ليس في هذه الأخبار التي احتججتم بها دليل على أن تارك الصلاة عمداً، حتى يخرج وقتها لا يكفر، متعمدين لتركها حتى يذهب وقتها. إنما قال في حديث عبادة يكون عليكم أمراء يشغلهم أشياء عن الصلاة، فإنما أخروها عن الوقت الذي كانت تصلى فيه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين... فكانوا يؤخرونها عن وقت الاختيار إلى وقت أصحاب العذر.. ولا يؤخرونها حتى يخرجوا من وقت أصحاب العذر كله، فلم يكونوا يؤخرون الصلاة حتى يخرج الوقت كله، إنما كانوا يؤخرونها عن وقت الاختيار، ويصلون في آخر وقت العذر، فلذلك لم يثبت عليهم الكفر).
وأجاب ابن تيمية قائلاً: (وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، ((صلوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم نافلة)) . وهم إنما كانوا يؤخرون الظهر إلى وقت العصر، والعصر إلى وقت الاصفرار، وذلك مما هو مذمومون عليه، ولكن ليسوا كمن تركها أو فوتها حتى غابت الشمس، فإن هؤلاء أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم، ونهى عن قتال أولئك، فإنه لما ذكر أنه سيكون أمراء يفعلون ويفعلون، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: - (لا، ما صلوا) وقد أخبر عن هذه الصلاة التي يؤخرونها، وأمر أن نصلي في الوقت، وتعاد معم ناقلة، فدل على صحة صلاتهم، ولو كانوا لم يصلوا لأمر بقتالهم) .
- واستكمالاً لأجوبة القائلين بتكفير تارك الصلاة، نضيف ما يلي: -
4- أما استدلالهم بقوله تعالى: - { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } الآية [النساء: 48]، فقد تقرر بالأدلة أن ترك الصلاة كفر وشرك، كما جاء في حديث جابر مرفوعاً: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) ، فيكون ترك الصلاة داخلاً في عموم الآية من جهة الدلالة على أن ذلك مما لا يغفره الله تعالى، وبهذا نصدق بجميع تلك النصوص، ويتحقق إعمالها دون إهمالها.
وأما احتجاجهم بحديث أبي ذر مرفوعاً: ((لو اطلع عليه كثير منهم طلعة تركوا الصلاة)) ففي سنده قدامة بن عبدالله بن عبدة البكري، قال عنه ابن حجر: - (مقبول) ، وفي سنده جسرة بنت دجاجة، قال البيهقي: فيها نظر، وقال البخاري في تاريخه: - وعند جسرة عجائب .
وقد أورد ابن خزيمة هذا الحديث بصيغة تشعر بعدم صحته، فعقد باباً بعنوان: - (باب إباحة ترديد الآية الواحدة في الصلاة مراراً عند التدبر والتفكر في القرآن إن صح الخبر)، ثم ساق الحديث المذكور
ويمكن أن يقال: أن الحديث علق ترك الصلاة بأمر ممتنع لا يمكن الاطلاع عليه، فمن المعلوم أن (لو) حرف امتناع لامتناع، وبهذا نعلم أن هذه الرواية قد قيدت بوصف يمتنع معه ترك الصلاة.
6. وأما احتجاجهم بحديث عائشة: ((الدواوين ثلاثة...)) ففيه صدقة بن موسى وقد ضعفه الجمهور . قال يحيى بن معين: ( ليس حديثه بشيء). وقال أبو حـاتم: (لين الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به، ليس بالقوي) .
وفيه يزيد بن بابنوس، قال عنه الذهبي: (فيه جهالة) .
وضعف الألباني هذا الحديث.
ولو صح الحديث فيحمل على من يقع أحياناً في ترك صلوات، دون أن يتركها بالكلية، ويشهد لذلك لفظ الحديث حيث جاء فيه: ((من صوم يوم تركه أو صلاة تركها))
7- وكذا يقال بالنسبة لحديث عبدالله بن مسعود: ((أول ما يحاسب به العبد الصلاة...)) الحديث فإن مناط التكفير لتارك الصلاة إنما هو الترك المطلق، بحيث يترك الصلاة جملة، وأما ترك بعض الصلوات فلا يكون كفراً، كما يدل عليه ظاهر الحديث،.....
بل إن بعض مرويات هذا الحديث تكاد تشهد بكفر تارك الصلاة، فعن أنس مرفوعاً: ((أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح له سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله))
فجعل صلاح الصلاة وصحتها شرطاً في صلاح سائر الأعمال وصحته، وأن فسادها شرط في فساد باقي الأعمال.
ولذا قال الإمام أحمد بن حنبل: - (وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون منه الصلاة)) ...فصلاتنا آخر ديننا، وهي أول ما نسأل عنه غداً من أعمالنا، فليس بعد ذهاب الصلاة إسلام ولا دين، فإذا صارت الصلاة آخر ما يذهب من الإسلام، فكل شيء يذهب آخره فقد ذهب جميعه... ).
8- وأما حديث: ((أمر بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة..)) الحديث ففي سنده عاصم بن بهدلة تكلموا في حفظه... وقال ابن حجر: - (صدوق، وله أوهام) وفيه: جعفر بن سليمان الضبعي، صدوق زاهد، لكنه كان يتشيع.
إضافة إلى ذلك، فقد جاء في رواية هذا الحديث: - صليت صلاة واحدة بغير طهور فهو إذاً ليس تاركاً للصلاة بالكلية بتركه الوضوء، وإنما هي صلاة واحدة... وهناك فرق ظاهر بين من تركها بالكلية... ومن ترك صلاة واحدة وقد يفعل بعض المسلمين ذلك، فيصلي بغير وضوء، فيكون مستحقاً للذم والعقاب، وقد يفعله مع اعترافه بالذنب فلا يكفر، كما ظن بعض الأحناف عندما أطلقوا كفر من صلى بغير طهارة ، ولكن لو فعله على سبيل الاستهانة والاستخفاف فهو كافر فكيف بحال هذا الرجل الذي كان مداوماً على الوضوء والصلاة.. لكنه صلى صلاة واحدة بغير وضوء؟ وأما قوله: - إن دعاء الكافرين داخل في قوله تعالى: - { وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [غافر: 50] فلا يستجاب لهم، فهذا كلام مجمل يحتاج إلى تفصيل، فقد يدعو الكافر ربه فيستجاب له، كما جاء ذلك في آيات كثيرة من القرآن.
قال تعالى: { قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } [الأنعام: 40- 41].
وقال سبحانه: { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت: 65]
وأما دعاء الكافرين لغير الله تعالى فهو ضلال، كما هو ظاهر الآية التالية: - { لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [الرعد: 14].
كما ينبغي مراعاة الفرق بين حياة البرزخ كما جاء في الحديث الذي استدلوا به، ودخول دار الجزاء (الجنة أو النار) كما في الآية: - { وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [غافر: 50] ففي البرزخ قد يقع التكليف كما في سؤال الملكين، وكذا في عرصات القيامة يدعون إلى السجود، وأما بدخول دار الجزاء فينقطع التكليف، كما في الآية.
إضافة إلى ذلك فهذا الحديث – المتكلم على سنده ومتنه – معارض لحديث صحيح صريح وهو قوله صلى الله عليه وسلم: - ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به من بعده))
9- وأما الحديث الذي أخرجه الخلال وفيه أن مولى للأنصار مات وكان يصلي ويدع، ومع ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسله والصلاة عليه ودفنه.. فهذا الحديث في سنده مقال.. فأبو شميلة مختلف في صحبته...
وقد ذكر الذهبي وابن حجر وغيرهما قصة تدل على صحبته، لكن في سندها محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن.
وفيه عبدالوهاب بن عطاء، قال عنه ابن حجر: - صدوق، ربما أخطأ
وضعف الألباني هذا الحديث في (الضعيفة).
ولو صح الحديث فلا دلالة فيه على أن الترك المطلق للصلاة لا يعد كفراً، وهذا المولى كان يصلي ويدع، فلم يكن تاركاً للصلاة بالكلية، وفرق بين من يحافظ على تركها، ومن يصلي ويدع فهو غير محافظ على فعلها والله أعلم.
10- وأما حديث: ((إن للإسلام صوى ومناراً كمنار الطريق...)) الحديث. فليس فيه دلالة ظاهرة على عدم كفر تارك الصلاة... ولقد أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن من ترك من ذلك شيئاً فقد ترك سهماً من الإسلام، ومن المعلوم أن تلك )المنارات( متفاوتة، فمنها ما تركه يناقض الملة كالإيمان بالله تعالى، ومنها ما تركه ينافي كمال الإيمان الواجب كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنها ما تركه يعد تفويتاً لكمال الإيمان المستحب كالسلام.
11 – وأما استدلالهم بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الشفاعة، وكذا عمومات الأحاديث الأخرى.. فهذه من نصوص الوعد، التي لابد من الإيمان بها، وضمها إلى ما يقابلها من نصوص الوعيد، فالذي عليه أهل السنة والجماعة الإيمان بالوعد والوعيد، فكما أن ما توعد الله به العبد من العقاب، قد تبين سبحانه أنه مشروط بأن لا يتوب، فإن تاب، تاب الله عليه، وبأن لا يكون له حسنات تمحو ذنوبه، فهكذا الوعد له تفسير وبيان فمن قال بلسانه: لا إله إلا الله وكذب الرسول فهو كافر باتفاق المسلمين، وكذلك إن جحد شيئاً مما أنزل الله...
فاستدلالهم بعموم الأحاديث التي فيها من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وما جاء في معناها، ولم يشترط إقامة الصلاة لذلك... لا دلاله فيها على أن تارك الصلاة لا يكفر؛ لأن المراد بقول لا إله إلا الله تحقيق شروطها وترك نواقضها، وقد تقرر بالأدلة أن ترك الصلاة كفر، فلا اعتبار بمجرد الإقرار بالشهادتين مع عدم أداء الصلاة.
ومثل هذه الأحاديث التي قد يكون فهمها مشكلاً أو مشتبهاً على البعض، فإنه يجب ردها إلى الأحاديث الواضحة المحكمة، فنصوص الكتاب والسنة يصدق بعضها بعضاً.
ويقال – أيضاً – إن هذه العمومات يمكن تخصيصها بأحاديث كفر تارك الصلاة.
يقول ابن الوزير: - (ولا شك في ترجيح النص الخاص على العموم وتقديمه، وعليه عمل علماء الإسلام في أدلة الشريعة، ومن لم يقدمه في بعض المواضع لم يمكنه الوفاء بذلك في كل موضع، واضطر إلى التحكم والتلون من غير حجة بينة).
وقد عقد إمام الأئمة ابن خزيمة رحمه الله في كتاب التوحيد باباً بعنوان: - (باب ذكر الدليل أن جميع الأخبار التي تقدم ذكري لها إلى هذا الموضع في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في إخراج أهل التوحيد من النار إنما هي ألفاظ عامة مرادها خاص). ثم أورد أدلته على ذلك
بل إن في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وغيره من أحاديث الشفاعة لعصاة الموحدين ما يدل على أن تارك الصلاة كافر... فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده، وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرج ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله، أمر الملائكة أن يخرجوهم، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود))
فعلم أن من لم يكن يسجد لله تأكله النار كله.
وقد استنبط ابن أبي جمرة من هذا أن من كان مسلماً، ولكنه كان لا يصلي لا يخرج إذ لا علامة له.
وإن كانوا يحتجون برواية ((لم يعملوا خير قط)) على عدم كفر تارك الصلاة، في نفس الوقت يدفعون توهم من زعم أن المراد بالخير المنفي تجويز إخراج غير الموحدين من النار، كما قال ابن حجر: - (ورد ذلك بأن المراد بالخير المنفي ما زاد على أصل الإقرار بالشهادتين، كما تدل عليه بقية الأحاديث)
فكذا يقال أيضاً أن هذا الخير المنفي ما زاد على فعل الصلاة كما جاءت بذلك النصوص.
وقال ابن خزيمة: - (هذه اللفظة ((لم يعملوا خيراً قط)) من الجنس الذي يقول العرب: ينفي الاسم عن الشيء لنقصه على الكمال والتمام، فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل، لم يعملوا خيراً قط، على التمام والكمال..) .
12 - وأما دعواهم الإجماع – على فرض صحتها – فهي منقوضة ومردودة بإجماع الصحابة رضي الله عنهم كما نقله أبو هريرة رضي الله عنه، وعبد الله بن شقيق العقيلي رحمه الله، فالإجماع على مراتب، وأقواها إجماع الصحابة رضي الله عنهم. .
وقولهم لا نعلم بين المسلمين خلافاً لا يعد إجماعاً ، ونفي العلم ليس علماً بالنفي.
إضافة إلى ذلك فإنه قد يصعب القطع بأن فلاناً لا يصلي تماماً، خاصة أن من ادعى أنه صلى في أهله وبيته، قبل منه، كما دل عليه حديث محجن – وقد تقدم – وفيه قوله صلى الله عليه وسلم لمحجن: ((ما منعك أن تصلي مع الناس؟ ألست برجل مسلم؟)) قال محجن: بلى يا رسول الله، ولكني صليت في أهلي وقد استنبط ابن عبدالبر من هذا الحديث أن من أقر بالصلاة وإقامتها أنه يوكل إلى ذلك إذا قال إني أصلي؛ لأن محجناً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم قد صليت في أهلي، فقبل منه.
وقال الإمام الشافعي رحمه الله: - (من قيل أنه لا يصلي فكذبهم صدق).
وقال النووي: - (إذا أراد السلطان قتله، فقال: صليت في بيتي ترك).
إن الترك للصلاة – والذي يعد ناقضاً من نواقض الإيمان – لا يتحقق في المعين إلا بالإصرار على تركها، والأصل في المسلم فعل الصلاة حتى يثبت ما يناقض ذلك، فمن أظهر أداء الصلاة فهو المسلم حكماً وظاهراً، وقد يكون مؤمناً عند الله، وقد يكون منافقاً كافراً، فليس كل من قيل عنه أنه كافر، تجرى عليه أحكام الكفر.
يقول ابن تيمية: - (إن كثيراً من الناس، بل أكثرهم في كثير من الأمصار لا يكونون محافظين على الصلوات الخمس، ولا هم تاركيها بالجملة، بل يصلون أحياناً، ويدعون أحياناً، فهؤلاء فيهم إيمان ونفاق، وتجري عليهم أحكام الإسلام الظاهرة في المواريث ونحوها من الأحكام).
وأما قولهم: إن تارك الصلاة يجب عليه قضاؤها، ولو كان مرتداً لم يجب عليه قضاء صلاة ولا صيام..
فقد أجاب عنه محمد بن نصر المروزي بقوله: -
(إن الكافر الذي أجمعوا على أنه لا يؤمر بقضاء ما ترك من الصلاة هو الكافر الذي لم يسلم قط، ثم أسلم، فإنهم أجمعوا على أنه ليس عليه قضاء ما ترك من الصلاة في حال كفره... فأما من أسلم ثم ارتد عن الإسلام، ثم رجع فإنهم قد اختلفوا فيما ضيع في ارتداده من صلاة وصيام وزكاة وغير ذلك، فكان الشافعي يوجب عليه قضاء جميع ذلك).
ثم قال: - (فإذا ترك الرجل صلاة متعمداً حتى يذهب وقتها فعليه قضاؤها، لا نعلم في ذلك اختلافاً، إلا ما يروى عن الحسن، فمن أكفره بتركها استتابه، وجعل توبته، وقضاءه إياها رجوعاً منه إلى الإسلام، ومن لم يكفر تاركها ألزمه المعصية، وأوجب عليه قضاءها).
وقال أبو الوفاء ابن عقيل:- (من كان كفره بترك الصلاة، لا بترك كلمة الإسلام، فهو إذا عاود فعل الصلاة صارت معاودته للصلاة إسلاماً).
وقال ابن تيمية: - (من كفر بترك الصلاة: الأصوب أن يصير مسلماً بفعلها، من غير إعادة الشهادتين؛ لأن كفره بالامتناع كإبليس).
والآن ننتقل إلى مناقشة أجوبة القائلين بعدم التكفير لأدلة الفريق الأول.
1- فأما حملهم أحاديث تكفير تارك الصلاة على كفر النعمة، فهذا غير مستقيم، ولا يخفى ما فيه من تكلف..فهل يسوغ أن يكون معنى حديث جابر بين الرجل وبين كفر النعمة ترك الصلاة؟ لقد بين الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله فساد هذا القول عند أهل اللغة، ثم علل ذلك قائلاً: - (وذلك أنهم (أي العرب) لا يعرفون كفران النعم إلا بالجحد لأنعام الله وآلائه، وهو كالمخبر عن نفسه بالعدم، وقد وهب الله له الثروة، أو بالسقم وقد منَّ الله عليه بالسلامة وكذلك ما يكون من كتمان المحاسن ونشر المصائب فهذا الذي تسميه العرب كفراناً إن كان ذلك فيما بينهم وبين الله، أو كان من بعضهم لبعض إذا تناكروا اصطناع المعروف عندهم وتجاحدوه، ينبئك عن ذلك مقالة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء: - ((إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير – يعني الزوج – وذلك أن تغضب إحداكن فتقول: - ما رأيت منك خيراً قط))
فهذا ما في كفر النعمة) .
وأما قولهم إنه كفر دون كفر، فقد سبق بيان أن الكفر جاء معرفاً كما في حديث جابر مما أفاد التخصيص والعهد، وفرق بين هذا وبين كفر منكر...
إضافة إلى ذلك فإن حديث بريدة مرفوعاً: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) قد جعل الصلاة حداً فاصلاً بين المسلمين عن غيرهم، ولا يتصور أن يكون كفراً دون كفر؛ لأنه لا يكون حداً فاصلاً بين المسلمين والكافرين، فهناك من المسلمين من يقع في مثل هذا الكفر، وإن لم يكن مؤمناً بإطلاق.
2- وأما قولهم إن الأحاديث الواردة في تكفير تارك الصلاة إنما هي على سبيل التغليظ والزجر الشديد لا على الحقيقة فظاهرها غير مراد.
فالجواب أن يقال: هذا كلام فيه إجمال وإيهام، فلا شك أن هذه الأحاديث فيها تغليظ وتخويف، وهي على الحقيقة، نؤمن بذلك ولا نكذب، ونمرها كما جاءت ونأخذ بظاهرها المفهوم منها، وإذا كان عامة السلف الصالح يقرون أحاديث الوعيد – فيما دون الكفر – ويمرونها كما جاءت، ويكرهون أن تتأول تأويلات تخرجها عن مقصود قائلها صلى الله عليه وسلم ، فكيف ساغ لهؤلاء صرف نصوص تكفير تارك الصلاة عن ظاهرها، وجعله وعيداً لا حقيقة له!
إن الإيمان بالنصوص الشرعية – ومنها نصوص الوعيد – يوجب التسليم لها والانقياد، كما يقتضي إجلالها وتعظيمها، وقد التزم سلف الأمة هذا النهج،
(فقد قال الرجل للزهري: يا أبا بكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لطم الخدود)) ، ((وليس منا من لم يوقر كبيرنا)) وما أشبه هذا الحديث؟ فأطرق الزهري ساعة، ثم رفع رأسه فقال: - من الله عز وجل العلم، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم).
" ولما ذكر عبدالله بن المبارك – رحمه الله – حديث: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن...)) ، فقال فيه قائل: ما هذا! على معنى الإنكار، فغضب ابن المبارك وقال: يمنعنا هؤلاء الأنان أن نحدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكلما جهلنا معنى حديث تركناه! لا بل نرويه كما سمعنا، ونلزم الجهل أنفسنا.
ومما يحسن إيراده في هذا الموضع ما قاله ابن تيمية: " ينبغي للمسلم أن يقدر قدر كلام الله ورسوله.. فجميع ما قاله الله ورسوله يجب الإيمان به، فليس لنا أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض، وليس الاعتناء بمراده في أحد النصين دون الآخر بأولى من العكس، فإذا كان النص الذي وافقه يعتقد أنه اتبع فيه مراد الرسول، فكذلك النص الآخر الذي تأوله، فيكون أصل مقصوده معرفة ما أراده الرسول بكلامه.
وعلى كل فإن الاسترسال مع قول من قال إن هذا وعيد للتغليظ ولا حقيقة له، قد يؤول إلى تعطيل الشريعة وإبطال العقاب...
وقد نبه جمع من أهل العلم لخطورة ذلك.
فقال أبو عبيد القاسم بن سلام – جواباً عمن حمل نصوص الوعيد على التغليظ: - (وأما القول المحمول عل التغليظ فمن أفظع ما تأول على رسـول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أن جعلوا الخبر عن الله وعن دينه وعيداً لا حقيقـة له، وهذا يؤول إلى إبطـال العقاب؛ لأنه إن أمكن ذلك في واحد منها، كان ممكناً في العقوبات كلها).
وقال الفضيل بن عياض – رحمه الله -: - (المرجئة كلما سمعوا حديثاً فيه تخويف قالوا: هذا تهديد، وإن المؤمن من يخاف تهديد الله وتحذيره وتخويفه ووعيده، ويرجو وعده. وإن المنافق لا يخاف تهديد الله ولا تحذيره ولا تخويفه ولا وعيده، ولا يرجو وعده).
وقال ابن حزم: - (وأما من استجاز أن يكون ورود الوعيد على معنى التهديد لا على معنى الحقيقة، فقد اضمحلت الشريعة بين يديه، ولعل وعيد الكفار أيضاً كذلك، ومن بلغ هذا المبلغ فقد سقط الكلام معه؛ لأنه يلزمه تجويز ترك الشريعة كلها إذ لعلها ندب، ولعل كل وعيد ورد إنما هو تهديد، وهذا مع فراقه المعقول خروج عن الإسلام؛ لأنه تكذيب لله عز وجل).
وقال القاسمي – معلقاً على ما قاله الزمخشري عن حديث: ((آية المنافق ثلاث وإن صام وصلى..)) : للتغليظ: -
(قول الزمخشري (فللتغليظ) يوجد مثله لثلة من شراح الحديث وغيرهم وقد بحث فيه بعض محققي مشايخنا بقوله: - هذا الجواب لا يرتضيه من عرف قدر النبي صلى الله عليه وسلم، وكأنهم غفلوا عما يستلزمه هذا الجواب مما لا يرتضيه أدنى عالم أن ينسب إليه، وهو الإخبار بخلاف الواقع لأجل الزجر. انتهى، وقال بعض المحققين: عليك أن تقر الأحاديث كما وردت، لتنجو من معرة الخطر).
3 - وأما قولهم: إن مثل هذه النصوص محمولة على أن شارك الكافر في بعض أحكامه وهو وجوب القتل... فالجواب أن يقال: - ما المسوغ لاستحلال دم تارك الصلاة وهو ليس بكافر عندكم؟
لقد تقرر – شرعاً – أن قتل المسلم لا يستباح إلا بإحدى ثلاث:- ترك دين، وإراقة الدم المحرم، وانتهاك الفرج المحرم.
فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: - ((لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: - الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة))
فتارك الصلاة ليس قاتلاً، ولا زانياً محصناً، فلم يبق إلا أن يكون إباحة دمه من أجل ردته.
يقول ابن حزم – وهو ممن يرى عدم كفر تارك الصلاة – جواباً عن القائلين بقتل تارك الصلاة دون كفره:- (أما مالك والشافعى فإنهما يريان تارك الصلاة مسلماً؛ لأنهما يورثان ماله، وولده، ويصليان عليه، ويدفنانه مع المسلمين... فإذا ذلك كذلك فقد سقط قولهما في قتله؛ لأنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنى بعد إحصان، أو نفس بنفس، وتارك الصلاة متعمداً لا يخلو أن يكون كافراً. أو يكون غير كافر، فإن كان كافراً فهم لا يقولون بذلك... فإذا ليس كافراً، ولا قاتلاً، ولا زانياً محصناً.. فدمه حرام بالنص).
4 - أما قولهم إن المراد بهذه الأحاديث من استحل ترك الصلاة، أو تركها جحوداً... فجوابه أن يقال:- إن هذه الأحاديث – كحديث جابر وبريدة ونحوهما... قد علقت الكفر بترك الصلاة، فمناط الحكم بالكفر فيها ترك الصلاة، وقد يكون هذا الترك جحوداً، أو تهاوناً وكسلاً.
فمن قال إن تارك الصلاة لا يكفر إلا إذا كان جاحداً لوجوبها، فقد جعل مناط الحكم في هذه المسألة غير ما حدده الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم إنه على هذا التأويل لا فرق بين الصلاة وغيرها، فلا تكون إقامتها عهداً وحداً يعرف به المسلم من الكافر؛ لأن من ترك شيئاً من شعائر الإسلام وفرائضه الظاهرة جحوداً لوجوبها فهو كافر بالإجماع، فجحد الوجوب لا يختص بالصـلاة وحدها، مع أن الصحابة رضي الله عنهم قد جعلوا ترك الصلاة هو مناط الكفـر دون بقية الأعمال، كمـا حكى ذلك عنهم أبو هريرة رضي الله عنه وعبد الله بن شقيق العقيلي رحمه الله.
ومن المناسب – في خاتمة هذه المناقشة – أن نشير إلى أن بعض القائلين بعدم تكفير تارك الصلاة، قد سلكوا في بعض استدلالهم مسلك الإرجاء.
فهم يقولون – مثلاً – إن الكفر جحود التوحيد، وإنكار الرسالة والمعاد وجحد ما جاء به الرسول، وهذا يقر بالوحدانية شاهداً أن محمد رسول الله، مؤمناً بأن الله يبعث من في القبور، فكيف يحكم بكفره؟ والإيمان هو التصديق، وضده التكذيب، لا ترك العمل، فكيف يحكم للمصدق بحكم المكذب الجاحد؟
وجواباً عن ذلك نقول: قد تقرر عند أهل السنة أن الإيمان قول وعمل، فليس تصديقاً فحسب، ومن ثم فإن مقابله هو الكفر قول وعمل، فقد يكون الكفر قولاً قلبياً، وقد يكون عملاً قلبياً، وتارة قولاً باللسان، وتارة عملاً بالجوارح ...
ويقـول أيضاً: - يلزم من تكفير تارك الصلاة أن يكفر القاتل والشاتم للمسلم، وأن يكفر الزاني، وشارب الخمر...
والجواب: - أن هذا اللازم يلزم المبتدعة عموماً... سواء كانوا وعيدية أو مرجئة والذين جعلوا الكفر خصلة واحدةً، بناء على ظنهم الفاسد أن الإيمان شيء واحد يزول كله بزوال بعضه، وقد دلت النصوص أن الكفر مراتب وشعب متفاوتة، كالإيمان، فمن شعب الكفر ما يخرج من الملة، ومنها مالا يخرج من الملة.
الترجيح
بعد هذا العرض التفصيلي لأدلة الفريقين واستدلالاتهم ومناقشتها، يظهر أن أدلة القائلين بتكفير تارك الصلاة أصح وأقوى.
إلا أن الراجح ... ولعله القول الوسط بين الطرفين، وبه تجتمع الكثير من أدلة الفريقين، وهو أن يقال: إن ضابط ترك الصلاة الذي يعد كفراً – ها هنا – هو الترك المطلق الذي هو بمعنى ترك الصلاة من حيث الجملة الذي يتحقق بترك الصلاة بالكلية، أو بالإصرار على عدم إقامتها، أو بتركها في الأعم الأغلب، وليس مناط التكفير – ها هنا – مطلق الترك للصلاة بحيث يلزم أن نكفر كل من ترك صلاة واحدة أو بعض صلوات .
ويشهد لذلك جملة من الأدلة، منها ما يلي: -
1- قوله تعـالى: - { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } [مريم: 59]
فالمراد من تضييع الصلاة – هاهنا – تركها بالكلية كما قاله محمد بن كعب القرظي وزيد بن أسلم والسدي واختاره ابن جرير.
2 - وقوله صلى الله عليه وسلم ... ((خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة، فمن حافظ عليها كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة)) فهذا الحديث صريح في الفرق بين الترك المطلق، وبين مطلق الترك.. يقول ابن تيمية رحمه الله: - (فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما أدخل تحت المشيئة من لم يحافظ عليها، لا من ترك، ونفي المحافظة يقتضي أنهم صلوا ولم يحافظوا عليها...)
ثم قال: (فإن كثيراً من الناس، بل أكثرهم في كثير من الأمصار لا يكونون محافظين على الصلوات الخمس، ولا هم تاركيها بالجملة، بل يصلون أحياناً ويدعون أحياناً، فهؤلاء فيهم إيمان ونفاق، وتجرى عليهم أحكام الإسلام الظاهرة...)
ويقول في موضع آخر: - _فأما من كان مصراً على تركها لا يصلي قط، ويموت على هذا الإصرار والترك فهذا لا يكون مسلماً، لكن أكثر الناس يصلون تارة، ويتركونها تارة، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها، وهؤلاء تحت الوعيد، وهم الذين جاء فيهم الحديث الذي في السنن حديث عبادة بن الصامت – ثم ساق الحديث المذكور -)
3- قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن أول ما يحاسب به العبد صلاته، فإن أتمها، وإلا نظر هل له من تطوع، فإن كان له تطوع، أكملت الفريضة من تطوعه))
والانتقاص هنا عام يتناول ترك الأداء لبعض الصلوات... وهذا من مطلق الترك الذي لا يعد كفراً، ومن ثم صارت مقبولة، وأكملت بالتطوع، والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eldaaia-gantelfrdous.yoo7.com
 
تابع -2- المبحث الثاني: الصلاة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المبحث الثاني: الصلاة
»  المبحث الثاني: مرتبة الإيمان
» المبحث الثاني: نقل أقوال السلف في الاستثناء مع التوفيق بينها
»  المبحث الثاني: حالات ورود لفظ الإيمان والإسلام في كلام الله ورسوله
» المعاصي وأثرها على الإيمان عند أهل السنة والجماعة » المبحث الثاني: الفاسق الملي » المطلب الأول: تعريف الفسق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الداعية جنة الفردوس :: العلوم الشرعية :: علم العقيدة-
انتقل الى: